الاستثمار في الداخل درس الأزمة الأوكرانية

الاستثمار في الداخل: درس الأزمة الأوكرانية

الاستثمار في الداخل: درس الأزمة الأوكرانية

 العرب اليوم -

الاستثمار في الداخل درس الأزمة الأوكرانية

بقلم - يوسف الديني

كل ما يقال عن حرب بوتين في أوكرانيا قد يكون صحيحاً، لكنه يعد من الصحيح المضلل، إذ لا يتحدث عن الوجه الآخر من معادلة المغامرة، أو المقامرة، وهو هشاشة الغرب ككتلة مفاهيمية صلبة ظلت في كثير من المتخيل العالمي حتى للغربيين، معبراً عن مرجعية سياسية وقيمية وقانونية تعطي الضمانة حتى للمؤسسات الدولية القائمة على إسناد القوى الغربية، الذي لا يبدو أنها قادرة على منحه اليوم، أو على الأقل إظهار أي ممانعة ضد المغامرة الروسية، وما يتوقع أن يليها من التحدي الأكبر مع المارد الصيني.
يحاول الأوكرانيون اليوم التصدي لحرب غير متعادلة بصدور عارية وشعارات مكتنزة ووعود غربية دسمة، حتى بلغ الأمر اليوم إلى الحد الذي بدأ الشك يدب إلى الداخل الأوروبي من مواقف الدول التي ما زالت على المحك لحالة إعادة الأوزان السياسية للعالم، ورسم خرائط جيوسياسية مبنية على استحضار التاريخ وموازين القوى أكثر من التحالفات المبنية على مفاهيم أو منظومات سياسية متجانسة، ولو رفعت قيم التعددية والديمقراطية والحريات.
عملية بوتين لم تكن في أوكرانيا، بل بدأت منذ عقد ونصف العقد، بعد غزو جورجيا 2008م، ثم القرم 2014م، دون أي تدخل غربي، ولا من الولايات المتحدة، وكان التعبير في حقبة أوباما هو الامتناع عن تقديم مساعدات كبرى خشية استفزاز روسيا أو تصعيد الصراع.

 

في الشرق الأوسط القصة عندنا مختلفة، لذلك ردود الأفعال أيضاً مختلفة، لا على المستوى الرسمي، بل حتى في التلقي المجتمعي والنخبوي للأزمة الروسية الأوكرانية، فما حدث هو بالنسبة لهم على الأقل في قراءة التخاذل الغربي، أو الشعور بعدم الجدوى للعقوبات أو الوعود، حالة أخرى مما جرى في التدخل الروسي بسوريا، وكان يقال حينها من المأخوذين بالمقاربة الغربية للملفات والأزمات الكبرى إنهم أرادوا أن يغرق بوتين في المستنقع الشرق أوسطي وفي سوريا.
المسألة لم تعد معسكراً غربياً، أو شرقياً، يساراً أو يميناً، اليوم المعادلة هي في الاستقرار والدخول في مظلة الأمان بمعناه التعددي الواسع السياسي والاقتصادي والغذائي بعيداً عن الشعارات، وحتى مع قناة النخب والمجتمع بأن الصين المارد القادم ما زالت ينقصها الكثير لتقارع التفوق الغربي القيمي والتكنولوجي، لكن سعيها مشروع لابتلاع الفراغ الغربي وحالة الانسحاب في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ودول العالم النامي ومتفهم جداً، لأنه مشروع تضامني واضح ومحدد، حيث يسعى المشروع الصيني لإعادة رسم الجيوسياسية الاقتصادية في العالم، ومن دون ادعاءات سياسية أو حقوقية أو أخلاقية كما اعتادت البروباغندا الغربية على تمرير مشاريعها منذ عقود، خصوصاً بعد حالة التراجع والانكشاف في معالجة مناطق التوتر في العالم وطريقة الازدواجية في تناول ملفات المنطقة، وفقاً لاعتبارات اقتصادية محضة.
مشروع الصين رغم نفعيته وبراغماتيته واضح وصريح يهدف إلى بناء تحالفات جيواستراتيجية لحماية الممرات البحرية الحساسة والمهمة لنقل الطاقة، وبناء منشآت عسكرية بتوافق مع الدول المستهدفة لحماية مصالحها الاقتصادية.
النفوذ الاقتصادي في عالم اليوم هو السلاح الأول المفضل للدول القوية. ولذا؛ نرى مع كل التهديدات الكبرى التي تهدد أمن الخليج ودوله، أنها - بشكل أكثر وضوحاً في السعودية ورؤيتها الاقتصادية - ماضية بقوة في إنجاز المشروعات الاقتصادية، رغم صفيح المنطقة الساخن، مع تعزيز خطوط الدفاع ومشروعات الأمن القومي والردع، من دون الانزلاق في ردود الفعل القصيرة المدى.
في دول الاعتدال والمنطقة، دروس الملف الأوكراني وروسيا والمقاربة الغربية ما زالت في أولها، لذلك فالرهان ليس على الدخول في تحالفات حادة، بل التعامل بذكاء مع المواقف الجديدة؛ حالة الانكفاء الغربي، والرغبة في التخلي، وحالة الحضور لقوى وجيوسياسية جديدة، واستثمارها في رؤية خاصة متماسكة قائمة على السيادة والفاعلية، والاستفادة من الإمكانات الذاتية، كما هو الحال مع «رؤية 2030»؛ الرهان الأول للسعوديين والعقلاء في المنطقة.
رهانات دول الاعتدال اليوم ليست على مشاريع خارجية، أو صعود قوى جديدة، ومنها الصعود الصيني، رغم التقاطعات مع ما تقدمه الصين من مبتكرات ونماذج باتت محل اهتمام كبريات دول العالم رغم المماحكة السياسية؛ وإنما على القدرة على الحياد في تقييم التحولات الجيواستراتيجية الجديدة، وتقديم أولويات الاستثمار في الداخل، والتقاط الفرص الواعدة في مجالات الذكاء الصناعي، وتسخير الطاقات الشبابية الهائلة التي تشكل النسبة الأعظم من السكان في التدريب، والتخلص من رهاب التخصصات التقليدية في التعليم، واجتراح مجالات جديدة على مستوى المهارات والتدريب والتخصصات الدقيقة، خصوصاً في المجالات الحيوية، لذلك كانت الرؤية في نسغها وجوهرها تتمحور حول الإنسان وتدور على اعتباره رأس مالها الأول.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستثمار في الداخل درس الأزمة الأوكرانية الاستثمار في الداخل درس الأزمة الأوكرانية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab