روحاني بوتين إيران

روحاني بوتين إيران؟

روحاني بوتين إيران؟

 العرب اليوم -

روحاني بوتين إيران

حازم صاغية

يرى متابعون للشأن الإيرانيّ، وهم مُحقّون في ذلك، أنّ قادة الشبّان الذين هاجموا السفارة الأميركيّة في طهران واحتجزوا موظّفيها، بُعيد ثورة 1979، هم أنفسهم قادة التوجّه الجديد نحو الغرب، يتزعّمهم رئيس الجمهوريّة حسن روحاني ووزير خارجيّته محمّد جواد ظريف. أمّا أكثر ما يشدّ هؤلاء إلى الغرب، وخصوصاً الولايات المتّحدة، فنزعتهم النيوليبراليّة في الاقتصاد والتجارة الخارجيّة، فيما الكرامة الوطنيّة واحترام الغرب لها هما العنصر الذي يعيّن هذا الانشداد ويرسم حدوده. ولهذه الأهداف حصراً اتّجه اهتمامهم بمفاوضة أعضاء مجلس الأمن زائداً ألمانيا على نحو يصون كراماتهم الشخصيّة والوطنيّة ويدفع الغرب إلى احترامهم. وفي الخلاصة، تحقّق لهم انتصارهم الأكبر، أي الاتّفاق النوويّ الذي يرفع العقوبات ويتيح لسوق إيران أن تتواصل مع السوق العالميّة وتندمج فيها.

والحال أنّ الانتقال من الراديكاليّة الجامحة لأواخر السبعينات إلى النيوليبراليّة راهناً ليس بالأمر المستغرب. ففضلاً عن مرور الزمن وما ينطوي عليه من تجارب ومعانٍ وتغيّرات، ليست تلك الراديكاليّة نقيض هذه النيوليبراليّة، حتّى لو نطقت بلسان "الموت لأميركا" أو وصفت الأخيرة بـ "الشيطان الأكبر". ذاك أنّ الثورة الإيرانيّة نشأت أصلاً في مناخ من التحوّل العالميّ عن الرواية اليساريّة، ذات المصدر الماركسيّ – اللينينيّ، لتناقضات العالم: فبدل الاقتصاد حلّت الثقافة، وبدل الإمبرياليّة حلّ الاستكبار والاستشراق والغزو الفكريّ. والاستبدال هذا إنّما عزّزه فقدان الإيديولوجيا السوفياتيّة، في ظلّ التخشّب البريجنيفيّ، آخر ما تبقّى لها من جاذب، وصعود التأويلات الماهويّة والنسبيّات الثقافيّة والعداء للفكر الغربيّ من غير تمييز فيه. وفي هذا المركّب الجديد حضرت مناهضة الشيوعيّة بنسب متفاوتة ما بين القائلين "لا شرقيّة ولا غربيّة" في أزقّة طهران وهجّائي الاستشراق والمركزيّة الأوروبيّة في جامعات الولايات المتّحدة وأوروبا الغربيّة، أو على الأقلّ لم تكن النيوليبراليّة الاقتصاديّة أصلاً مُدانة أومرفوضة في البيئة هذه. فكلّ ما هو مطلوب من نيوليبراليّي الغرب، في ظلّ تغليب العناصر الثقافيّة والشعوريّة، أن "يحترموا" الكرامة الجريح والثقافة الجريح للإيرانيّين.

لكنْ إذا صحّ أنّ الدينيّ والقوميّ تآلفا دوماً داخل الخمينيّة وسلطتها، فهذا ما لم يخلُ من توتّرات تعاقب على التعبير عنها المهدي بازركان وأبو الحسن بني صدر وهاشمي رفسنجاني ومحمّد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد، كلّ بطريقته. غير أنّ روحاني، مكلّلاً بنجاح الاتّفاق النوويّ ومستفيداً من توسّع رقعة المتضرّرين من الحصار، ومن تعاظم أعداد المُشتَهين الإيرانيّين لطريقة الحياة الأميركيّة، يوحي بالرغبة في أن يخطو خطى أكبر على هذا الصعيد.

وهذا ما قد يفسّر احتدام السجال الحاليّ حول الاقتصاد تحديداً. فقبل ثلاثة أيّام، وللمرّة الثانية، انتقد الرئيس الإيرانيّ، على هامش افتتاحه مشاريع عمرانيّة بمناسبة الذكرى الـ37 لانتصار الثورة، اقتصاد "الحرس الثوريّ" المتضخّم من دون تسميته، كما ربطه بالفساد الذي يضطلع بـ "تهريب السلع وبمنع تطوّر الإنتاج".

إلاّ أنّه يفسّر أيضاً طموح روحاني لأن يكون بوتين إيران، بوصفه ممثّل الكرامة الوطنيّة وقوّة الدولة، من داخل ما تتيحه الإيديولوجيا الدينيّة الحاكمة. لكنْ إذا كان الفارق الأصغر بين الرجلين أنّ بوتين فاسد فيما روحاني غير معروف بالفساد، فالفارق الأكبر أنّ واحدهما تترصّده عيون الوليّ الفقيه، معافى كان أم مريضاً، بينما الثاني وليّ فقيه نفسه.

arabstoday

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 08:51 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

الذهنية الطائفية

GMT 09:13 2024 الأحد ,11 آب / أغسطس

فى انتظار الحرب الإقليمية!

GMT 08:29 2024 الأحد ,11 آب / أغسطس

إيران وإسرائيل وصراع الهويات

GMT 10:48 2024 الخميس ,30 أيار / مايو

إيران بعد رئيسي: "سلسلة فولاذية للقيادة"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روحاني بوتين إيران روحاني بوتين إيران



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab