الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة

الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة

الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة

 العرب اليوم -

الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة

بقلم - نبيل عمرو

أحد أهم عوامل الاضطراب الدائم في الشرق الأوسط هو تطلع العديد من دوله لتأسيس نفوذ لها في الدول الأخرى، تارة تحت شعارات سياسية، وأخرى عقائدية، وكم من انقلاب عسكري ناجح أو فاشل دبرته دولة لتغيير النظام في دولة أخرى، وفي هذا السياق اشتعلت حروب داخلية أدواتها محلية، والأيادي التي تحركها وتنفق عليها قادمة من وراء الحدود، وحتى من وراء المحيطات.

هكذا كان حال الشرق الأوسط ودوله، وبفعل ذلك غرقت واحدة من أهم مناطق العالم في دوامة موت ودمار ونزف، ولم يكن لأهل الشرق الأوسط في هذا... سوى دفع الثمن.

وإذا ما راجعنا نتائج هذا المسار المأساوي، فإننا نجد حقيقة ساطعة تقول... إن تدخل دولة في دولة أخرى لبسط نفوذها عليها، باء دائما بالفشل، بل إنه حقق نتيجة عكسية تماما، بحيث صار النفوذ المنشود في دولة أخرى عبئا ثقيلا على من يسعون إليه، واستنزافا مرهقا للقدرات، وما من دولة تورطت في أمر كهذا إلا وحصدت تراجعا يصل إلى حافة الانهيار في اقتصادها، وما يفترض أن ينفق على تنميتها.

وفي سياق السعي لنفوذ كهذا نتج أمر آخر على صعيد الدول التي صارت ضحية لهذا النوع من التدخلات، وهو تهميش دور شعوبها وقواها السياسية في أحداث التغييرات الإيجابية في بلدانها ليرتبط مصير الكيان الذي تورط في استدعاء التدخل الخارجي بأجندات المتدخلين، ففي السياسة والحرب والنفوذ فلا عمل خيريا في أمر التدخل... بل نفوذ يصعب التخلص منه إذا ما أريد ذلك.

أكثر المناطق التي عانت من هذه الظاهرة هي شرقنا الأوسط، وقلبه الجغرافي والبشري والثروات هو عالمنا العربي، وبوسعنا الآن أن نسأل: ماذا أنتجت التدخلات على شتى دوافعها ووسائلها، لم يتغير نظام واحد، ولم يُلحق بلد جرى التدخل فيه ببلد آخر، وظلت الكيانات والنظم على حالها، وأي تغيير كان كبيرا أو طفيفا فلم يكن إلا بفعل عمل داخلي؛ إما قامت به الحكومات، وإما فرض عليها الرأي العام ومؤسساته الوطنية أن تقوم به.

المتغيرات الجذرية والمتسارعة الإيقاع والتأثير على مستوى العالم الذي يعيش فيه الشرق الأوسط، تحتم على دول المنطقة الكبيرة والصغيرة أن تغادر منطق البحث عن نفوذ في دول أخرى، وأن تتوقف الدول التي تستدعي تدخلا خارجيا تراه ضروريا عن مزاولة هذا الاستثمار البائس الذي أثبتت التجربة أنه يحمل خسارة محققة لمن يتدخل، ولمن يستدعي التدخل...

وإذا كان أهل الشرق الأوسط المتخمون بالقضايا التي لا حل لها وفق القواعد القديمة، تواقون لمغادرة دوامة النزف والدمار والإهدار، فلم يعد أمام دولهم ونظمهم صاحبة القرار، سوى التوقف نهائيا عن وهم تأسيس نفوذ لها خارج حدود بلادها ومجتمعاتها، وأن تتوقف عن الجري وراء سراب مد النفوذ بفعل وهم إمبراطوري، إذا كان يصلح في زمن غابر فلا مجال له كي يصلح في زمننا هذا...

لقد ملت الشعوب إهدار مقدراتها في استثمار خارج حدودها وحياتها وفي مجال النفوذ، فقد آن الأوان لتغيير القواعد القديمة بإرساء قواعد جديدة، أساسها أن الاستثمار في الوفاق والمصالح المشتركة، وعلى قاعدة احترام كل دولة للدولة الأخرى هو ما يوفر المنفعة المتبادلة مع الآخرين، وبذات القدر يوفر توجها سليما للطاقات والقدرات إلى حيث ينبغي أن توجه أي منها إلى أصحابها.

ما أقوله ليس كلاما رغائبيا ووعظيا ومجرد أمنيات، بل هو الحقيقة التي بدأت مقدماتها بالظهور بين السعودية وإيران، وكذلك بين مصر وإيران، ولا بد من استكمالها بين مصر وتركيا، وربما سوريا كذلك، وفي حال استمرار المسار وحمايته من الذين يستفيدون من بقاء القديم على حاله، سنرى شرق أوسط إن لم يكن جديدا تماما ففي حال أفضل

arabstoday

GMT 03:29 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

اعترافات ومراجعات (59) من أحمد حسنين إلى أسامة الباز

GMT 03:27 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

مشروع إنقاذ «بايدن»!

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

ما تحمله الجائزة

GMT 03:20 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

من هو (موسيقار الأجيال الحقيقي)؟!

GMT 03:15 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من نجاة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة



بلقيس تتألق في صيحة الجمبسوت وتخطف الأنظار

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:34 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

نصائح لتنسيق إكسسوارات عيد الأضحى بكل أناقة
 العرب اليوم - نصائح لتنسيق إكسسوارات عيد الأضحى بكل أناقة

GMT 08:40 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

منصة "إكس" تمنح المشتركين ميزة التحليلات المتقدمة
 العرب اليوم - منصة "إكس" تمنح المشتركين ميزة التحليلات المتقدمة

GMT 21:39 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

عندما تضعها إلى جوار بعضها

GMT 17:22 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

هزة أرضية قوية تضرب البيرو

GMT 12:33 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

حركة الشحن عبر البحر الأحمر انخفضت 90%

GMT 17:27 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

يسِّروا

GMT 03:12 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

وقوع 4 هزات أرضية في جورجيا في يوم واحد

GMT 07:16 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أميركا والهرب من السؤال الإيراني الصعب…

GMT 18:03 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

حزب الله وتغيير الحسابات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab