بينس في مواجهة الشعبوي والثرثار

بينس في مواجهة الشعبوي والثرثار!

بينس في مواجهة الشعبوي والثرثار!

 العرب اليوم -

بينس في مواجهة الشعبوي والثرثار

بقلم - ممدوح المهيني

أفضل شيء حدث لمايك بينس هو أنه أصبح نائباً للرئيس ترمب لأنه وضعه على الرادار الأميركي والدولي وأصبح شخصية معروفة بعد أن كان حاكماً لولاية هامشية. ولكنه أيضاً أسوأ ما حدث له لأن ترمب أضر بصورته كما فعل بكثير من المحيطين به، أثناء ولايته ألغى ترمب وجوده وأظهره بصورة Yes Man وبعد ولايته هاجمه واتهمه بالخيانة لأنه خالفه في قضية اقتحام الكونغرس. وترمب بالطبع استفاد منه لأن بينس المؤمن منح رجل الأعمال مسحة دينية طمأنت الجمهور المحافظ المتشكك بعقيدته ومسيحيته.

ولكن حقيقة بينس مختلفة عن صورة الرجل الخامل عديم الفائدة؟ بل هو شخصية رصينة مسيسة، والآن نكشف عن أفكاره، خصوصاً ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وهي أهم ما سمعناه من الرؤساء الأميركيين خلال العقدين الماضيين.

كيف يفكر بينس؟

من الأفضل أن نبدأ بالتراشق الذي حدث مؤخراً بينه وبين المذيع المشهور تكر كارلسون الذي يروج مع صديقه ماسك لخطاب معارض للتدخل الأميركي في الحرب الأوكرانية، ويصر على أن تعود أميركا إلى عزلتها وتنسحب من كل مكان وتهتم بالداخل. ردّ بينس الذي تم فهمه بطريقة خاطئة، قال إنه لا يهتم بالداخل، ولكن يرى أن الدور الأميركي أساسي للحفاظ على الاستقرار العالمي وضمان حماية أمن الحلفاء الذين أسهموا مع الولايات المتحدة في خلق حالة من السلام غير مسبوقة في التاريخ، ولمنع نشوب حروب جديدة مع وجود قوى تسعى إلى هدم النظام العالمي وتستبدله بنظام جديد. ما قصده ليس تجاهلاً للداخل كما صوّر ولكن ما يقلقه بشكل كبير ما يحدث في الخارج.

طريقة تفكير ماسك تشبه طريقة الرؤساء الأميركيين الكلاسيكيين، مثل روزفلت وترومان وأيزنهاور وريغان وتقريباً جورج بوش الأب وكلينتون. عقيدة هؤلاء الرؤساء تنظر إلى الماضي وتدرك ثلاثة أشياء؛ تراجع قوة الإمبراطورية البريطانية وعزلة الولايات المتحدة تسببت في نشوب الحرب العالمية الأولى مع صعود قوى متصارعة طامحة للزعامة داخل أوروبا. وبسبب عدم وجود الولايات المتحدة وضمان أمن أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية صعدت القوى الفاشية وتعافت ألمانيا من هزيمتها، ومع تطورها الاقتصادي زادت طموحاتها العسكرية والحربية للتوسع، وهذا ما أوصل هتلر للحكم، واندلعت الحرب العالمية الثانية مخلفة وراءها ملايين الضحايا.

ما يفكر فيه بينس أن تراجع الولايات المتحدة وتخليها عن أوكرانيا وأوروبا سيسهمان حتماً بنشوب حروب عالمية وشبه عالمية في العقود المقبلة، وكانت أولاها الحرب التي نشهدها الآن، لهذا يعتبر بينس أنها معركة مصيرية، وهزيمة أميركا والغرب فيها تعني نهاية النظام الليبرالي وصعود قوى طامحة أخرى ستسعى لفرض هيمنتها ونفوذها.

بعد الحرب العالمية الثانية كان القرار الأهم ليس هزيمة النازيين واليابانيين ولكن ضمان أمن الدول المحيطة بهم عبر المظلة الأميركية، لأنه أسهم في انتعاش القارة الأوروبية اقتصادياً من دون الخوف من صعود الوحش الألماني من جديد، الذي بدوره تحول إلى قوة ديمقراطية واقتصادية مثيرة للإعجاب، حيث اندمجت ألمانيا في النظام الدولي وتفوقت فيه على الولايات المتحدة (لنتذكر صناعة السيارات الألمانية) وكذلك جيران اليابان حيث شهدنا صعود النمور الآسيوية من دون الخوف من غزوات يابانية مباغتة تدمر اقتصادياتها وتعيدها للصفر من جديد، وسارت اليابان على خط ألمانيا في الخط السياسي والاقتصادي بالصعود والازدهار.

بينس مؤمن بهذه العقيدة ويعرف أن هذا العالم صمم بصعوبة بالغة، بالدم والدموع وليس بسهولة، ويدرك أن التخلي عنها أو التراجع عنها لا يعني نهاية النفوذ الأميركي فقط، ولكن دخول العالم في دوامة من القلاقل والصراعات بسبب عدم وجود قوة عالمية تحفظ الأمن العالمي.

بسبب هذا التفكير المنطقي العقلاني يتعرض للسخرية والتهكم مِن مَن؟ من مذيع غاضب شعبوي يشكك بجرعات اللقاح ويروج لفكر المؤامرة، وزادت شعبيته بشكل كبير بسبب هذه الموضوعات التي تخاطب عواطف الناس. وماسك الذي تحول من ثري عبقري إلى منظر في السياسة وثرثار في كل شيء.

ولكن تفكير بينس يختلف عن الرؤساء السابقين في العقدين الماضيين. بوش الابن استخدم عقيدة التدخل ولكنه فشل، والتطبيق كان كارثياً، والنتائج معاكسة، وأوباما انسحب تماماً من المنطقة، وقال إن الأهم هو بناء أميركا، وإن الحلفاء راكبون بالمجان (تقريباً نفس تفكير كارلسون، ولكن بطريقة منمقة وأكاديمية). وترمب لم يكن يفكر بالنظام الدولي، ولكنه فكر بنفسه وإعادة انتخابه واستخدم لسانه لتخويف الحلفاء، وبدل أن يبعث رسائل الطمأنينة ويؤكد على قوة الحلف بمواجهة الخصوم دخل في صراعات معهم كلهم (لنتذكر هجومه على الناتو وتهديده كوريا الجنوبية بسحب القاعدة الأميركية). وبايدن أكمل الانسحاب من أفغانستان وتراجعت الثقة به في الشرق الأوسط بسبب مواقفه المتضاربة المترددة، ولكنه أعاد العلاقة أقوى مع أوروبا، أي أنه اختار نصف الحل.

بينس يملك الرؤية الأوسع والأشمل وهو صاحب شخصية رصينة ومتزنة والأقرب لهذه الرؤية أيضاً مايك بومبيو، ولكن الاثنين حظوظهما في الوصول إلى البيت الأبيض معدومة، لأن المزاج الانتخابي أصبح يلفظ مثل هذه الشخصيات الكلاسيكية الخبيرة والهادئة. بومبيو انسحب من السباق قبل أن يبدأ وبينس لم يجمع في حملته الانتخابية سوى 1.2 مليون دولار.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بينس في مواجهة الشعبوي والثرثار بينس في مواجهة الشعبوي والثرثار



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:22 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

9 إطلالات رياضية أنيقة من نجمات الموضة
 العرب اليوم - 9 إطلالات رياضية أنيقة من نجمات الموضة

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 العرب اليوم - 25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف
 العرب اليوم - دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف
 العرب اليوم - حسن الرداد وإيمي سمير غانم زوجان للمرة الثالثة في رمضان 2025

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab