انهيار الجبهة الشرقية

انهيار الجبهة الشرقية

انهيار الجبهة الشرقية

 العرب اليوم -

انهيار الجبهة الشرقية

غسان الإمام

بعد مرور أربع وثلاثين سنة، على إنهاء نظام السادات المجابهة العربية مع المشروع الصهيوني، على الجبهة الغربية (المصرية)، يستكمل نظام بشار الكارثة، بإسدال الستار على المجابهة بين الأمة العربية وهذا المشروع، بالسماح بانهيار الجبهة الشرقية (السورية). فقد فضل النظام خوض المواجهة ضد أمته العربية، على خوضها ضد عدوها التاريخي المحتل لأرضها. مع بدء معركة تحرير دمشق، سارع نظام بشار إلى سحب معظم القوات السورية من جبهة الجولان، وزج بها في معركة الدفاع عن نفسه. وكيانه، بعدما راحت قوى التنظيمات الثورية تطبق الحصار على دمشق التي لا يفصلها عن مواقع الجيش الإسرائيلي سوى 35 كيلومترا. الواقع هو أن تشكيل الفرقة الرابعة المدرعة السورية كان خدعة كبيرة. فقد أوهم حافظ الأسد رئاسة الأركان السورية، بأن تشكيل هذه الفرقة سيكون بمثابة قوة احتياط إضافية، لتعزيز الاستراتيجية الدفاعية السورية، إذا ما فكر الإسرائيليون في التقدم نحو دمشق. الثورة كشفت هذا الواقع المخادع. فقد تبين أن هذه الفرقة الطائفية «المدللة» بالامتيازات التي منحت لها، هي للدفاع عن النظام العلوي. لا عن الدولة. ولا عن الجولان. فقد نُشرت ألويتها على شكل مروحة محيطة بدمشق، لقطع الطريق على أية محاولة انقلابية، ولحراسة القوى الأمنية (الشبيحة) التي أقيمت لها «مستوطنات» سكنية داخل منطقة دمشق الإدارية، لمنعها من التواصل والتطبيع مع المجتمع المدني. بات طريق دمشق اليوم مفتوحا أمام القوات الإسرائيلية. وقد سبق لهذه القوات أن حاولت خلال حرب أكتوبر/ تشرين (1973) شق طريقها رأسا إلى دمشق، بعدما ثَبَّتَتْ مواقعها على الجبهة المصرية، وفي الجولان الذي تبادلته الأيدي ثلاث مرات مع القوات السورية. الغباء الإعلامي للنظام السوري حال دون كشف تفاصيل المعركة المشرفة التي خاضتها القوات السورية آنذاك، فيما قدم المصريون تفاصيل إعلامية كاملة عن اقتحامهم الرائع للمواقع الإسرائيلية، على الضفة الشرقية لقناة السويس. فاجأتني الحرب آنذاك. كنت قد انتقلت من بيروت إلى دمشق لقضاء إجازة «الويك إند» عند الأهل، فإذا بي أضطر لقضائها مع زملاء صحافيين، في موقع خلفي على الجبهة، أمنته وزارتا الدفاع والإعلام لنا على مسؤوليتنا. انكفأت الدبابات الإسرائيلية أمام مدافع قَطَنا (التي يسلطها النظام اليوم على أهل المدينة الباسلة)، لتكرر محاولة الوصول إلى دمشق، عبر محور درعا. فصدتها القوات الأردنية والسعودية المرابطة في سهل حوران الممتد من دمشق إلى درعا جنوبا. ثم وصلت القوات العراقية متأخرة عبر الصحراء. لكن صدام عاد فسحبها بسرعة. غياب الوعي السياسي والوحدة التنظيمية للجيش السوري «الحر» كاد يتسبب بكارثة أخرى في هذه الأيام. فقد احتلت قوات متأسلمة محلية ومستوردة 25 كيلومترا من الخط الدولي لفصل الاشتباك في الجولان، بعد انسحاب القوات النظامية. و«أسرت» نحو ثلاثين مراقبا دوليا يعملون في المنطقة المحايدة. بعد جهد جهيد، أقنعتها قيادة الجيش «الحر» بإطلاق سراح الأسرى الدوليين، كي لا تتخذهم إسرائيل حجة للتدخل، واستكمال احتلال الجولان واستيطانه، بعد انهيار الجبهة الشرقية. القوات المتأسلمة موجودة اليوم في بعض المنطقة المحايدة الممتدة سبعين كيلومترا من منحدرات جبل الشيخ الثلجي، إلى مثلث الحدود السورية/ الأردنية/ الإسرائيلية جنوبا. القوى الإسلامية لا تدرك أن المصالحة الإسرائيلية/ التركية التي رعاها الرئيس الأميركي أوباما قد يكون لها بعد سياسي واستراتيجي سلبي سيئ للقضيتين السورية والفلسطينية، إذا ما دعيت تركيا التي يحكمها نظام متأسلم، إلى التوسط والضغط على نظام سوري مماثل، بعد سقوط نظام بشار، من أجل توقيع اتفاق «صلح وسلام»، يرفرف بموجبه العلم الإسرائيلي في دمشق عاصمة الدولة «الإخوانية» المتأسلمة. أعود إلى معركة دمشق، فأسأل: هل النظام قادر على الصمود، إلى «اللحظة الأخيرة»، كما يؤكد سعيد الصحاف وزير إعلام صدام الذي غدا وزير إعلام بشار؟ عمران الزعبي يتكلم من مخبئه في الطابق السفلي لوزارة الإعلام. ولا يرى قنابل الهاون المتساقطة داخل المنطقة الإدارية، تماما كما ظل الصحاف ينفي دخول القوات الأميركية الغازية بغداد، إلى أن باتت دباباتها تظهر خلفه على الشاشة التلفزيونية. قوات النظام لا تملك العمق الاستراتيجي في دمشق، للمناورة. وللدفاع بالدبابات، في مدينة تكتظ منطقتها الإدارية المحدودة المساحة، بثلاثة ملايين إنسان. المدن الصغيرة المجاورة (دوما. زَمَلْكا. حَرَسْتا. عِرْبين...) التي دمرها النظام، لجأ سكانها المدنيون إلى داخل دمشق، فيما باتت خرائبها تعج بألوف وألوف الثوار من أهلها، ومن الزاحفين من الشمال والجنوب. وكلهم مدربون على قتال المدن. عشت في بيروت الأعوام الثلاثة الأولى، من الحرب الأهلية اللبنانية. مدفع الهاون هو السلاح الاستراتيجي في قتال المدن. سلاح بسيط التركيب والاستعمال. لكنه مخيف. القنبلة تنطلق إلى الأعلى متجاوزة المباني، لتسقط في منطقة محددة، قد لا تبعد أكثر من كيلومترين. قوات النظام السوري مستعدة لدك المنطقة الإدارية، إذا تسلل إليها الثوار، وذلك من مدافع الجبال الشمالية والغربية التي ما زال يسيطر عليها. لا فرق عنده، كما أثبتت معركة حلب، بين الثوار ومدنيي الطبقة الوسطى الموالين له. ليست «الشبيحة» العلوية هي التي تطيل أمد الحرب، إنما أيضا، هذا الانحياز الشائن للطبقة الوسطى التي تحسنت أوضاعها، في حلب ودمشق. فَأَثْرَتْ سواء من عملها في دول الخليج، أو من مشاركة النظام العلوي والطبقة البورجوازية السنية، في الفساد المروع. الطبقة الوسطى السورية فقدت القيم المثالية لهذه الطبقة، في عشقها للحرية. والتزامها بالديمقراطية. واحترام القانون. الطبقة الوسطى السورية التي تمردت على نظام عبد الناصر العروبي، وأسقطته، أَلِفَت العيش، في خنوع خمسين سنة، تحت نير نظام طائفي. مافيوي، مستعد للتضحية بها في مذبحة دمشق. أحسنت قطر في فتح سفارة للثورة السورية في الدوحة. لكن ساسة الشاشة و«الكَنَبَة» الهواة لا يصنعون الثورات. السلاح هو الذي يمنح قادة الميدان الشرعية الثورية، للينين. وستالين. لماو تسي تونغ. لهو شي مينه العامل الفيتنامي في مصنع للسيارات بضواحي باريس العشرينات. لإبراهيم هنانو وحليفه الشيخ صالح العلي اللذين قادا الثورة في الشمال تحت أعلام سوريا العروبة. وللطبيب عبد الرحمن الشهبندر الذي غادر عيادته، ليقود أكبر ثورة في تاريخ سوريا. ولينادي بالأمير الدرزي سلطان الأطراش زعيما للثورة بعدما أَفْنَى لواءين من قوات الانتداب. ليست المشكلة في الثوار. المشكلة في القادة. ما زال ضباط الثورة غير قادرين على توحيد تنظيمات الجيش «الحر». وما زال «ضباط» السياسة غير قادرين على توحيد صفوفهم، والالتحام بالعسكر في المناطق المحررة. الشيخ معاذ الخطيب طالب بالتفاوض مع نظام قاتل. ثم استقال من رئاسة «الائتلاف». ثم جلس على «كنبة» بشار في القمة. ثم ألقى خطابا عاطفيا. منبريا. هز فيه سيفه الخشبي في وجه أوروبا وأميركا! فأجلت فرنسا وبريطانيا وأميركا تسليح الثوار. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انهيار الجبهة الشرقية انهيار الجبهة الشرقية



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab