محاولة الاغتيال ترمب واليسار الليبرالي

محاولة الاغتيال... ترمب واليسار الليبرالي

محاولة الاغتيال... ترمب واليسار الليبرالي

 العرب اليوم -

محاولة الاغتيال ترمب واليسار الليبرالي

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

تتطوّر التعريفات بتطور العلوم والممارسات، في كل علمٍ وكل تجربة، وتاريخ الأفكار ودراسة التجارب وتطوير المصطلحات تعبر عن مزيد تعقيد في الواقع، تقابله زيادة في الرصد والقراءة والتوصيف، وأي رصدٍ لتطور العلوم والمعارف في الأعوام المائة الأخيرة من عمر البشرية كفيلٌ بتأكيد هذه الحقائق.

ترمب الظاهرة، خرج من رحم التطورات السياسية الأميركية في الثلاثين عاماً الأخيرة، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة، وتربُّع أميركا منفردة على هرم قيادة العالم، وحين تحوّلت إلى إمبراطورية منتصرة، وخرجت مقولة المفكر الأميركي فرانسيس فوكوياما عن «نهاية التاريخ» توازى مع ذلك البحث عن عدوٍ جديدٍ، تمثّل حينها في أطروحات منها «الخطر الإسلامي» أو «صدام الحضارات»، كما كتب المفكر الأميركي الآخر صموئيل هنتنغتون، وقد طوّر كلٌ منهما أطروحته فيما بعد، ولكن أثر ذلك بقي على الواقع.

احتدام الصراع السياسي الذي وصل إلى حدودٍ غير مسبوقةٍ داخل أميركا، هو اختلافٌ في النظريات الفلسفية والأفكار العميقة حول تعريف «هوية» أميركا وطبيعة «الحلم الأميركي» الذي تريد أن تكونه لنفسها وللعالم، فهو صراعٌ على التاريخ وعلى المستقبل، وحين سيطر «المحافظون الجدد» على الحزب الجمهوري في عهد جورج بوش الابن جاء باراك أوباما ليقود «اليسار الليبرالي» داخل الحزب الديمقراطي، وبينما دخل بوش الابن حربين في العراق وأفغانستان لمواجهة «الخطر الإسلاموي»، جاء أوباما برؤية دعم «الجماعات الأصولية» لتسلم الحكم في الدول العربية، وحين استعرض بوش الابن قوة أميركا العسكرية الخشنة، جاء أوباما بالانعزالية والانسحابية من العالم، وأظهر أميركا ضعيفةً أمام كل الخصوم، من روسيا مروراً بإيران، وصولاً إلى «الجماعات الأصولية» التي هي أصل الإرهاب وأساسه ومنبعه.

ذهب أوباما والحزب الديمقراطي بعيداً مع «اليسار الليبرالي» في السياسة والمجتمع، في الإعلام والفنون، في الجامعات وثورة السوشيال ميديا، وكان طبيعياً أن يأتي جواب اليمين المحافظ الأميركي موازياً لهذا الانحراف في يمينيته ومحافظته، فكان ترمب الذي سحق خصومه داخل الحزب الجمهوري، ثم سحق هيلاري كلينتون والحزب الديمقراطي وتسلّم قيادة أميركا.

كان هذا تصعيداً للصراع التاريخي بين «اليمين» و«اليسار» داخل أميركا، وبدلاً من أن ينتصر الوسط في «اليمين» أو في «اليسار» أصبح اليسار يزداد يساريةً، واليمين يزداد يمينية، وبعد انتصار «ترمب» سعى اليسار الأميركي لتشويهه والتقليل من شأنه وازدرائه والتخطيط لإسقاطه لا سياسياً فحسب بل شخصياً بوصفه «شعبوياً» و«متطرفاً»، وبأنه شذوذ عن طبيعة السياسة الأميركية، بل والهوية الأميركية، وسعوا لإسقاطه بشتى الطرق، ومنها دعم حركاتٍ اجتماعية نشطة مثل «حياة السود مهمة» أو حركات «الشذوذ الجنسي» وغيرهما، وعندما سقط في انتخابات 2020 أكدوا أنه انتهى ولن يعود مجدداً، وبأن «الترمبية» مصيرها التلاشي التام، ونشروا ذلك عبر العالم وتأثر بهم كثير من الكتاب العرب في تعليقاتهم وتحليلاتهم، وكان ذلك تفكيراً رغبوياً أكثر منه تحليلاً عقلانياً وواقعياً.

لأربع سنواتٍ من ولاية بايدن، سعى الديمقراطيون و«اليسار الليبرالي» لمحو كل أثرٍ لسياسات ترمب، ولاحقوه شخصياً ملاحقةً يراد بها إنهاء أي مستقبلٍ سياسيٍ له، وتحذير أي أحدٍ من اقتفاء سياساته أو إعادة طروحاته في سلسلة طويلة وصلت إلى استخدام «القضاء» ضده، وأصبحت مفاهيم «العدالة» و«الديمقراطية» على المحك في نموذجها الأرقى، حتى تدخلت «المحكمة العليا» وأعادت الأمور إلى نصابها.

عهد بايدن هو أقرب إلى ولاية ثالثة لعهد أوباما، السياسات نفسها والتوجهات ذاتها والأشخاص أعينهم أحياناً، وقد أثر ضعفها كثيراً على العالم بأسره، فالعالم لا يحتمل الفراغ ولا الضعف، ومن هنا عاد ترمب ليضرب بقوةٍ كل سياسات بايدن في كل المجالات، وهو قويٌ ومتماسكٌ، وقد استفاد كثيراً من ولايته الأولى في مقابل بايدن الذي رغم تاريخه الطويل، أصبح يعاني صحياً وذهنياً بشكل لا يمكن إنكاره حتى لدى أنصاره.

بعد المناظرة الرئاسية الأولى وقعت الكارثة لدى الحزب الديمقراطي باعتراف قياداته، فبايدن لا يمكن أن يقف في وجه ترمب بأي حالٍ من الأحوال، ومعركته خاسرةٌ، ودخل الحزب الديمقراطي في اضطرابٍ حول إقناع بايدن بالانسحاب ورفضه القاطع له، ولم ينتهِ هذا الجدل بعد، والوقت قصير نحو الانتخابات والتفتيش عن بديلٍ ليس بالأمر اليسير، وربما بعض القيادات لا تريد مواجهة ترمب في حال قوته.

ثم جاءت الطامة الكبرى على الحزب الديمقراطي بمحاولة اغتيال ترمب، الذي أصبح لدى أنصاره مثل «الشهيد الحي» أو «المسيح الحي» أو المخلص المؤمن بقضيته، حتى لو مات دونها.

أخيراً، فصراع بايدن وترمب صراع أميركي، وما يهمنا عربياً هو سياسات الرجلين تجاه دولنا وشعوبنا ومنطقتنا.

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاولة الاغتيال ترمب واليسار الليبرالي محاولة الاغتيال ترمب واليسار الليبرالي



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab