عيشٌ  تعايش، سماحةٌ  تسامح اخترْ مما بين القوسين

(عيشٌ - تعايش، سماحةٌ - تسامح).. اخترْ مما بين القوسين

(عيشٌ - تعايش، سماحةٌ - تسامح).. اخترْ مما بين القوسين

 العرب اليوم -

عيشٌ  تعايش، سماحةٌ  تسامح اخترْ مما بين القوسين

بقلم: فاطمة ناعوت

أنت حين تحترم وتحبُّ المختلفَ عنك دينيًّا، فلا تحاربه ولا تقتله ولا تعنفُ معه أو تزدرى دينَه، فعليك أن تعلم أنك لا أنت خاضعُ تابع، ولا أنت كريمٌ مُتفضّل. أنت وفقط إنسانٌ ناضجٌ سَوىٌّ نجوتَ من مرض الطائفية الخبيث، الذى اِبتُلِى به آخرون أهرقوا الدماءَ فى الحروب الدينية من الصهاينة والصليبيين والإسلاميين. وأنت حين «تتعايش» مع المختلف عنك دينيًّا، فأنت فقط إنسانٌ طبيعىٌ عاقلٌ ومتحضّر. وقد وضعتُ كلمة: «تتعايش» بين مزدوجين، لأننى أرفضُها أيضًا، وأتحفّظُ على دلالاتها غير الجميلة. وأستبدلُ بها كلمة أرقى هى: «العيش».فـ«التعايشُ» لا يكونُ إلا مع «عدو»، ترجو زوالَه، أو «مرض» تتمنى الشفاء منه، أو «مشكلة» تنتظر لها حلا. فمريضُ السُّكر «يتعايش» مع مرضه «مضطّرًا»، فيحاولُ كبحَ تداعياته الخطرة بالدواء والحرمان من الطعام. والشخصُ «يتعايش» مع جار السوء أو العدو «مضطّرًا»، باذلا الجهدَ لكى يتجنّب شرورَه وسخافاتِه، ونحن «نتعايش» مع مشكلة قطع التيار الكهربائى يوميًّا «مضطّرين»، لأننا نعلمُ أن علينا تخفيفُ الأحمال لأجلٍ نرجو ألا يطول.

وفى مقابل مفردة «التعايش» الاضطرارية، لدينا كلمة «العيش» الشغفية. فأنت «تعيشُ» مع أسرتك وأصدقائك وجيرانك الطيبين، تسعدُ بهم ويسعدون بك، مثلما نسعدُ بجميع المنجزات الحضارية والنهضوية التى نشهدها اليوم فى وطننا العزيز. وأنت «تعيش» سعيدًا بصحتك وصحة أبنائك أدامها اللهُ عليكم.

مفردة «التعايش» فلسفيًّا ولغويًّا ودلاليًّا تشبه مفردة «التسامح». كلاهما يحملُ معنى الجبر والاضطرار وغياب الشغف وانعدام الرغبة، والرجاء فى زوال الشىء أو الشخص الذى تتعايش معه أو تتسامح. فأنت تتسامح مع عدوك، اتّقاءً لشرّه وحقنًا للدماء، لكنك من داخلك تتمنى زوالَه. وأنت قد تُسامح من أساء إليك تكرّمًا منك، لكن الإساءةَ أخذت موقعَها من التاريخ لم تُمح، وقد تتذكرها بين الحين والحين فيُغصُّ حلقُك. وأنت قد تسمحُ لإنسان بما ليس من حقّه، كرمًا وصدقةً أو حتى بسيف الحياء قد تعطى إنسانًا مما أعطاك اللهُ من فضله، ولكن يظلُّ من حقّك ألا تسمحَ له بما ليس له. وكل ما سبق من معان ودلالات لا يستقيمُ حالُها حالَ الكلام عن بشر ينتمون إلى عقائدَ مختلفة يعيشون معًا فى وطنٍ واحد، أو فى كوكب واحد، أو فى كون واحد. فالمختلف عنك دينيًّا ليس عدوًا ترجو زوالَه، ولا هو جارٌ مؤذٍ تتلهّفُ على رحيله لكى «تكسر وراءه قُلّة»، ولا هو مرضٌ تدعو الله أن يُذهبَه، ولا هو مشكلةٌ ضاغطة تنتظر بفارغ الصبر انتهاءها. بل هو مواطنٌ كريمٌ مثلك تمامًا، له كاملُ حقوقك وعليه كاملُ واجباتك. احترامُك له واحترامُك لعقيدته المختلفة عن عقيدتك، «واجبٌ» عليك و»حقٌّ» أصيلٌ له، مثلما احترامه لك واحترامه لعقيدتك «حقٌّ» أصيلٌ لك و «واجب» عليه، وليس تفضلا منك ولا منه. احترامُ اختلاف الآخر العَقَدى وتهنئتُك له فى أعياده ومشاركته أفراحَه وأحزانه، يدلُّ على، ويشيرُ بإصبع مضىء إلى حسن تربيتك، وصلاح نشأتك، وتحضُّر أبويك اللذين ربيّاك صغيرًا، ويدلُّ كذلك على ثقافتك الرفيعة. والعكس دائمًا صحيح.

والآن، أشعرُ أن ما كتبتُه من أفكار بسيطة فى هذا المقال ليس إلا بديهياتٍ أولية من «العيب» أن نتكلم فيها! وكأننى أقول: الأرضُ تدورُ حول الشمس، والقمرُ يدور حول الأرض، والأرضُ كرويةٌ تدورُ وتدور وتدور!!! ولكن ما حيلتى وأنا أرى «تلك البديهيات الأوليةَ الواضحةَ والبسيطةَ والمنطقية» مازالت محلّ نقاش وجدل واختصام وعراك وسُباب وملاعنة وتهديد ووعيد على صفحات التواصل!!! الخلاصة، لكيلا أطيلَ، علينا أن نراجع بديهياتِنا، وعلينا كذلك أن ننتبه إلى كلماتنا لأن: «الكلمة نور وبعض الكلمات قبور… مفتاحُ الجنة فى كلمة، ودخول النار على كلمة»، كما أخبرنا الجميلُ «عبدالرحمن الشرقاوى» فى: «الحسين ثائرًا شهيدًا».

ومن نُثار خواطرى:

■ ■ ■

(معطف)

صنعَتْ لنفسِها دِثارًا/ من قطيفةٍ بيضاءْ/ تليقُ بقلبها الأخضر/ ثم راحَت تفتِّشُ فى الصندوقِ القديم/ عن أزرارٍ/ وأساورَ/ وأكمامٍ/ حتى تحمى جسدَها الواهنَ/ من أنيابِ الصقور والضباع/ هى الصبيّةُ التى/ تسلّلت إلى الكتابِ/ فى فصلِه الأخيرِ/ قبلَ صفقِ الغلافِ/ مباشرةً

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيشٌ  تعايش، سماحةٌ  تسامح اخترْ مما بين القوسين عيشٌ  تعايش، سماحةٌ  تسامح اخترْ مما بين القوسين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab