المخلصون لـ«الوثنية»

المخلصون لـ«الوثنية»

المخلصون لـ«الوثنية»

 العرب اليوم -

المخلصون لـ«الوثنية»

بقلم - د. محمود خليل

الإخلاص للوثنية لا يفنى، لكن من الممكن أن يُستحدث من عدم. تلك هي النتيجة التي يمكن أن يخلص إليها من يتأمل قصة نبي الله "هود" مع أهله من قوم "عاد"، كما حكتها آيات القرآن الكريم.

سكن قوم "عاد" مدينة الأحقاف، وهناك سورة كاملة في القرآن الكريم عنوانها "الأحقاف"، ورد فيها طرف من قصة هود مع "عاد".. قال الله تعالى: "واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم".

الآية الكريمة السابقة تحمل إشارة بليغة إلى موقع "هود" من قومه، وطبيعة علاقته بهم والتي أخذت شكل الأخوة، لكن أمرها اختلف كل الاختلاف بعد أن دعاهم إلى نبذ عبادة الأصنام، وقد كانوا أول الأجيال التي عادت إلى الوثنية بعد طوفان نوح، ليثبتوا نظرية أن الإخلاص للوثنية لا يفنى، وأن بالإمكان استحداثها من عدم.

فالمدافعون عن الوثنية هم في الأغلب قوم عدميون.

العدميون يحملون نظرة أساسها الاستخفاف بكل القيم النبيلة التي تحكم الحياة، ويرون أن مصير الإنسان إلى الفناء، وأن الموت هو نهاية الرحلة، وليس بعده قيامة ولا حساب.. يصف القرآن الكريم الحالة العدمية التي غلبت على قوم "عاد" في الآية الكريمة التي تقول: "أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين".

العدميون نظرتهم دنيوية بحتة، وهم لا يؤمنون بإدارة الدنيا بناء على معايير العدل، بل تأسيساً على معايير القوة والبطش بالآخرين.. يقول تعالى: "وأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة".

هذه النظرة العدمية دفعت قوم "عاد" إلى اتهام "هود" الذي أسس علاقته معهم على الأخوة بـ"السفاهة"، وقد كان من العجيب للغاية أن يتهم قوم باعوا عقلهم فعبدوا أصناماً لا تنفع ولا تضر رجلاً يدعوهم إلى الوحدانية وعبادة خالق السماوات والأرض بالسفه: "قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين".

كذلك أصحاب الفكر الحجري والأداء الوثني في كل زمان ومكان، إنهم يشككون في القدرات العقلية لكل من يدعوهم إلى الخروج من دوائر العدمية إلى دوائر التحقق الإنساني، ويتهمون الدعاة إلى ذلك بالحمق والعبثية، في وقت يعتبرون فيه أمثالهم من أصحاب العقول المتحجرة والفكر الحجري بالرشد والوعي بالحياة وما بعد الحياة.

الوثنيون أصحاب النظرة العدمية يحبون من يفكر بذات الطريقة الحجرية التي يفكرون بها، حتى لو استذلهم وتجبر عليهم.. يقول تعالى: "وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد"، أما من يتحرك نحوهم بعاطفة الأخوة والنصح -كما فعل هود- ويعتمد على إقناعهم بالعقل والمنطق، فإنه لا ينال منهم إلا الأذى، فيوجهون إليه الاتهامات، مرة بالسفاهة ومرة بالجنون: "إن نقول إلا اعتراك بعض بعض آلهتنا بسوء".. إنهم يعترفون للحجر بالقدرة لأن قلوبهم القاسية عطلت عقولهم عن الفهم.والمآل الطبيعي لأصحاب العقول المتحجرة هو تحطيم رؤوسهم وقد كان: "فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين".

arabstoday

GMT 07:47 2024 الأحد ,30 حزيران / يونيو

هل يتمُّ الانقلاب على بايدن؟

GMT 07:46 2024 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ساعة الواق واق

GMT 07:45 2024 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أساتذتَنا في الغرب... ما درسكم الجديد لنا؟

GMT 07:44 2024 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أميركا بين «خيال المآتة» و«الأسد الجريح»

GMT 07:43 2024 الأحد ,30 حزيران / يونيو

النابش والمنبوش في الكويت

GMT 07:41 2024 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دفاعاً عن قدْر من اللا أدريّة في تحليل عالمنا

GMT 07:40 2024 الأحد ,30 حزيران / يونيو

عبد الوهاب «ظمأ وجوع»!

GMT 07:38 2024 الأحد ,30 حزيران / يونيو

مصطفى وعلى أمين والأمل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المخلصون لـ«الوثنية» المخلصون لـ«الوثنية»



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - أفضل أنواع النباتات التي تمتص الحرارة في المنزل

GMT 13:19 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

تويوتا جيب اصغر سيارة في السعودية لعام 2024
 العرب اليوم - تويوتا جيب اصغر سيارة في السعودية لعام 2024

GMT 11:03 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

تيك توك تستعد لتحدي حدث أمازون Prime Day
 العرب اليوم - تيك توك تستعد لتحدي حدث أمازون Prime Day

GMT 09:48 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

العيش بالقرب من المطار قد يصيبك بالسكري والخرف

GMT 03:42 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

عالم يركض كما نراه... هل نلحق به؟

GMT 03:37 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

مارك روته ومستقبل «الناتو»

GMT 03:45 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

للأسف... وداعاً جو

GMT 03:34 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

ماذا لو حدث!

GMT 10:15 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

كاظم الساهر يرّد على معجبة طلبته للزواج

GMT 11:03 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

تيك توك تستعد لتحدي حدث أمازون Prime Day
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab