مواسمُ الأعياد والقلوبُ الحلوة

مواسمُ الأعياد.. والقلوبُ الحلوة

مواسمُ الأعياد.. والقلوبُ الحلوة

 العرب اليوم -

مواسمُ الأعياد والقلوبُ الحلوة

بقلم: فاطمة ناعوت

هذا «عيدُ القيامة المجيد» كان أمس الأحد ٥ مايو، العيدُ الكبير لدى أشقائنا المسيحيين الذى يحتفلون به بعدما قدموا صومًا طويلا قوامه خمسةٌ وخمسون يومًا. وقدّم الرئيسُ «عبدالفتاح السيسى»، ورئيس الوزراء الدكتور «مصطفى مدبولى» التهنئاتِ الجميلة لقداسة البابا المعظّم «تواضروس الثانى» والشعب المسيحى المحترم، وحضرنا قداسَ العيد فى «الكاتدرائية المرقسية بالعباسية» عشيةَ العيد ضمن وفد حاشد من رجال الدولة والوزراء والشخصيات العامة والأدباء والفنانين والإعلاميين لتقديم أعمق آيات المحبة للبابا الوطنى وأشقائنا المسيحيين الذين يشهدُ لهم التاريخُ والمحكّاتُ الصعبةُ والأزماتُ التى مرّت بمصر منذ عشر سنوات وفى عهد الإخوان المرير، وعلى مدار الزمان، بأنهم المخزون الاستراتيجى للمحبة والوطنية والتضحية وإعلاء اسم مصر عاليًا، فوق الصعاب. كل عام وكل أشقائى المسيحيين بألف خير وفرح، يوقدون شموعَ المحبة ويقرعون أجراسَ الفرح والسلام.
«المحبة لا تسقطُ أبدًا»، هكذا قال بولس الرسول إلى أهل كورنثوس، مقتديًّا بالسيد المسيح عليه السلام الذى كان «يجولُ يصنعُ خيرًا». وكلمة «تسقط» فى العبارة الخالدة بمعنى: «تفشل». والترجمة الإنجليزية لها Love Never Fails. فالمحبة أبدًا لا تفشل فى إيصال رسالتها لجميع البشر. المحبةُ هى الجوابُ للمحبة، وهى كذلك الجوابُ للخصومة والعداء. إن أحبّك شخصٌ عليك أن تبادله المحبة. وإن عاداك شخص، عليك كذلك أن تردَّ له العداءَ محبةً وودًّا وسلاما. تلك رسالة المسيح باختصار. ومنها يعمُّ السلامُ العالمَ. لأنك إن حاربتَ العداء بعداء مقابل، لتحوّل العالمُ إلى كتلة مشتعلة من النيران والجمر. لكن المحبة تطفئ نيران الخصومة والبغضاء والحقد. وهى تنجح فى هذا ولا تفشلُ أبدًا. ولا مناص من «القانون» بالطبع لضبط الميزان مع من لا ينجح معهم قانونُ المحبة. المحبةُ تغسلُ عتمات الروح وتنقّى القلوبَ من أدران الإثرة والأنانية، وتمنحُ البشرَ الفرصة لكى يغتسلوا بقبس من نور الله تعالى.

وهذا موسمُ الأعياد يمرُّ على وجه مصرَ الجميل فيفترُ ثغرُها عن ابتسامة الرضا والفرح. «عيدُ الفطر المبارك»، تلاه أسبوعُ الآلام الذى تضمّن خميسَ العهد، و«الجمعةَ العظيمة»، و«سبت النور»، واختتم بـ «عيد القيامة» أمس. واليوم نحتفلُ بأقدم وأعرق عيد على وجه الأرض وهو «عيد الاحتفال بالحياة»: شمّ النسيم.

«شمّ النسيم» هو أقدمُ مهرجان شعبى فى التاريخ يحتفل بالحياة وعبقرية الخلق من العدم. فالمصريون أكثرُ شعوب الأرض حبًّا للحياة واحتفاءً بها. لهذا اختاروا له الربيعَ تاجًا، لأن فيه تتفتح الزهورُ لتعلن عن ميلاد جديد. يبدأون احتفالَهم مع شروق الشمس، فيُلوّنون البيضَ، فكأنما يلوّنون الحياةَ. فالبيضةُ رمزُ الحياة التى تُخرِجُ الحىّ من الميّت. لأن الكتكوتَ المفعمَ بالحياة والدهشة، يخرج من كهف جامد صلد يوحى بالموات، مثلما تخرجُ اليرقةُ من شرنقة الحرير، فتطيرُ وتملأ الفضاء حياةً وفرحًا. قبل ٥٠٠٠ عام، كان المصريون القدامى يحتفلون بذلك اليوم، «شم النسيم»، بإقامة مهرجان رسمى هائل، يحتشدون فيه أمام الواجهة الشمالية للهرم الأكبر، قُبيل الغروب. ثم ينظرون صوب قرص الشمس البرتقالى وهو يميل غاربًا بالتدريج مقتربًا من قمة الهرم. حتى تستقرّ الشمسُ جالسةً فوق قمة الهرم كأنما تُتوّجه. هنا تحدث ظاهرة فلكية مدهشة، حين يخترق شعاعُ الشمس واجهةَ الهرم، فكأنما يشطره نصفين، فى مشهد أسطورى دراماتيكى. استطاع عالمُ الفلك البريطانى «بركتور» رصدَه وتصوير لحظة انشطار واجهة الهرم عام ١٩٢٠، وفى عام ١٩٣٤ سجّل تلك الظاهرة الفريدة العالمُ الفرنسى «بوشان» عن طريق الأشعة تحت الحمراء.

وحين دخلت المسيحيةُ مصرَ، كان عيد «شمو» الذى تحوّر اسمُه إلى «شم النسيم»، يقعُ أحيانًا، بسبب تباين التقاويم المصرية والميلادية، فى وسط فترة صيام المسيحيين الخمسة وخمسين يومًا، فجعل المسيحيون ذلك العيد فى اليوم التالى لعيد القيامة، حتى يتسنى للمصريين الاحتفال فيه بأكل الأسماك والبيض الملوّن، الذى يرمز فى الأدبيات المصرية للخلق والحياة، وبداية تكوين الكائن الحى من العدم.

تمرُّ الأعيادُ عيدًا فى إثر عيدٍ فى إثر عيد وتخطو مصرُ نحو النور تاركةً الظلام لأهله. ويبقى الطيبون فى هذا العالم تربطُ بين قلوبهم مشاعر الود والإخاء والمحبة، مهما اختلفت عقائدهم.

ومن نُثار خواطرى:

(فساتينُ الزهور)

أيتها الراميةُ سهامَكِ

أنصتى إلىّ

أنا الفلاحُ الحكيمُ

عمَّرتُ الكونَ بالأخضر

قبل ميلادِ الحقول

أحملُ فى سلّتى

قواريرَ اللون

وريشةً

لكى أخيطَ للزهور

فساتينَها

والأشجارُ

أمنحُها تيجانَها

والبراعمُ

أصوغُ لؤلؤَها

حتى تصيرَ الصحراءُ

بساتينَ

تَسُرَّ الناظرين

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواسمُ الأعياد والقلوبُ الحلوة مواسمُ الأعياد والقلوبُ الحلوة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab