الترفيه والتتويه

الترفيه والتتويه

الترفيه والتتويه

 العرب اليوم -

الترفيه والتتويه

بقلم - د. محمود خليل

يتعجب المراجع لسيرة «فريدريك دوجلاس» التى اشتمل عليها كتاب: «مذكرات عبد أمريكى» من أن أدوات الترفيه كانت تمثل وسائل يستخدمها السادة فى ترويض العبيد والسيطرة عليهم.

جوهر الترفيه فى حياة العبيد كان يتمثل فى الإجازات، فأيام الأعياد وغيرها كانت تمثل بالنسبة لهم فرصة للتنفس، حيث يتوقف العمل فى المزارع، بما يرتبط به من إجهاد وقسوة وعنت، وتزداد مساحات المتعة والاسترخاء والانفلات من الهموم والأوجاع التى تراكمت عبر أسابيع وشهور. وخلال فترة الإجازات تتاح أيضاً الكثير من وسائل إشباع الكيف أو المزاج، ويستمتع العبد بحالة التوهان أو التغييب التى تضعه فيها هذه الوسائل، فينسى معها عذاباته لبعض الوقت، وتشهد الإجازات أيضاً وفرة أكبر فى الطعام، يتيحها السادة الذين يحنون على العبد فى هذه الأيام دون غيرها، وتوفرها أحياناً المسألة التشاركية، حين يضع كل عبد ما لديه من طعام أمام أصدقائه، ويأكل الجميع معاً، ويأخذ كل منهم ما يكفيه.

مثّلت الإجازات فى تاريخ العبودية حضّانة تضم العديد من الأدوات التى تساعد العبد على الاستمرار وتحمُّل حياة لا يتحملها غيره، وإلى جوارها كانت المسابقات التى يتنافس فيها طرفان، وينقسم المشجعون نحوهم إلى فريقين، ويستمتع كل فريق بسعادة النصر، أو يتوجع بإحساس الهزيمة.

ولو استعرضت تجارب التاريخ فستجد أن الاحتفاليات والمنافسات لعبتا دوراً مهماً كأداتين من أدوات السيطرة على المجموع. فالبشر لديهم غرام بالمنافسات الرياضية، وهم يدفعون فيها من مالهم واهتمامهم وأعصابهم بل ودمائهم، ويشعرون أنهم ملكوا الدنيا حين ينتصر الفريق أو الطرف الذى يشجعون، وأثناء المنافسات يتعطل المتابعون عن التفكير فى أى شىء خارج المباراة، والأمر نفسه ينطبق على الاحتفاليات، حيث يميل أغلب البشر إليها ويعتبرونها مساحة للهروب من ضغوط الحياة وكدرها، وهم يستعدون لها بكل متطلباتها، ويعيشون لحظاتها بسعادة واضحة. وليس أدل على قيمة الاحتفاليات فى حياة الإنسان من ميل البشر إلى تحويل المناسبات الدينية إلى احتفاليات كبرى يختلط فيها المقدس باللامقدس والدنيوى بالدينى.. إنه البحث المستمر عن وسيلة للهروب من الواقع.

وعبر كل العصور مثّل التتويه أو التغييب الهدف الأكبر لتفعيل أدوات الترفيه فى حياة العبد، وعلى النقيض منهما كانت أدوات التعليم والتوعية أكثر الأدوات تهميشاً. فلم يكن يتاح منها شىء للعبد، يحكى «فريدريك دوجلاس» فى «مذكرات عبد أمريكى»: أنه انتقل خلال رحلة العبودية من المزرعة التى وُلد فيها إلى المدينة، ليعمل خادماً فى أحد بيوت السادة، وهناك حاولت سيدة البيت الطيبة أن تعلمه القراءة والكتابة، وقد فرح بذلك كثيراً، وكانت استجابته فى التعلم سريعة وكبيرة، ولكن حين علم سيد البيت بنشاط زوجته فى تعليمه غضب ونبّهها إلى مخاطر التعلم على العبد الصغير وعليهما. فالتعليم قد يتسبب فى تفجر مشاعر وأحاسيس بداخله تدفعه للتساؤل عن واقعه وما يحدث له، وقد يؤدى فى الختام إلى أن يثور على السادة.

العبودية وغياب الوعى شريكان لا يفترقان.

arabstoday

GMT 14:05 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

شاعر الإسلام

GMT 14:02 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 13:56 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

GMT 13:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أين مقبرة كليوبترا ومارك أنطوني؟

GMT 13:52 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

GMT 13:50 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نموذج ماكينلي

GMT 13:48 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

قطرة واحدة للتَّعرف على مذاق البحر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الترفيه والتتويه الترفيه والتتويه



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 15:40 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

SpaceX تطلق 21 قمرًا صناعيًا من Starlink إلى المدار

GMT 05:56 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

حريق جديد في لوس أنجلوس وسط رياح سانتا آنا

GMT 15:41 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعرض 65 مليون يورو لضم كامبياسو موهبة يوفنتوس

GMT 03:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استمرار غياب تيك توك عن متجري أبل وغوغل في أميركا

GMT 03:02 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

زلزال بالقرب من سواحل تركيا بقوة 5 درجات

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استشهاد مسؤول حزب الله في البقاع الغربي محمد حمادة

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 03:08 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع ضحايا حريق منتجع للتزلج في تركيا لـ76 قتيلًا

GMT 05:52 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الصين تختبر صاروخاً فضائياً قابل لإعادة الاستخدام

GMT 16:06 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تكشف ردود فعل الرجال على أغنيتها الجديدة

GMT 02:59 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

تحذيرات من رياح خطرة وحرائق جديدة في جنوب كاليفورنيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab