النبلُ صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر

النبلُ.. صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر

النبلُ.. صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر

 العرب اليوم -

النبلُ صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر

بقلم: فاطمة ناعوت

دخل البروفيسور إلى قاعة المحاضرات فى إحدى الكليات الغربية التى تدرّسُ القانون. جال ببصره بين طلاب السنة النهائية. وقع بصره على إحدى الطالبات: شابة جميلة فى مقتبل حياتها. أشار نحوها بإصبعه وقال بكل هدوء وحسم:

ابتسمتِ الطالبةُ وقالت:

- الطالبة: اسمى أليكسيس.

- البروفيسور: أليكسيس... أرجو منكِ مغادرة القاعة فورًا.... ولا أريد أن أراكِ فى أىٍّ من محاضراتى مرة أخرى.

اصفرَّ وجهُ الفتاة، وعلا محياها سيماءُ الإحراج والانسحاق:

- الطالبة: لم أفهم!

- البروفيسور: لن أعيدَ كلامى.... شكرًا لك.

وأشار نحو باب القاعة.

أغلقتِ الطالبةُ حاسوبها والدموعُ متحجّرة فى عينيها.... جمعت أغراضها... أخذت حقيبتها وتوجهت نحو باب قاعة المحاضرات تتعثّر فى خجلها، وخرجت وسط دهشة زملائها وهمهمات التساؤل الصامت، تلك التى قطعها البروفيسور... إذ توجّه إلى الطلاب قائلًا:

- البروفيسور: لماذا توجد القوانين؟ ما الغرض من القوانين؟ هل من مجيب؟

- طالب: وُجدت القوانينُ لتحقيق النظام الاجتماعى.

- طالبة: لحماية الحقوق الشخصية للأفراد.

- طالبة أخرى: حتى نستطيعَ الاعتمادَ على الحكومة.

وخلال تلك الإجابات المختلفة، كان البروفيسور يومئ برأسه بما يعنى أن الإجابات غير دقيقة أو ناقصة أو خاطئة. إلى أن قال طالبٌ:

- العدالة.

أشار البروفيسور بإصبعه نحو هذا الطالب، مستحسنًا إجابته وقال:

- شكرًا لك.

ثم عاد ونظر إلى الطلاب وسألهم:

- البروفيسور: الآن أخبرونى.. هل كنتُ غيرَ عادل مع زميلتكم قبل قليل؟

أومأ الطلاب برؤوسهم إشارة الموافقة، فاستطرد البروفيسور قائلا:

- بالتأكيد لم أكن عادلًا مع زميلتكم. ولكن... لماذا لم يحتجّ أىٌّ منكم؟!! لماذا لم يحاول أحدُكم إيقافى؟! لمَ لمْ ترغبوا فى منع الظلم؟!

نظر الطلاب إلى بعضهم البعض فى حيرة.... فاستطرد البروفيسور:

- حسنًا، ما تعلمتموه للتوّ خلال مشهد طردى لزميلتكم دون سبب، لن تستوعبوه فى ألف ساعة من المحاضرات، ما لم تعايشوه بأنفسكم. الحقيقة أنكم لم تتكلموا لأن الأمر لم يؤثر عليكم شخصيًّا!

أطرق الطلابُ برؤوسهم علامة شعورهم بالخجل، فاستطرد البروفيسور:

- لكن هذا السلوك يضركم ويضر الحياة.

ضحك البروفيسور ساخرًا وأكمل:

- أنتم تظنون أن ما ارتكبتُه من ظلم لا يعنيكم ولا شأن لكم به. حسنًا، أنا هنا اليوم لأقول لكم:

- إذا لم تساعدوا فى تحقيق العدالة، فربما ستواجهون الظلمَ ذاتَه يومًا ما... ولن يقف بجانبكم أحدٌ. الحقيقة والعدالة مسؤوليتُنا جميعًا. ويجب أن نكافح من أجلها جميعًا؛ لأننا فى الحياة والعمل، نعيش معًا. ولكن ليس (إلى جانب) بعضنا البعض. نبررُ الصمتَ لأنفسنا بأن مشاكل الآخرين لا تعنينا ولا تخصُّنا.... ونذهب إلى البيت سعداء لأننا نجونا! لكن الأمر يتعلق «بالوقوف إلى جانب بعضنا البعض». الظلمُ يحدث يوميًّا فى العمل والرياضة أو فى الحافلة. ودائمًا ما نعتمد على «شخص آخر» ليعتنى بالأمر! وهذا لا يكفى! من واجبنا أن نقف إلى جانب الآخرين... وأن نتحدث باسمهم عندما لا يتمكنون من ذلك. أنا هنا لأعلمكم (قوة الصوت) التى تمتلكونها. أريدكم أن تتعلموا (التفكير النقدى) الذى يمنحكم قوة الوقوف إلى جانب الحق.... حتى لو كان ذلك يعنى مواجهة ما يفعله الجميع.

***

انتهى الفيديو القصير الذى شاهدتُه على إحدى المنصّات، والذى أسَرَنى لأنه لخّص كلَّ ما تعلمتُه من أبى، رحمه الله، حين كنتُ أراه يقفُ إلى جوار كل مظلوم لا يعرفه، مدافعًا عن حقّه ومكافحًا لرفع الظلم مهما كلّفه هذا من وقت ومال وألم. علّمنى أبى أن النبلَ يبدأُ وينتهى عند الوقوف فى وجه الظلم، وإن لم يقع علينا مباشرة. هذا مبدئى وتلك عقيدتى، وذاك درسُ أبى.

***

ومن نُثار خواطرى:

(محكمة)

جئتُ

من أقصى المدينة أسعى

أدخلُ القاعةَ المَهيبة

أنزعُ عن عينىّ

عُصابةَ العدلِ

وريشةَ الضمير عن تاجى

أضعُ المَيزانَ فوق المِنّصَّةِ

ثم أهبطُ الدرجات

وأقطعُ القاعةَ الواسعة

مخترقةً نظراتِ الحضور

تتطايرُ من حولى مثل سهامٍ مارقة

لن أنظرَ إلى نفسى

لكى أتأكدَ أن الروبَ الأسودَ

مُحكمٌ حول جسدى النحيل

فأنا

مازلتُ «ماعت»

دون ريشةٍ ودون ميزان

ألجُ بهدوءٍ خلفَ السياج

أقبضُ بيدىّ على القضبان

وأنتظرُ

......

ثلاثَ دقاتٍ

من المِطرَقة.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النبلُ صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر النبلُ صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab