ماكرون المسالم يتحوّل إلى داعية حرب

ماكرون المسالم يتحوّل إلى داعية حرب

ماكرون المسالم يتحوّل إلى داعية حرب

 العرب اليوم -

ماكرون المسالم يتحوّل إلى داعية حرب

جمعة بوكليب
بقلم - جمعة بوكليب

أن يدلي أهل السياسة بتصريحات غريبة أو غير صحيحة، ولا تتَّسق مع واقع الأحوال فهذا شأنهم في كل الأزمان. لكن أن يتجاوزوا المنطق والمعقول والممكن، فهذا غير مسموح لهم به، ولا يقابل بالصمت وهزّ الرؤوس. هذا أولاً.

وثانياً، ليس غريباً على بعض أهل السياسة أن يُعرفوا ويشتهروا بكونهم حمائم سلام، يسعون إلى بناء جسور التعاون والتواصل والمحبة بين الأمم والشعوب. لكن الغريب أن يتحوّل بعضهم، بين يوم وليلة، إلى دعاة حرب، قد تسبب فناء الحضارة الإنسانية. المقصود بذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بدعوته، مؤخراً في باريس، خلال مؤتمر دولي، إلى تحرك غربي فوري يحول بين روسيا وتحقيق النصر في أوكرانيا، ولو تطلب الأمر، حسب زعمه، إرسال قوات من دول حلف الناتو لتقاتل مع الأوكرانيين!

ما الدافع أو الدوافع وراء هذا التغير المفاجئ والغريب؟

الذين يتذكرون منّا ما صدر من تصريحات، وما تجسّد من مواقف من قبل الرئيس الفرنسي، وما قام به من مبادرات وزيارات وخاصة للعاصمة الروسية موسكو، خلال الأسابيع والأشهر الأولى من الحرب، لا يمكنهم تصديق آذانهم من شدة غرابة تصريحه الأخير وخطورته.

الرئيس ماكرون، من أجل وقف الحرب، كان أول من دعا إلى فنلندنة أوكرانيا. أي بمنحها وضعية فنلنده مع الاتحاد السوفياتي سابقاً، مما يعني منح روسيا بوتين حق الموافقة أو الرفض لقرارات سياستها الخارجية. الرأي قوبل بالرفض من الرئيس الأوكراني، ومن واشنطن ولندن وبقية العواصم الأوروبية.

يوم الأحد الماضي، كان موقف قصر الإليزيه من الحرب في أوكرانيا واضحاً وصريحاً ويتسم بالمعقولية والاتزان: «فرنسا دائماً التزمت مبدأ واحداً. نحن ندعم أوكرانيا، لكننا لن نشنّ حرباً ضد روسيا». في اليوم التالي - الاثنين - ألقى الرئيس ماكرون بذلك الموقف - المبدأ على قارعة الطريق، ودعا أمام 25 من قادة دول حلف الناتو إلى إرسال قواتهم للحرب في أوكرانيا.

فجأة، ينزع الرئيس ماكرون عن نفسه ثوب الداعية للسلم، ويضع مكانه ثوب المحارب وعدّته. وبالتأكيد، يدرك الرئيس ماكرون أن دعوته تلك تعني، حرفياً، فتح كل الأبواب أمام حرب نووية. فهو ليس غبياً، وبالتأكيد ليس متهوراً. ولعلنا لم ننس بعد موقفه العقلاني مما حدث في دول أفريقيا (بوركينا فاسو مثلاً) التي حدثت بها انقلابات عسكرية وطالبت باريس بسحب قواتها العسكرية، فانصاع الرئيس ماكرون للأمر، رافضا الزجَّ بقواته في حرب مهلكة.

وحتى لو افترضنا جدلاً أنه بالغ في الأمر، فإن رجال حكومته من الوزراء والمستشارين والخبراء والجنرالات العسكريين لا يمكن وصفهم بالغباء أو بالتهور.

العواصم الغربية الكبرى رفضت بسرعة الدعوة الماكرونية، وأصدرت بيانات تؤكد أنها لا تنوي ولا تفكر في إرسال قوات إلى أوكرانيا. ولعل أكثر الردود إحراجا للرئيس ماكرون، ما جاء على لسان نائب المستشار الألماني روبرت باتريك حيث قال: «أنا سعيد بأن فرنسا تفكر في كيفية زيادة دعمها لأوكرانيا، لكن لو بإمكاني تقديم نصيحة لهم، قدموا المزيد من الأسلحة». ألمانيا، استناداً إلى تقارير إعلامية غربية، أكثر الدول الأوروبية التي قدمت مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا، وكثيراً ما انتقدت فرنسا على مساعداتها العسكرية المتواضعة.

ليتوانيا، كانت الدولة الوحيدة التي خرجت عن سياق الرفض الغربي، على لسان مستشار لرئيس الحكومة، لمّح فيه إلى استعداد بلاده للاستجابة للمقترح الفرنسي، لأن الموقف، حسب زعمه، يتطلب التفكير خارج الصندوق! من السهل فهم الدوافع وراء ذلك التصريح الليتواني السريع، آخذين في الاعتبار ماضي ليتوانيا، وخوفها من الوقوع بين مخالب الدُّبّ الروسي ثانية.

الناطق الرسمي للرئيس بوتين، ديمتري بيسكوف علّق على المقترح الفرنسي محذراً ومهدداً بقوله: «إذا أرسل الناتو قوات للقتال في أوكرانيا، فإن الحرب ضد الحلفاء ستكون حتمية، وليست احتمالية».

الرئيس الفرنسي ماكرون، من جهة أخرى، ليس غريباً عن الاقتراحات اللافتة للأنظار مؤخراً. وعلى سبيل المثال، دعوته إلى تشكيل ائتلاف دولي ضد إرهاب «حماس». تلك الدعوة مرت من دون أن تترك أثراً.

دعوته الأخيرة لإرسال قوات أوروبية لتحارب ضد القوات الروسية في أوكرانيا، استنادا إلى معلقين بريطانيين، ربما يكون مبعثها الخوف من وصول المترشح الجمهوري دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وانسحاب أميركا من المشكلة الأوكرانية، مما يعني اكتساح القوات الروسية لأوكرانيا. الرئيس ماكرون شدد على أن الحرب في أوكرانيا هي حرب أوروبية بالدرجة الأولى، ودعوته قد تكون استباقاً لما قد يحدث بوصول ترمب إلى السلطة.

حتى وإن كان هذا ماثلاً في الاعتبار، إلا أن اقتراحه يظل خارج سياق الواقع، وغير متوقع لخطورته، بل هو مثار استغراب شديد، وباعث حقاً على القلق.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكرون المسالم يتحوّل إلى داعية حرب ماكرون المسالم يتحوّل إلى داعية حرب



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 15:40 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

SpaceX تطلق 21 قمرًا صناعيًا من Starlink إلى المدار

GMT 05:56 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

حريق جديد في لوس أنجلوس وسط رياح سانتا آنا

GMT 15:41 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعرض 65 مليون يورو لضم كامبياسو موهبة يوفنتوس

GMT 03:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استمرار غياب تيك توك عن متجري أبل وغوغل في أميركا

GMT 03:02 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

زلزال بالقرب من سواحل تركيا بقوة 5 درجات

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استشهاد مسؤول حزب الله في البقاع الغربي محمد حمادة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab