سورية الأسد يسير على خطى الفرنسيين

سورية: الأسد يسير على خطى الفرنسيين

سورية: الأسد يسير على خطى الفرنسيين

 العرب اليوم -

سورية الأسد يسير على خطى الفرنسيين

أمير طاهري

 هل حقق فريق بشار الأسد النصر في الحرب الأهلية السورية حقا؟
الاتجاه لدى المعلقين الغربيين هو الإجابة عن هذا السؤال بنعم واثقة.
والنبرة ذاتها تتكرر في طهران وموسكو، داعمي الأسد الرئيسيين في هذه الحرب المأساوية. فالجنرال قاسم سليماني، الذي يعتبره البعض الحاكم الفعلي لسوريا، يزعم أن قوة القدس حولت التوازن لصالح الأسد، فيما رأت قناة «روسيا اليوم»، الشبكة الإعلامية العالمية لفلاديمير بوتين، أن الأسد انتصر بالفعل في الحرب وأن الحياة في سوريا بدأت تعود إلى طبيعتها.
هل هذا التحليل يعكس الموقف الحقيقي في سوريا؟ كلا، فالموقف لم يتضح بعد.
الحقيقة أننا نعتقد أن الصراع على سوريا أنهى فصله الثاني فقط.
ولا أحد يعلم على سبيل اليقين ما سيجري في الفصل الثالث. وحتى في طهران لم يشعر الجميع بنفس سعادة سليماني. ففي لقائه برئيس الوزراء الباكستاني، الذي كان في زيارة إلى طهران، كان لرئيس الجمهورية الإسلامية الأسبق هاشمي رفسنجاني رأي مختلف، فقال للزعيم للباكستاني: «التدخل في سوريا مكلف ويؤدي إلى انقسام العالم الإسلامي ويحصد أرواحا بريئة، لكنه لن يصب في مصلحة أحد».
كان خروج قوات المعارضة السورية من حمص سببا في رواج نظرية «فوز الأسد» لكن، بالنظر إلى الصورة الأشمل، فخروج المعارضة رغم أهميته التكتيكية لفصيل الأسد إلا أنه في الحرب الأهلية لا يكون للأماكن في ساحة الحرب أهمية كبرى.
في الحرب الأهلية تضع الطائفة التي تتحدى النظام القائم نفسها في مأزق إذا سخرت قواتها ومواردها الضئيلة للسيطرة على الأرض. ولذا يعتمد المتحدي على التحرك والمباغتة، وتوجيه الضربات في المناطق التي يمكنها فيها ذلك والانسحاب حينما تشعر أنه في صالحها. فخلال الحرب الأهلية الصينية، بنى ماو زيدونغ سمعته كقائد حرب عصابات أكثر عبر انسحابات حصيفة أكثر من امتلاك الأراضي. والحقيقة أن المعسكر القومي الذي قاده الجنرال تشيانغ كاي شيك، كان له سيطرة اسمية على الكثير من الأراضي الصينية حتى المرحلة الأخيرة من الحرب.
وفي الحرب الأهلية تمارس السيطرة على الأراضي بصور متعددة؛ ففي بعض الأحيان، يمارس أحد الفصائل السيطرة في أحد الأيام ثم يسيطر عليها آخر في يوم آخر. كان ذلك هو ما جرى في الجزائر خلال حرب الاستقلال ضد فرنسا. وخاضت فيتنام الجنوبية تجربة مشابهة من «ميزان القوة» حتى نهاية التدخل العسكري الأميركي.
وفي حالات أخرى، يتحكم فصيل في الطرق الرئيسية فيما يتحكم الفريق المنافس في الطرق النائية. وهذا ما حدث في حرب المالايا التي استمرت أحد عشر عاما التي شاركت فيها بريطانيا إلى جانب المالايا ضد المتمردين الشيوعيين. وحدث موقف مشابه في أفغانستان في السنوات الأخيرة من النظام الشيوعي في كابل، حيث كان السوفيات يسيطرون على الطرق الرئيسية في الوقت الذي كان المجاهدون يتجولون في الريف.
وفي بعض الحالات، مثل الحرب الإسبانية مارست الفصائل المتنافسة درجات مختلفة لوجود فاعل في المناطق المختلفة من أنحاء البلاد. وسرعان ما تمكن القوميون من السيطرة على غالاتشيا لكنها لم تفرض نفسها في كتالونيا حتى المراحل الأخيرة من الصراع.
استراتيجية فصيل الأسد الحالية ليست سوى نسخة من خطة أمنية طبقها الفرنسيون بشكل جزئي في سوريا خلال الثورة التي قادها القائد الدرزي سلطان الأطرش في العشرينات. وقسمت الخطة سوريا إلى ثلاث مناطق، الأولى تدعى «سوريا المفيدة» والتي تعني دمشق وعددا قليلا من المدن، ترفع عليها القوة المحتلة أعلامها، إضافة إلى خطوط اتصال، وخاصة الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، المطلوب لأغراض اتصالية، بما في ذلك جلب قوات جديدة من الخارج. المنطقة الثانية وصفت بأنها المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، أما المنطقة الثالثة وتمثل المنطقة الرمادية التي يحارب فيها جيش الاحتلال المتمردين للسيطرة عليها، والتي يتبادل الجانبان السيطرة عليها بشكل متكرر، أحدهما يصبح هدفا ثابتا فيما يعمل الجانب الآخر كمهاجم متحرك والعكس بالعكس.
وفشلت استراتيجية «سوريا المفيدة»، وأعتقد أن نسخة الأسد المعدلة مهددة بالفشل أيضا.
والسبب في ذلك هو أنه خلال الانتداب الفرنسي لم يكن غالبية السوريين يريدون الحكم الأجنبي، واليوم ترفض أغلبية مشابهة هيمنة عشيرة الأسد.
وعلى خلاف أي صورة أخرى للحرب، فإن الحرب الأهلية حرب لكسب القلوب والعقول أكثر منها الحرب على المناطق. ووفق هذا المنظور، فإن موقف الأسد اليوم أضعف منه عند بداية الصراع. في تلك الفترة، كان الكثير من السوريين لا يزالون يعتقدون في قدرته على النصر، أو على الأقل لا يلومونه على الفظائع التي ارتكبت خلال حكم أبيه، لكنه الآن يشرف على المذابح بشكل أكبر مما جرى في حكم حافظ الأسد. فقبل ثلاث سنوات لم يكن يمتلك قدرا كبيرا من ذلك السجل. واليوم صار رجلا دمويا.
تنتهي الحرب الأهلية باعتراف المنافس بالهزيمة. وقد يحدث هذا دون تحقيق أي من الجانبين انتصارا مقنعا من الناحية العسكرية. وقد يكفي أن يعلن أحد الجانبين الاستسلام نتيجة تردي المعنويات لا الهزائم الفعلية على أرض المعركة. وأعتقد أن الجزء الأكبر من السوريين الذين ثاروا ضد الأسد لم تنخفض معنوياتهم لكي يعلنوا ذلك اليوم. فهم قادرون على تجميع صفوفهم ومواصلة حرب غير قوية ضد نظام لا يحظى اليوم بالشعبية التي كان يمتلكها قبل ثلاث سنوات.
أضف إلى ذلك أيضا أن الحرب الأهلية لا تخضع للقيود التقليدية في الحروب المألوفة التي تفرضها سلطات الدول المعنية. فقد تمتد الحرب الأهلية لعقود. فالحرب الأهلية بين «الأرستقراطيين» و«عامة الشعب» في روما القديمة استمرت 40 عاما. والحرب الأهلية في الكونغو - كينشاسا تمضي الآن في عقدها الثالث.
وزوال السبب الأصلي للحرب السورية هو القادر على نهايتها. والسبب الأصلي هنا هو الاستبداد. ورمز الاستبداد هنا هو بشار الأسد.

 

arabstoday

GMT 03:45 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

للأسف... وداعاً جو

GMT 03:42 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

عالم يركض كما نراه... هل نلحق به؟

GMT 03:39 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

والآن هل عاد ترمب وكسبت الترمبية؟

GMT 03:37 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

مارك روته ومستقبل «الناتو»

GMT 03:34 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

ماذا لو حدث!

GMT 03:28 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

شهادة أسامة سرايا!(١)

GMT 03:25 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

قطرة من كتاب

GMT 03:23 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

المواطن غير المطمئن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية الأسد يسير على خطى الفرنسيين سورية الأسد يسير على خطى الفرنسيين



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:01 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

أردوغان يرحب بمبادرات تطبيع العلاقات مع سوريا
 العرب اليوم - أردوغان يرحب بمبادرات تطبيع العلاقات مع سوريا

GMT 12:22 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

كيمياء الدماغ تكشف سر صعوبة إنقاص الوزن

GMT 09:48 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

العيش بالقرب من المطار قد يصيبك بالسكري والخرف

GMT 00:25 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الغرب والرغبة في انهياره!

GMT 11:18 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الجيش الإسرائيلي يعلن سقوط جندياً في معارك رفح

GMT 08:11 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب أذربيجان

GMT 00:22 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بناء الجدران يصل إلى إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab