التحديات الإنسانيةوالفضاءات الفلسفية

التحديات الإنسانية...والفضاءات الفلسفية

التحديات الإنسانية...والفضاءات الفلسفية

 العرب اليوم -

التحديات الإنسانيةوالفضاءات الفلسفية

بقلم : فهد سليمان الشقيران

في منتصف القرن الـ20 راجت بقوة «أحاديث النهايات»، مثل نهاية الفلسفة، ونهاية الجغرافيا، وصولاً إلى أطروحة فوكوياما عن «نهاية التاريخ». لم تكن أطروحة نهاية الفلسفة تعني انتهاء معناها، وإنما كانت تمهيداً لإعلان إعادة تشكّل الفلسفة بأنماطٍ جديدة وطرق فريدة.

أخذت الفلسفة خطوطاً أخرى في تدخلها وفضولها وتجسسها على المجالات الأخرى، وبفضلٍ من طفرات مفهومية فجّرتها البنيوية وما بعدها استطاعت أن تتدخّل في مجالات «أنثروبولوجية» متجاوزة التحديدات الميتافيزيقية التي كادت تحصر بها، ومنهية الموضات والصرعات التي طرأت مثل «الوضعية المنطقية». دخلت الفلسفة في «المطبخ - السينما - الأزياء - الموسيقى - الكليبات»، كان هذا التدخّل الصارخ بمثابة إعلان بدء حقبة جديدة من علاقة الفلسفة بالبشرية. لم تكن فكرة نهاية الفلسفة إلا إعلان بدئها... كسرت الفلسفة جُدُر التقليد، لتجعل من أطرافه شلالاً لها، لم تسلم من مدّها وجزرها الأرجاء.

كان من اللافت دخول الفلسفة على السينما بأسماء فلاسفة كبار...، وعلى رغم عمر السينما القصير، الذي لا يتجاوز 100 عام، ظلت بمنأى عن درس معناها وتمظهراتها وتمدداتها في مجالات التفكير والحياة. وإذا كانت الفلسفة لم تستوعب بعد بشكل عام هذا الفن بالشكل نفسه الذي استوعبت به الفنون الأخرى، كالموسيقى والفن التشكيلي، فإن الفلسفة الحديثة نشطت على مستويات متفاوتة في رصد هذا الفن واللحاق بآثاره درساً وتحليلاً، هذا مع سبق برغسون وجيل دلوز لميشيل فوكو في استيعاب هذا الفن المدهش، ووجود تحليلات سريعة من فاتيمو وجاك دريدا، لكنها لا تصل إلى عمق اشتغال الفرنسي جيل دلوز.

لم يكن الانشغال الفلسفي بالسينما ذا هدف «سينمائي»، وإنما جاء كعمل فلسفي داخل «المفاهيم»، فهو يعمل داخل الصورة التي تنتج مفاهيم جديدة، وهو صلب تنظير جيل دلوز الفلسفي، الذي اعتبر الفلسفة كلها «تشكلات المفاهيم»، كما اعتبر الفيلسوف «صديق المفاهيم»، وتلك المفاهيم التي تنتجها السينما لا توجد بشكل مباشر، وإنما «ينحتها الملاحظ»، إذ يستقل الفيلسوف عن العمل السينمائي ليصبح «شغّيلاً» داخل المفاهيم التي يستخلصها من شريط طويل من المشاهد والصور، ولهذا يقول جيل دلوز: «المفاهيم التي تلحق بخصوصية السينما هي من أمر الفلسفة».

في يونيو (حزيران) 2012، ترجَم إبراهيم العريس كتاب الفيلسوف الفرنسي إدغار موران، الذي عنونه بـ«نجوم السينما»، وفيه مراجعة لمعنى النجم السينمائي ولشرط صناعته، كما يشرح العوامل «السيكولوجية» و«السوسيولوجية» التي تحدد هذه العلاقة، وبذل العريس جهداً واضحاً في ترجمة هذا العمل الذي أصبح كلاسيكياً في هذا المجال، وحين يكتب الفيلسوف عن «النجم السينمائي» إنما يعبّر عن تحوّل دور الفلسفة من جهة، ويعبّر عن اكتساح تاريخي للسينما التي باتت غذاءً يومياً للبشرية.

الخلاصة؛ أننا مع كل حالٍ من الخراب يجترحها الإنسان تعود الأسئلة إلى فضاء الفلسفة بحثاً عن التعليل لكل هذا التوحش وإرادة التخريب. كان نيتشه حاضراً في حروبٍ خاضها بلده ورأى الدماء والأشلاء كما رأى القوة والبطش، من عمق ذلك الحدث صاغ نظريته في إرادة القوة وإدانة الضعف ومحاكمة الأديان المحرّضة على التسامح والصمت، لهذا نجده في كتابه «عدو المسيح» ينتقد المسيحية والبوذية بحدّة، بينما يمتدح الإسلام لما فيه من فضاءٍ للقوة ومن مدح القتال في مواضعه اللازمة. وحين نشبت الحرب الأهلية الإنجليزية، كتب توماس هوبز نظريته في الدولة التي بناها على أصالة الشر في الإنسان.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحديات الإنسانيةوالفضاءات الفلسفية التحديات الإنسانيةوالفضاءات الفلسفية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab