الوثنية فكرة «أوليجاركية»

الوثنية فكرة «أوليجاركية»

الوثنية فكرة «أوليجاركية»

 العرب اليوم -

الوثنية فكرة «أوليجاركية»

بقلم - محمود خليل

الوثنية ليست مجرد أصنام يعبدها الأفراد، بل هي قبل ذلك فكرة تتمكن من عقل ووجدان المجموع فتجعلهم يخضعون لكبارهم. فالشخص العادي يمكن أن يتحول إلى صنم إذا سمع له المجموع وأطاع، أو وضعوه في مرتبة غير مرتبة البشر، فقدسوه أو برأوه من الخطأ أو أسكنوه في مربع المثالية.

عبادة الأصنام في مجتمع نبي الله نوح أو غيره من المجتمعات، يحمل رمزية خاصة للمكانة التي تحظى بها الطبقة المسيطرة، فهم الأصنام الحقيقيون، وما الأوثان التي سووها وطالبوا المجموع بعبادتها إلا كبارهم الذين عظموهم وبجلوهم ووضعوهم في منزلة عليا، ثم نسوا فيما بعد أنهم بشر مثلهم فعبدوهم.

حين دعا "نوح" قومه إلى عبادة الواحد الأحد واجهه قومه برد عجيب قالوا له فيه أنه لا يرون فيه أكثر من بشر مثلهم. يقول الله تعالى: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إنى لكم نذير مبين أن لا تعبدوا الا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشرا مثلنا".

علة رفض قوم نوح لدعوة التوحيد أنهم لم يروا فيه إلا بشراً مثلهم، ما يعني أنهم كانوا يتوقعون غير ذلك لكي يعترفوا بنبوته، ويدينون له ولفكرة الوحدانية بالطاعة، ويعطيك ذلك مؤشراً عن طبيعة تفكيرهم التي ترى أن الخضوع لابد أن يكون لشخص "فوق البشر" وليس لإنسان عادي مثلهم، ما يوضح لك أن الوثنية داخل مجتمع "نوح" لم تكن مجرد أصنام من حجر يعبدها أهله، بل كانت فكرة تسيطر على نظرتهم إلى المجتمع المثالي الذي يدافعون عنه، المجتمع الذي تسيطر عليها أوليجاركية ترى أنها فوق البشر ويدين لها الجميع بالسمع والطاعة.

تتأكد لك هذه الفكرة من العلة الثانية التي قدمها قوم نوح لرفض دعوته: "فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم أراذلنا بادى الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين".

كانت العلة الثانية في هؤلاء الأرازل الذين تحلقوا حول "نوح" وآمنوا به.

النظرة الطبقية واضحة كل الوضوح في هذا الطرح، فقوم "نوح" يريدون نبياً من عجينة غير عجينة البشر، تأكيداً لرؤيتهم الوثنية، ويريدون أتباعه من علية القوم، أو من الكبار الذين يصنفون أنفسهم في مصاف غير مصاف البشر.

لقد رفض "نوح" دعوة قومه إلى طرد المؤمنين به ورد عليهم كما يحكي القرآن قائلاً: "وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم"، وجادل قومه مؤكداً على أنه بالفعل إنسان عادي، وليس من أصحاب المال ولا يعلم الغيب وما هو بالملك، إنه بشر عادي يريد إصلاح المجتمع وإخراجه من مربع الوثنية إلى مربع الوحدانية، بما تعنيه من تحرير للإنسان من العبودية لغيره، والمساواة ما بين البشر، وعدم التمييز بينهم بسبب المال أو الوضع الاجتماعي، فينظر إلى هذا على أنه من الأفاضل وذاك على أنه من الأرازل.

يقول الله تعالى: " ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين".

arabstoday

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

انتخابات حاسمة

GMT 01:54 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

من ضرورات الحياة

GMT 01:41 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

لا حرب قريبة على لبنان

GMT 00:11 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

خطر اليمين القادم!

GMT 22:07 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

الذكاء الاصطناعي والحرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوثنية فكرة «أوليجاركية» الوثنية فكرة «أوليجاركية»



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 07:43 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

اكتشاف السبب الكامن وراء الصداع النصفي
 العرب اليوم - اكتشاف السبب الكامن وراء الصداع النصفي

GMT 14:50 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

إياد نصار يكشف سبب حبه للشخصيات «التوكسيك»
 العرب اليوم - إياد نصار يكشف سبب حبه للشخصيات «التوكسيك»

GMT 17:06 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

سوريا تعلن وفاة مستشارة الرئاسة لونا الشبل
 العرب اليوم - سوريا تعلن وفاة مستشارة الرئاسة لونا الشبل

GMT 08:55 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ارتفاع كبير في حالات حمى الضنك من حول العالم

GMT 07:43 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

اكتشاف السبب الكامن وراء الصداع النصفي

GMT 16:37 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

سوناك يقر بالهزيمة في انتخابات بريطانيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab