لعبة إردوغان الخطرة

لعبة إردوغان الخطرة

لعبة إردوغان الخطرة

 العرب اليوم -

لعبة إردوغان الخطرة

أمير طاهري


تبعا لما أعلنت عنه حكومات غربية، فإن أكثر من 12 ألفا من مواطنيها سافروا لسوريا للانضمام لما يدعى تنظيم داعش للقيام بأدوار متنوعة، منهم مقاتلون في الصفوف الأمامية. وتكشف تقديرات أخرى أن ما يزيد على 8 آلاف مواطن من نحو 20 دولة سافروا للمنطقة الخاضعة لسيطرة «داعش» لتقديم العون للتنظيم. والتساؤل الذي يفرض نفسه هنا: كيف يصلون إلى هناك؟
بالنظر لتصريحات مسؤولين غربيين، بينهم رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، فإن الإجابة هي أن هؤلاء الأشخاص يمرون عبر تركيا. ومن ناحيته، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، إن حكومته على اتصال بالسلطات التركية لاقتفاء أثر عدد من المراهقات البريطانيات المشتبه في انضمامهن لـ«داعش».
في الوقت ذاته، أعلنت السلطات العراقية إطلاقها النار على عدد من الطائرات المشتبه في تهريبها أسلحة وإمدادات لـ«داعش». ومن جديد يظهر التساؤل: أي دولة استغلت هذه الطائرات مجالها الجوي للوصول لـ«داعش»؟
وهنا أيضا يظهر اسم تركيا مجددا باعتباره الإجابة الواضحة.
توحي مصادر استخباراتية نقلت عنها وسائل الإعلام، بأن «داعش» يتمتع بميزانية تبلغ قرابة ملياري دولار، وينتمي جزء من هذه الأموال لمصارف في مدن عراقية وسورية سيطر عليها التنظيم خلال الأشهر الـ18 الماضية، بينما يعود جزء آخر لعائدات صادرات النفط من الحقول النفطية التي سيطر عليها «داعش» في سوريا والعراق.
وأفادت تقارير بأن «داعش» يعرض على المتشددين رواتب جذابة، علاوة على تحمله تكاليف تشغيل تقدر بقرابة 20 مليون دولار شهريا، يجري تغطية جزء منها على الأقل بالاعتماد على تبرعات واردة من الخارج.
ومجددا يظهر التساؤل: كيف تصل الأموال لعاصمة «داعش» في الرقة؟
هنا، تتسم الإجابة بقدر أكبر قليلا من التعقيد.
إذا دخلت لأي مكتب لتحويل الأموال في لندن أو باريس أو برلين، فلن تجد صعوبة تذكر في إرسال أموال نقدية لأي عنوان في سوريا، شريطة ألا تزيد على ألفي دولار. إلا أنه فيما يخص التحويلات الكبرى، نجد أنها تمر عبر المصارف التركية، بالاعتماد عادة على أفرع في فيينا والقطاع التركي من قبرص.
ودعونا نطرح سؤالا آخر: كيف يتمكن «داعش» من إطعام سكان المناطق الخاضعة لسيطرته وتوفير الإمدادات الطبية والدوائية لهم، مع العلم أن أعدادهم تقدر بـ2.8 مليون نسمة؟
تشير الإجابة مجددا نحو تركيا في صورة خط لا نهاية له من الشاحنات الثقيلة التي تمر عبر الحدود يوميا، غالبا تحت سمع حرس الحدود التركي وبصره.
ولا شك أن هذا سلوك غريب بكل المقاييس، خاصة أن تركيا عضو بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، نظريا على الأقل، بجانب كونها حليفا للولايات المتحدة التي، نظريا على الأقل، تقود تحالفا لمحاربة «داعش».
ويعني ذلك أنه في الوقت الذي يدعي فيه عضو في «الناتو» محاربة «داعش»، فإن آخر يعمل على تمكين التنظيم ليس من مقاومة الهجمات ضده فحسب، وإنما توسيع دائرة سيطرته أيضا.
للوهلة الأولى، لا يبدو الأمر منطقيا، لكن عند إمعان النظر تظهر بعض المؤشرات التي قد تقدم لنا تفسيرا أوليا، فالرئيس التركي رجب طيب إردوغان مقتنع بأن نظيره الأميركي باراك أوباما، غير جاد في حربه ضد «داعش». ويرى إردوغان أن استراتيجية أوباما ستؤدي للهيمنة الإيرانية على العراق وأجزاء من سوريا، بجانب لبنان التي تمارس إيران سيطرتها عليها من خلال «حزب الله».
الأسوأ من ذلك، من وجهة نظر أنقرة، أن سياسة أوباما قد تؤدي لظهور دولة كردية صغيرة على الحدود الجنوبية لتركيا مع سوريا. وسعيا لمواجهة الهيمنة الإيرانية والحيلولة دون ظهور دولة كردية في سوريا، تحتاج تركيا لوجود «داعش» كثقل موازن، بل ويشك إردوغان في قبول أوباما لدور لبشار الأسد في إطار صفقة شاملة مع إيران. والواضح أن صداقة وزير الخارجية جون كيري القديمة مع حاشية الأسد تضفي مصداقية أكبر على هذه المخاوف.
كما أن إردوغان صاحب العقلية المتشككة يخشى من أن واشنطن ربما تخطط بالفعل لإسقاط نظامه عبر الترويج لفتح الله غولن ليكون زعيما بديلا في أنقرة. المعروف أن غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة على اتصال منتظم مع إدارة أوباما التي تتجاهل مطالب أنقرة بتسليمه إليها بناء على اتهامات مفبركة في معظمها.
كما أن الحملة الإعلامية الشعواء التي يشنها موالون لإيران ضد إردوغان تؤجج شكوك الرئيس التركي بخصوص وجود مخطط أميركي - إيراني للإطاحة به. ويشعر إردوغان بغضب خاص حيال رفض أوباما اتخاذ أي إجراء ضد حاشية الأسد. وتنظر أنقرة لخطة الرئيس الأميركي لتدريب مقاتلين مناهضين للأسد داخل تركيا باعتبارها محاولة للخداع للتمويه على استراتيجية أخرى أعمق وأخطر.
وعليه، فإنه فيما يتعلق بإردوغان، يبدو التحالف التكتيكي بين أنقرة والرقة منطقيا، على الأقل على المدى القصير. ويعتقد إردوغان أن الأمور ستتحسن في غضون عامين، ويأمل تحديدا الفوز في انتخابات عامة أخرى هذا العام، ما يمكنه من تعزيز قبضته على الحكم لخمس سنوات أخرى. وفي هذا الإطار، يشارك في مفاوضات مكثفة مع الزعيم الكردي المسجون عبد الله أوغلان للتوصل إلى اتفاق يجذب إليه الناخبين الأكراد في شرق الأناضول، ذلك أنه من دون الأصوات الكردية سيجابه إردوغان صعوبة في الحصول على أغلبية الأصوات بباقي أرجاء تركيا حيث تتصاعد المعارضة ضد حكمه.
كما يعتقد إردوغان أن فصيل رفسنجاني المسيطر حاليا على الرئاسة في إيران سيمنى بهزيمة ساحقة في الانتخابات الإيرانية العامة العام المقبل، وبالتالي سيعجز عن الوفاء بوعوده لواشنطن. الأهم من ذلك أن إردوغان يعي أن إدارة أوباما تقترب من نهايتها، ورغم محاولات أوباما تقييد أيدي خلفه، فإنه لن يقدم أي رئيس أميركي في المستقبل على اتباع سياسة واشنطن الخارجية المعقدة الراهنة (حتى حال انتخاب هيلاري كلينتون رئيسة، فإنها ستعمل على التخلص من استراتيجية أوباما المدمرة).
ولكل هذه الأسباب، يمكننا القول إن استراتيجية إردوغان معيبة وانتهازية، ذلك أن الدعم الضمني لـ«داعش» ربما كان سيحمل منطقا لو أن «الخليفة» المزعوم يتمتع بتأييد حقيقي في صفوف المواطنين العاديين على الأقل داخل المناطق التي يسيطر عليها، ناهيك عن الدول العربية في الشرق الأوسط ككل. بيد أن الأدلة المتوافرة توحي بأن «داعش» يفتقر إلى الشعبية حتى في أوساط الراديكاليين من السنة العرب. وعليه، فإنه بمجرد سحق «داعش»، وهو أمر مؤكد حدوثه، فإن تركيا قد تجد نفسها في صف الخاسرين بخسارتها حلفاءها في «الناتو»، وتحولها لدولة معزولة داخل محيطها الإقليمي.
ورغم أن إردوغان ينتقد أوباما لعجزه عن رؤية أن الأسد و«داعش» وجهان لعملة واحدة، فإنه شخصيا يقع في الخطأ ذاته، لكن بالعكس باعترافه بشرور الأسد، وتجاهله شرور «داعش» التي لا تقل سوءا.

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة إردوغان الخطرة لعبة إردوغان الخطرة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab