كروان التلاوة

كروان التلاوة

كروان التلاوة

 العرب اليوم -

كروان التلاوة

بقلم - محمود خليل

المتأمل لسيرة حياة كروان تلاوة القرآن الكريم "الشيخ محمد رفعت" يستوقفه أول ما يستوقفه صوته العبقري المتفرد، الذي لم تعرف الأذن المسلمة مثيلاً له، من قبل أو من بعد، لكنه إذا أمعن السير فيها وتوغل في سطورها المباركة، فسيجد نفسه أمام "حالة قرآنية فريدة"، بالمعنى الكامل لهذه العبارة.

فقد قدّر الخالق العظيم للشيخ أن يعيش "عبداً قرآنياً"، يستغرق منذ صباه في آيات الذكر الحكيم، يتأمل معانيها، ويسكن كل معنى منها ذرات عقله ووجدانه، يذوب في إشاراتها لأحوال الإنسان في الدنيا والآخرة، فتصبح بالنسبة له معراجاً تصعد عليه روحه الطيبة المؤمنة إلى السموات العلا، وتسبح في أنوار قدسية، وهي تلهج بالآيات الكريمة، لتطير إلى تلاواته ومعها قلوب وعقول المستمعين.

أجاد الشيخ العيش في الحرف القرآني، فتدفق القرآن من قلبه إلى لسانه، شلالاً من المعاني الجليلة، التي ما إن تصافح أذن المستمع، حتى تلامس قلبه، وتستقر بين حناياه.

وعلاوة على تعبيره عن "حالة قرآنية فريدة"، يُمثّل الشيخ "رفعت" حالة مصرية فريدة أيضاً، فالرحلة العطرة التي عاشها بين دروب المحروسة، منذ مولده عام 1882 وحتى وفاته عام 1950، عكست في مراحلها ومحطاتها الكثير من التحولات السياسية الكبرى التي شهدتها مصر، خلال هذه الفترة، بدءاً من تداعيات الثورة العرابية، والاحتلال الانجليزي، ومروراً بنشأة الحركة الوطنية المصرية، على يد رموز المطالبة بالجلاء والدستور، مثل مصطفى كامل ومحمد فريد، وانتهاءاً بثورة 1919، وما ترتب عليها من نتائج أثّرت على مجمل المشهد السياسي في مصر.

كما عاش الشيخ أيضاً وتفاعل مع الحركة الفكرية والفنية الثرية التي شهدتها مصر طيلة النصف الأول من القرن العشرين.من هذين المنظورين "القرآني" و"المكاني/الزمني" الفريدين سوف نبحر -خلال الأيام القادمة- في رحلة حياة الشيخ محمد رفعت، منذ ميلاده وحتى وفاته، وذلك بالارتكاز على النظرية الأساسية التي حكمت تلاواته، "نظرية التلاوة بالمعنى".

فجماليات الصوت الأثير معلومة بالضرورة لكل من اهتموا بتحليل جوانب العبقرية والتفرد في صوته، ومحسوسة لدى كل مسلم استمع إلى القرآن الكريم بأدائه العذب.

ما يحتاج إلى المزيد من التحليل والاكتشاف -في تقديري- هي تلك القدرة على التعبير عن المعنى بالصوت، وتوظيف طبقاته وتلويناته في تبيان المعاني الجليلة التي تحملها الآيات القرآنية الكريمة، والاستفادة من القراءات المتنوعة للقرآن الكريم في خدمة المعنى.

ويتساند مع ذلك تحليل واكتشاف الدور الذي لعبته التجربة الحياتية والسياقات المكانية والزمنية والأسرية والإنسانية والصوفية، التي عاش الشيخ في ظلها وتأثر بها، في صقل الموهبة الربانية التي حباه الخالق العظيم بها.

كل إنسان يأتي إلى هذه الحياة ويرحل، يولد كما يولد الجميع، ويموت كما يموت كل حي.

الفارق بين شخص وآخر فيما يتركه من أثر في الحياة، وقد ترك الشيخ محمد رفعت أثراً لن يزول، عبر تلاواته القدسية للقرآن الكريم، كلمة الحق الخالدة أبداً.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كروان التلاوة كروان التلاوة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab