«الضباب» في بلادنا

(«الضباب» في بلادنا)

(«الضباب» في بلادنا)

 العرب اليوم -

«الضباب» في بلادنا

جهاد الخازن

أترك السياسة لأهلها، وأبقى اليوم على هوامشها حتى لا «يطفش» القراء، وأبدأ بمعلومة أو تصحيح، فالكل سمع أن لندن «مدينة الضباب» مع أن لا ضباب في لندن منذ أكثر من مئة سنة بعد أن أُخرِجَت المصانع من العاصمة فانتهى التلوث والضباب. أيضاً لندن مدينة لا تعرف الثلج أكثر من يوم أو يومين في السنة، وهذا كل ثلاث سنوات أو أربع. ومع ذلك فقد هطل الثلج في لندن هذه السنة أياماً وأسابيع بشكل لم أعرفه منذ جئت للإقامة فيها عام 1975. كنت سمعت الذي قال إن ارتفاع الحرارة حول العالم سببه نهاية الحرب الباردة، إلا أن الطقس هذه السنة أثبت خطأ الكلام عن ارتفاع الحرارة، فقد كانت في لندن قريبة من الصفر يوماً بعد يوم، ما جعلني ألغي زيارة الى متحف الشمع لأنني كنت أريد رؤية المعروضات قبل أن تذوب. انتقلت من لندن الى مصر في زيارة خاطفة ووجدت الحرارة كما أتمنى، إلا أنها كانت فرحة لم تطل، فقد كانت هناك رياح قوية أثارت غباراً ولم أكن أحمل نظارات شمسية، فكنت أغلق عيني أحياناً في شوارع يحتاج السائر فيها الى عين ثالثة في مؤخرة رأسه حتى لا يصبح خبراً مرورياً آخر. ذهبت الى مصر وأنا أفكر في سورية وكل بلد عربي، من السودان الى العراق وليبيا وغيرها، ولا أرى سوى كوارث متلاحقة ذكرتني بما أعرف عن لبنان في الخمسينات. ففي عام 1954 كان حريق مدرسة المقاصد الذي قتل عدداً من الطلاب، وفي عام 1955 فاض نهر أبو علي في طرابلس وأوقع 44 قتيلاً، وفي عام 1956 وقع زلزال راح ضحيته 149 شخصاً. ولم يكد اللبنانيون يتنفسون الصعداء عام 1957 حتى جاءت الحرب الأهلية القصيرة عام 1958، فأرهصت لحرب السنوات الخمس عشرة التي انتهت عام 1989/1990. وتركت لنا الخمسينات المَثل الشعبي «حريق وغريق وتشمطط عالطريق». هل تكرر الأمة كلها تجربة لبنان، وبعد سنتين على الربيع المزعوم ندخل سنة كارثية ثالثة ورابعة ثم آتٍ أعظم؟ لا أعرف جواباً فأبقى على هوامش السياسة كما وعدت. المعارضة في مصر تتهم الجماعة بمحاولة أخوَنة مصر. إذا كان هذا صحيحاً، ومع حُسن علاقة الإخوان المسلمين بالولايات المتحدة، فهم ربما تبعوا مثل «القبعات الخضراء»، أو القوات الخاصة في الجيش الاميركي، فشعارها: إذا أمسكتهم من «مناطقهم الحسّاسة» فقلوبهم وعقولهم ستتبعك. لا أعتقد أنهم سيفعلون وليست عندي اقتراحات أخرى لهم، ولكن أراجع بعض ما أذكر من الدراسة في مدارس أجنبية وجامعات عن حسنات الإنسان وسيئاته، فأقترح عليهم دراسة شيء من الثقافة الغربية، فقد علمونا أن الأخطاء المميتة سبعة هي، الكبرياء والطمع والشهوة والحسد والجشع والغضب والكسل. أما الفضائل الأساسية فأربع هي، الحصافة، بمعنى حُسن التدبير أو الرأي كما في قول المتنبي: الرأي قبل شجاعة الشجعان...، والعدالة، والاعتدال بمعنى ضبط النفس، والجَلَد، أي الثبات والصبر. ربما لاحظ القارئ أنني لم أحاول شرح أي من الأخطاء المميتة، فهي تشرح نفسها، في حين أن الفضائل بحاجة الى شرح. وكنت سمعت مرة عن لاعب كرة قدم لم يصبح لاعباً عظيماً بسبب شيئيْن هما قدماه. ولعل بعض المسؤولين العرب عندهم مشكلة مشابهة، فشيئان يمنعانهم من أن يصبحوا عظاماً هما العقل والتجربة. أرجو أن يبتعد الإخوان عن الخطايا المميتة وأن يمارسوا الفضائل رحمة بسمعتهم ومستقبل مصر. لا أدري سر غضب الجماعة على الصحافة وعلى باسم يوسف تحديداً، فعند الجماعة أيضاً برنامج ساخر رائج ويقدمه نجم تلفزيوني ناجح الى درجة أنه عندما بدأ بث البرنامج بيع مليون جهاز تلفزيون، والمواطن الذي لم يقدر أن يبيع تلفزيون بيته كسّره. عدت الى لندن وفي يدي «المصري اليوم». أعرف المصري اليوم ولكن لا أعرف المصري غداً وأرجو له ولنا أياماً أفضل.  نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 07:16 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أميركا والهرب من السؤال الإيراني الصعب…

GMT 07:14 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

غزو برّيّ إسرائيليّ أم طوفان أقصى لبنانيّ؟

GMT 07:05 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«عصابة الماكس» بلا طموح فنى ضحك ولعب وبومب!

GMT 01:58 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

العدوُّ الأول

GMT 01:56 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

حديث استقرار على ضفاف النيل

GMT 01:54 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أدبُ الحجّ وحولَ الحجّ

GMT 01:52 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

السعودية... خدمة الحجاج مجد خالد تالد

GMT 01:50 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل غزة قريبة من نقطة التحول؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الضباب» في بلادنا «الضباب» في بلادنا



الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ العرب اليوم

GMT 06:44 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

مصر تمارس ضغوطًا للوصول إلى اتفاق هدنة في⁧ غزة
 العرب اليوم - مصر تمارس ضغوطًا للوصول إلى اتفاق هدنة في⁧ غزة

GMT 00:32 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

GMT 12:01 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

أرسنال يعلن عن وفاة نجمه السابق كامبل

GMT 03:57 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

قصف روسي على مدينة بولتافا الأوكرانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab