مأساة تتكرر

مأساة تتكرر

مأساة تتكرر

 العرب اليوم -

مأساة تتكرر

بقلم - د. محمود خليل

كان هشام بن عبد الملك -مثل كل حكام بني أمية- عنيفاً مع معارضيه، وغاب عنه أي ميل إلى الموائمة السياسية، أو الحكمة في معالجة أمر من يعارضون حكمه.

حدث ذلك مع واحد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الحسين بن علي بن الحسين السبط.

وكان من أشد معارضي هشام بن عبد الملك.

وقد كان لـ"زيد" قصة مع أهل العراق تتشابه إلى حد كبير مع قصة جده "الحسين بن علي"، حين التف حوله عدد من الشيعة المناوئين للدولة الأموية، وكانوا –كما يحكي ابن كثير- حوالي أربعين ألفا، فنهاه بعض النصحاء عن الخروج وقالوا له إن جدك –يقصدون الحسين- خير منك وقد التفت على بيعته من أهل العراق ثمانون ألف ثم خانوه.

وحذروه من أهل العراق فلم يقبل منهم "زيد"، بل استمر يبايع الناس في الكوفة على كتاب الله وسنة رسوله حتى استفحل أمره بها، وما زال كذلك حتى دخلت سنة 122ه فكان فيها مقتله، بسبب انفضاض أهل العراق من حوله.

ويرى المؤرخون أن انفضاض الشيعة من حول "زيد" ارتبط برأيه في الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقد سأله شيعة العراق: ما قولك يرحمك الله في أبى بكر وعمر؟، فقال: غفر الله لهما ما سمعت أحدا من أهل بيتي تبرأ منهما.

وأنا لا أقول فيهما إلا خيرا، قالوا: فلِمَ تطلب بدم أهل البيت؟ فقال: إنا كنا أحق الناس بهذا الأمر، ولكن القوم استأثروا علينا به ودفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا، ثم سألوه لماذا يقاتل بني أمية وهو يوقر الشيخين أبا بكر وعمر فقال: إن هؤلاء ليسوا كأولئك، إن هؤلاء –يقصد الأمويين- ظلموا الناس وظلموا أنفسهم.

وإني أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه وإحياء السنن وإماتة البدع فان تسمعوا يكن خيرا لكم ولي، وإن تأبوا فلست عليكم بوكيل.يظهر هذا الخطاب أن من نهجوا نهج "زيد بن علي" (الزيدية) كانوا أكثر فرق الشيعة اعتدالاً، وربما كان السبب في ذلك أن قضية "زيد" كانت واضحة أشد الوضوح.

فالرجل خرج ليدفع عن المسلمين ظلم بني أمية واستبدادهم، وأراد أن يحيي مفهوم الدولة "الديانة" أي الدولة التي تحيي قيم وأخلاقيات الإسلام، لذلك كان من الطبيعي أن يخالف التيار الشيعي السائد الذي يتبنى فكرة الهجوم على الشيخين أبي بكر وعمر، وأن يترضى عنهما، لأنه ببساطة التقى معهما في الفكرة والهدف.

فكرة بناء "الدولة الديانة" التي تختلف في توجهاتها أشد الاختلاف عن "دولة المُلك" التي أقام بنو أمية دعائمها، حين تخلوا عن الكثير من قيم الإسلام وعلى رأسها قيمة "الشورى" وحق المسلمين في الاختيار لأنفسهم، وأقاموا ملكاً عضوضاَ يتوارث فيه الأبناء الحكم عن الآباء.

وأسسوا الحكم على الغلبة بالسيف والاستبداد بالأمر، لأنهم آمنوا أن فكرة "تقوية الدولة" مقدمة على فكرة "حماية كرامة الإنسان"، فضاعت الدولة وضاع الإنسان.لقد أعاد زيد بن علي الاعتبار إلى الدفاع عن الإنسان ضد ظلم الدولة، وأعلاه على الانتماءات المذهبية، وبمقتله على يد هشام بن عبد الملك تم دق مسمار جديد في نعش الدولة الأموية.

arabstoday

GMT 02:32 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

ما قال... لا ما يقال

GMT 02:31 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 02:27 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 02:24 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 02:22 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

GMT 02:19 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

عن الحيادِ والموضوعيةِ والأوطان

GMT 02:15 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

أين يُباع الأمل؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأساة تتكرر مأساة تتكرر



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 02:31 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال قوي يضرب جزر الكوريل الروسية ولا أنباء عن خسائر

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 05:53 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أكبر معمرة في إيطاليا عمرها 114 عاما

GMT 08:49 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 05:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

محكمة روسية تصادر ممتلكات شركة لتجارة الحبوب

GMT 07:55 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي يودي بحياة 9 فلسطينيين بينهم 3 أطفال في غزة

GMT 05:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر في البرازيل لـ10 قتلى

GMT 12:22 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

مدير منظمة الصحة العالمية ينجو من استهداف مطار صنعاء

GMT 02:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب الفلبين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab