معضلة الحديدة والمقاربات العاقلة

معضلة الحديدة والمقاربات العاقلة

معضلة الحديدة والمقاربات العاقلة

 العرب اليوم -

معضلة الحديدة والمقاربات العاقلة

بقلم : يوسف الديني

هناك إعادة تقييم ومراجعات جادّة يجب أن تستثمرها الحكومة الشرعية في اليمن والفرقاء الذين يجب أن يتحدوا في إعادة البلاد المختطفة لصالح الميليشيا والمشروع الإيراني، هذه المراجعات جاءت بعد انحسار ردود الأفعال المستعجلة والمنفعلة في الصحافة الغربية المؤيدة لإسرائيل لتعقبها العشرات من الأوراق البحثية، وتقدير الموقف في مراكز الأبحاث وخزانات التفكير، وخلاصتها أن ردة الفعل الإسرائيلية بهذه الطريقة التي استهدفت فيها تدمير البنية التحتية كشفت عن عدد كبير من الأخطاء في مقاربة المجتمع الدولي والقوى الغربية للملف اليمني وتعقيداته.

يمكن تلخيص هذه الثغرات في جملة واحدة: عدم الاستماع للرياض... منذ اللحظات الأولى لـ«عاصفة الحزم» كان موقف السعودية واضحاً من أن تدخلها كان لاستعادة الشرعية، ووقف مشروع اختطاف اليمن وتجريف هويته، وأن الأولوية لمصلحة الشعب اليمني وتجنيبه كوارث الحرب الأهلية أو الاقتتال بين القوى المسلحة، أو استحالته إلى منطقة توتر مستدامة، لكن ذلك قوبل بتغطيات غربية صحافية متحيّزة، لأن تغطيات الحرب ترصد الظواهر السلبية والكوارث الإنسانية، وهو متفهم ومستحق، لكن خطيئتها أنها كانت صمّاء، عن المتسبب في هذه الكارثة، ومن دون تقدير لآليات التغيير لـ«عاصفة الحزم» في مشروعها لاستعادة اليمن وبتحالف قوي ومتماسك، والأهم أنه مستند على القانون الدولي، وهو الأمر الذي كان سيحمده اليمنيون طويلاً حين يؤتي أُكله. ما فعلته المقاربة الغربية آنذاك، خصوصاً من الصحف وبعض المنظمات الحقوقية، هو إنتاج قصص مبتورة ومشوهة ومنح الشرعية للميليشيا بوصفها ضحية، واستجابة لخطاب المظلومية الذي تحاول فيه تسويق كوارثها التي سببتها لليمنيين، واليوم نشهد سقوطاً مدوياً لصمت الإعلام الغربي عن ردة الفعل الإسرائيلية، رغم أنها أضرت بمقدرات اليمنيين من دون أن تمس الميليشيا بأذى.

مايكل نايتس المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج العربي، وهو أحد مؤسسي منصة «الأضواء الكاشفة للميليشيات» كتب ورقة مهمة عما حدث في الحديدة، مؤكداً على العواقب الإنسانية، وخطر تدمير البنى التحتية، لكنّه حمّل الحوثيين وإيران مسؤولية مخاطر المجاعة ونقص الوقود، والأهم قام بتتبع كيف استطاعت طهران تحويل اليمن لممر لبيع منتجاتها النفطية الخاضعة للعقوبات.

في المقابل، استهدفت إسرائيل 28 خزاناً للنفط ورافعتين جسريتين في ميناء الحاويات، وهذا وفقاً للخبراء العسكريين جزء من استهداف المنتجات الهيدروكربونية التي يتم نقلها لأذرع إيران في المنطقة، في مقابل دعم مباشر من إيران للميليشيا في اليمن، يضاف إلى اقتصادها الموازي الذي يأتي من الإتاوات وفرض الضرائب.

عدم الاكتراث الإسرائيلي بالحالة الإنسانية والمدنية هو في حقيقته أيضاً الوجه الآخر لعدم اكتراث إيران وميليشيا الحوثي باليمنيين، حيث تحويل ميناء الحديدة إلى مركز يمارس أدواراً هجينة، وكلنا يتذكر كيف كانت قوات التحالف والشرعية اليمنية بدعم السعودية قريبة من حالة الحسم فيما يخص استغلال ميناء الحديدة، لولا تدخل القوى الغربية بدعوى الحالة الإنسانية، وهو ما تحوّل إلى تأييد ومساندة مع الحالة الإسرائيلية رغم الفارق في الأولى بين استعادة اليمن لأهله، والثانية في ردة الفعل ومحاولة إيصال رسالة خشنة لطهران.

المعضلة أن ميناء الحديدة سيظل هو المركز الأهم لعمليات نقل الغذاء والدواء والموارد التي يحتاجها الشعب اليمني، ورغم أنه فقد طاقته وقدرته الإنتاجية بشكل متدرج مع إهمال الميليشيا لاشتراطاته التشغيلية، فإنه اليوم يُشكّل نقطة عبور غير محببة لشركات النقل بسبب الحالة الخطرة على المستويين الأمني والبيئي، وهو ما يعني زيادة المعاناة والعبء على الحالة الإنسانية في الداخل اليمني، والتي تسعى الميليشيا إلى تعميقها من خلال إهمال صيانة مولدات الطاقة ومضخات المياه، وعدم السيطرة على أسعار الوقود، وهو الأمر الذي تحاول السعودية سد فجوته من أجل اليمنيين. ومن يراجع أرقام البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يدرك ذلك، حيث تم إنفاق ما يزيد على المليار ونصف المليار على أكثر من 159 مشروعاً شملت أهم عشرة قطاعات، وعلى رأسها الطاقة والنقل والإصلاح البيئي والتعليم والصحة.

تفاقم الحالة اليمنية من دون ضغط المجتمع الدولي على كل الأطراف لإعادة مقاربة الحالة اليمنية، من شأنه أن يؤدي إلى الدوران في حلقة مفرغة، حيث النتائج مسببها واحد وهو عدم فهم اليمن وتعقيداته، وستقوم ميليشيا الحوثي بتضخيم صورتها وشعبيتها بهجمات لإعادة تسخين المنطقة بحجة نصرة فلسطين، وأنها لم تخذل اليمنيين.

الحل أن يأخذ المجتمع الدولي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خطوة أكبر لمقاربة جديدة ومختلفة لليمن والميليشيا، مستندة مجدداً إلى دعم الحكومة الشرعية، والاستماع للرياض أيضاً.

 

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة الحديدة والمقاربات العاقلة معضلة الحديدة والمقاربات العاقلة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab