بقلم : عبد اللطيف المناوي
يبدأ اليوم العام الرابع من الحرب الروسية الأوكرانية، الحرب التى بدأت فى ٢٤ فبراير ٢٠٢٢، ولم تنته حتى الآن. فبعد مرور ثلاثة أعوام من الحرب التى قد تُصنف فى المستقبل كأكثر الحروب عبثية فى العصر الحديث، تحول الصراع إلى اختبار حقيقى للتوازنات الدولية، حيث ألقت تداعياته بظلال ثقيلة على النظام العالمى.
كان السبب الرئيسى وراء إطلاق روسيا الحرب رغبتها فى منع أوكرانيا من الاقتراب من حلف شمال الأطلسى (الناتو) والاتحاد الأوروبى (اليورو)، ومطالبة بوتين للحلف بوقف التوسع شرقاً وسحب قواته من عدد من الدول الأوروبية، حيث توقع الروس فى الأسابيع الأولى للحرب بأنها ستكون عملية سريعة تنتهى بالسيطرة على العاصمة الأوكرانية، كييف، مثلما حدث فى ٢٠٠٨ عندما سيطرت موسكو على العاصمة الجورجية، تلبيسى فى بضعة أيام، ثم تبدأ المفاوضات، لكن ذلك لم يحدث.
أما الأوكرانيون ورئيسهم زيلينسكى فكانوا يتوقعون أن روسيا لن تطيل أمد الحرب بسبب الدعم الأوروبى والأمريكى اللامحدود، والذى بالتأكيد سوف يوقف موسكو عند حد معين، لكن ذلك لم يحدث أيضاً.
موسكو أصبحت تسيطر على نحو خمس أراضى أوكرانيا، وأنتجت وضعا قانونيا بقرارات ضم أربع مقاطعات فى جنوب وشرق أوكرانيا، يجعل من الصعب على بوتين أو أى رئيس مقبل أن يتنازل عن الأراضى التى أصبحت روسية.
أما أوكرانيا فتقول إنها ألحقت خسائر كبيرة بالجيش الروسى تمثلت فى غياب نصف الجيش الروسى عن الميدان بين قتيل أو مصاب، وتدمير ثلث أسطول البحر الأسود الروسى مثلاً.
ولكن ماذا عن النتيجة؟
النتيجة كانت العبث الذى نراه، ليس فقط فى حرب قيل إنها خلّفت مئات الآلاف من الضحايا، ولكن أيضا للتأثيرات المعقدة جداً على العالم، والتى طالت الغذاء.
ولم يكن الشرق الأوسط فى مأمن من التداعيات الاقتصادية للحرب، فقد أدى الصراع إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ما أثّر على الدول التى تعتمد على الاستيراد وفى قلبها مصر، فى المقابل حققت الدول المصدرة للنفط مثل الخليج، مكاسب اقتصادية كبرى نتيجة ارتفاع العائدات النفطية.
وعلى الصعيد الأمنى، أثارت الأزمة مخاوف من توتر العلاقات الدولية، ما دفع دولًا إلى لعب دور الوسيط بين موسكو وكييف.
اللافت أن الحرب الروسية الأوكرانية التى مر عليها ٣ سنوات، وربما يمر عليها سنوات أخرى، كشفت تحولات عميقة فى النظام الدولى، خصوصاً مع تولى ترامب رئاسة أمريكا مجدداً، لا سيما أنه بدا خلال فترة رئاسته الأولى معجباً بالرئيس الروسى بوتين، ما قوبل حينها بمعارضة شديدة، نظرًا للعداء التاريخى بين الدولتين، كما يقابل هذه الأيام بمعارضة أشد بسبب تصريحاته بعدم دعم أوكرانيا مجددًا، وقد تصورنا أن وجوده سيفرض كلمة النهاية على هذه الحرب، لا سيما أنه صرح بذلك قبل دخوله إلى البيت الأبيض، لكنه لم يستطع حتى هذه اللحظة.
ولا أدرى حقيقةً متى تنتهى هذه الحرب؟