هل حقاً أن كل الطرق تؤدي إلى روما

هل حقاً أن كل الطرق تؤدي إلى روما؟

هل حقاً أن كل الطرق تؤدي إلى روما؟

 العرب اليوم -

هل حقاً أن كل الطرق تؤدي إلى روما

بقلم - داود الفرحان

شهدت أوكرانيا في الأشهر الثلاثة الأخيرة تفجيرات متعمدة لجسور، سواء من قبل القوات الروسية أو من قبل القوات الأوكرانية نفسها. فقد أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية يوم 12 مايو (أيار) الحالي تدمير جسرين عبر نهر سيفرسكي دونيتس لمنع تقدم القوات الروسية من منطقة لوهانسك. بينما كشف مسؤول أوكراني عن قيام الروس بتدمير 8 جسور ذات أهمية حكومية. كما تم تدمير جسور لعبور قطارات السكك الحديدية. ونقلت قناة فرانس 24 أن أوكرانيا تخوض حرباً جسوراً في مواجهة الجيش الروسي مع استمرار الحرب. وذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن البنى التحتية الأوكرانية تعرضت إلى أضرار كبيرة بسبب القصف الروسي الذي شمل تدمير جسور وتفخيخ طرق خلال انسحابها من مواضعها السابقة قرب العاصمة الأوكرانية كييف.
أنتجت بريطانيا في عام 1957 فيلماً يُعتبر من أيقونات السينما البريطانية عنوانه «جسر على نهر كواي» مأخوذاً من رواية كتبها بيير بول ومن إخراج ديفيد لين. وتدور أحداثه أثناء الحرب العالمية الثانية في معسكر ياباني للأسرى البريطانيين في جنوب تايلاند، حيث يُجبر الأسرى على بناء جسر خشبي على نهر كواي لعبور قطارات الجيش الياباني خلال الحرب، إلا أن الأسرى خططوا لتفجيره بعد استكمال بنائه. المفارقة الفنية في هذا الفيلم المتميز أن الذي خلده ليس كاتب القصة المبدع ولا نجومه الكبار ولا مخرجه المعروف، لكنها الموسيقى التصويرية الفريدة التي تحمل اسم «الكولونيل بوجي»، وهي من نوع المارشات العسكرية الخاصة بسير الجنود النظاميين. لقد نال الفيلم 7 جوائز أوسكار بينها أفضل موسيقى تصويرية.
وفي التاريخ العربي القريب اشتهر جسر الجنرال البريطاني إدموند اللنبي، ويعود تاريخه إلى ما قبل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. وقد شُيد في عام 1885 من قبل الدولة العثمانية بإشراف متصرفية القدس، وكان مصنوعاً من خشب الأشجار، إلا أنه تضرر من الفيضانات وزلزال نابلس والحرب العالمية الأولى. وأدى الجسر دوراً مهماً في نقل السلاح والمؤن إلى فلسطين قبل الاحتلال، وتم تدميره من قبل عصابة إسرائيلية في عام 1946 بقيادة حاييم بارليف الذي سُمي خط الدفاع الإسرائيلي في سيناء على حافة قناة السويس باسمه بعد نكسة 1967، واسم هذا الجسر الحيوي الذي أعيد بناؤه في عام 1988 جسر الملك حسين الذي يربط الضفة الغربية بالأردن ويبعد عن عمان 60 كم. وخلال الانتداب البريطاني على فلسطين في عام 1946 شنت منظمة «الهاجاناه» اليهودية ومنظمات صهيونية أخرى عمليات تفجيرات استمرت يومين تحت عنوان «ليل الجسور» استهدفت تدمير 11 جسراً تربط فلسطين بلبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر لشل حركة المواصلات بين الدول العربية ومنع دعم الفلسطينيين بالأسلحة، ومن هذه الجسور جسر الحاوي على نهر اليرموك وجسر اللنبي. وفي أحد هذه التفجيرات خسرت عصابة البالماخ الصهيونية 14 قتيلاً.

 

وندع التاريخ جانباً ونعود إلى الحرب الروسية الحالية على أوكرانيا وتداعياتها على دول الجوار. فبعد أن حاولت النمسا لعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا لوقف إطلاق النار استناداً إلى علاقات المستشار النمساوي كارل نيهامر الوثيقة مع الكرملين، فشلت في ذلك، ولم تنجح زيارة المستشار إلى موسكو في 11 أبريل (نيسان) الماضي، وعلى العكس من ذلك انتقد سياسيون نمساويون الدور الجيوسياسي الذي يمكن أن تلعبه النمسا في إعادة «بناء الجسور» بين روسيا والغرب. وهي جسور سياسية قبل أي شيء آخر تعرضت لانهيارات متلاحقة منذ بدء الحرب على أوكرانيا، وفرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية الغربية على روسيا. وحين عاد المستشار من موسكو تفاجأ كثيرون بالدعم النمساوي الفوري لعقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، كما قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية؛ فقد تبرعت بستين مليون يورو للمنظمات غير الحكومية لمساعدة أوكرانيا وتبرعت أيضاً بالخوذات والسترات الواقية والوقود، بالإضافة إلى استقبالها أكثر من 66 ألف لاجئ أوكراني رغم أنها دولة صغيرة.
ووجه الغرابة في نسف الجسور الروسية – النمساوية أن فيينا كانت أصبحت صديقة بشكل خاص للكرملين، حتى أن دول أوروبا الشرقية وصفت النمسا بأنها «حصان طروادة» الروسي في أوروبا. ولاحظ المراقبون أن فيينا كانت أول عاصمة غربية ترحب بزيارة بوتين بعد أن قام بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا في عام 2014.
ومع استمرار الحرب في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية على روسيا فإن المصالح الاقتصادية بين روسيا والنمسا لا تزال ضخمة، إذ تحصل فيينا على 80 في المائة من غازها الطبيعي من روسيا، وتُعد روسيا ثاني أكبر مستثمر أجنبي في النمسا بعد ألمانيا، باستثمارات بلغت 214 مليار يورو في عام 2020، كما أن الروابط الثقافية لا تزال وثيقة؛ إذ يلعب الروس أدواراً رئيسية في المؤسسات الثقافية والفنية النمساوية. ويقول سيمون مراز الدبلوماسي الذي أدار المركز الثقافي النمساوي في موسكو لمدة 12 عاماً: «نحن مفتونون بثقافة تبدو مألوفة جداً، لكنها لا تزال غريبة جداً».
ذهب المستشار النمساوي نيهامر إلى موسكو متفائلاً بحكم علاقته الوثيقة ببوتين، وعاد يشعر بالتشاؤم قائلاً في تصريح مُعلن: «إن بوتين تبنى بالكامل منطق الحرب».
هذا عن الجسور المقطوعة... فماذا عن الجسور القائمة؟ يقول المثل العالمي الشهير: كل الطرق تؤدي إلى روما. وها هي إيطاليا تسعى إلى بناء «جسر السلام» بين روسيا وأوكرانيا عبر خطة من أربع مراحل لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وبالتشاور مع الولايات المتحدة والفاتيكان والصين والهند وتركيا والأمين العام للأمم المتحدة. ونوقشت الخطة مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وفي موسكو قال الناطق بلسان الكرملين ديمتري بيسكوف إن «روسيا مستعدة للتجاوب مع هذه الجهود المخلصة». وكشف رئيس الوزراء الإيطالي كما قرأنا في صحيفة «الشرق الأوسط» عن أنه اتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليقول له: «أتصل بك لكي نتحدث عن السلام». ورد عليه بوتين: «الوقت ليس مناسباً» وكرر بوتين الجملة مرة أخرى.
ومثلما أن للجسور أهميتها في ربط الأجزاء المتقابلة لضفاف الأنهار والجزر المنعزلة، فإن لها أهميتها الخاصة في الحروب، وهي هدف استراتيجي يجب حمايته من تدميره أو احتلاله، أو في بعض الظروف تتولى الدولة صاحبة الجسر تدميره بنفسها لمنع العدو من السيطرة عليه وعبور قواته الغازية أو منع وصول الإمدادات العسكرية والتموينية إليه، إلا أن كل لغات العالم تستخدم كلمة «جسر أو جسور» في علاقات التعاون الاقتصادي أو الثقافي أو الاجتماعي، وتطورت إلى استخدامات سياسية وعسكرية، وسمعنا في السنوات الأخيرة عن جهود وكالة «ناسا» الأميركية لمد جسر إلى الفضاء الخارجي وجسور بين محطات فضائية ثابتة من جنسيات مختلفة، إلا أننا الآن في انتظار الجسر الإيطالي الذي قد يربط حلقات السلام من جديد بين موسكو وكييف. وبالتأكيد سترفض أوكرانيا وروسيا أي تنازلات، فهذه هي الخطوة الأولى قبل أي تسوية.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل حقاً أن كل الطرق تؤدي إلى روما هل حقاً أن كل الطرق تؤدي إلى روما



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab