الإنسان العاري

الإنسان العاري

الإنسان العاري

 العرب اليوم -

الإنسان العاري

بقلم - د. محمود خليل

ليس لديك ما يمكن أن تحتفظ به لنفسك.. ففى عصر المعلومات أصبحت عرياناً أمام العالم الافتراضى.. فحركاتك وتحركاتك على المواقع مرصودة ومخزّنة فى ملفات على اللاب أو الموبايل الخاص بك من خلال برامج التعرف على البيانات الشخصية الموجودة على المواقع، أو عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعى التى تتتبع خرائط الموضوعات التى تبحث عنها، وبمجرد ما تشم أو تلمح اهتمامك بموضوع معين، حتى تغرقك بسيل من المعلومات ذات الصلة به.. مؤكد أنك عانيت ما أقول مرة، إذا تصادف وبحثت عن دواء، أو جهاز ما، أو نوع من الملابس، أو الأطعمة، أو الفيديوهات، أو غير ذلك، فبمجرد ما تفعلها مرة حتى تغرق بعدها فى طوفان من المعلومات ذات الصلة، فتغرق فى أنواع مختلفة من الأحذية إن كنت تبحث عن حذاء، والأدوية إذا كنت تبحث عن دواء، والأجهزة إن كنت تبحث عن جهاز.. وهكذا.

إنه زمن الذكاء الاصطناعى، أو زمن الآلة التى لا تتفاهم ولا تحس ولا تشعر، إنها فقط تؤدى عملها، وتغرقك بالمعلومات اللازمة وغير اللازمة.. والمعلومات إذا زادت عن حدها أو تجاوزت حداً معيناً فإنها تتحول إلى آلة عكسية، فبدلاً من أن تؤدى إلى الاتزان المعرفى تتسبب فى نوع من الارتباك.. فعلى سبيل المثال حين تطلب معلومة عن مرض معين، فقد تجد نفسك غارقاً بعدها فى سيل من الفيديوهات التى تحمل معلومات، يختلط فيها الغث بالسمين، والدقيق بغير الدقيق، والصحيح بالخاطئ وهكذا، وبدلاً من أن تصبح المعلومات أداة للإرشاد تتحول إلى وسيلة للإرباك.

المسألة طبعاً لا تتوقف عند لعبة المواقع ومنصات التواصل الاجتماعى التى تكتشفك أو تكشفك أو تعريك ثم تغزوك، إنها تتصل أيضاً بأبسط الأمور بما فى ذلك تليفونك الذى تحمله فى يدك آناء الليل وأطراف النهار.. فما أكثر ما يرن لتجد على الطرف الآخر شخصاً -لا تعرف من أين أتى برقمك- وتجده يقدم لك عرضاً تجارياً، أو طلباً إنسانياً، لصالح جهة أو جمعية وغير ذلك.. قد يتسبب هذا التليفون فى التنكيد عليك، حين تجده يعرض عليك عرضاً لا يناسب إلا الأغنياء فى حين أنت من المتوسطين، أو يناسب أحد المتوسطين، فى حين تكون أنت أحد المحدودين، وهكذا.

إن الأدوات التى تيسرت لمعرفتك والتى تقضى أمامها عدداً لا بأس به من ساعات اليوم تحولت إلى أدوات تنكيد وعكننة بما تبثه إليك من معلومات، قد يكون الجهل به سبباً فى السعادة، مثل المعلومات التى تباغتك بها مواقع التواصل الاجتماعى، أو المكالمات المفاجئة المقتحمة، وتجعلك فريسة للاتصالات المزعجة، أو الرسائل الترويجية أو التسويقية التى تأتيك من كل حدب وصوب.

عصر المعلومات وفّر للإنسان أجهزة تتيح له المعلومات القادرة -فى بعض الأحوال- على التنكيد عليه أو إرباك تفكيره أو رفع مستوى قلقه وتوتره.. هذه الآفات لا ترتبط بالطبع بكل أنواع المعلومات التى يستقبلها الإنسان وتفيده، لكنها ترتبط بنسبة لا بأس بها منها.

arabstoday

GMT 23:18 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

سهرة في متحف الشمع

GMT 23:16 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

اللعب بالنار على الطريقة الفرنسية

GMT 23:13 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

لا حل آخر في الخرطوم

GMT 23:11 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

خطورة ارتفاع الدين العالمي

GMT 23:07 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (١٤)

GMT 23:04 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

طه في المدينة

GMT 22:56 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

العيد ومفهوم الدين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان العاري الإنسان العاري



الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ العرب اليوم

GMT 18:08 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

حزب الله يدخل أسلحة جديدة في معركته ضد إسرائيل

GMT 23:54 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

آسر ياسين يكشف تفاصيل أعماله الجديدة

GMT 02:34 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

انتهاء ظاهرة النينيو المناخية بشكل رسمي

GMT 02:59 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

استهداف 3 منازل في غزة وسقوط شهداء بينهم أطفال

GMT 11:16 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

وفاة السيناريست السوري فؤاد حميرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab