أخلاق الخواجات

أخلاق الخواجات

أخلاق الخواجات

 العرب اليوم -

أخلاق الخواجات

بقلم - د. محمود خليل

المتأمل للمذكرات التى كتبها كبار مفكرينا وأدبائنا عن أوضاع الحياة فى مصر ما قبل ثورة يوليو 1952 يلاحظ أن الموقف من المحتل الإنجليزى كان مختلفاً من شخص إلى آخر من المصريين، فالبعض نظر إلى الإنجليز كمحتلين لا بد من مقاومة وجودهم بالبلاد حتى يخرجوا من كل شبر فيها، لكن آخرين رأوا عكس ذلك، واعتبروا الاحتلال الإنجليزى مفيداً لمصر، وأنه طور من أوضاعها.

فى الجزء الأول من سيرة الدكتور خليل حسن خليل، وعنوانه «الوسية»، تجده يحكى عن زوج عمته الذى فرح حين عرف أنه يعمل فى وسية أحد الخواجات، وأخذ يمتدح له الخواجات وأخلاقياتهم، وكيف أنهم يحرصون على الوقت، والعمل، ويعطون كل ذى حق حقه، ويحبون التطوير، وحين اشتكى له «خليل» من أن الخواجة يأكل حقه، ولا يعطيه سوى بضعة قروش نظير أعمال لا تعد ولا تحصى داخل مزرعته، علق الأخير بأن المؤكد أن الخواجة سيزيده بعض القروش مستقبلاً إذا رآه يؤدى عمله على النحو الأمثل.

ويحكى سيد عويس فى مذكراته: «التاريخ الذى أحمله على ظهرى» أن جده لأبيه كان من أشد المحبين للإنجليز، وحين علم أن أحد أبنائه شارك فى ثورة 1919 وأخذ يهتف بالاستقلال التام أو الموت الزؤام، أمسك بالكرباج، وجاء بولده وأخذ يسبه ويشتمه على مشاركته فى المظاهرات، ويسأله عما يلومه على الإنجليز، ويذكّره بأن المحتل هو من أدخل إلى مصر الكهرباء، وهو من عرفها بالترام ووسائل النقل، وجعل الناس يستخدمونها بدلاً من الحمير، ومع كل تذكرة بإحدى أيادى الإنجليز على مصر، كانت يد الجد تنهال بالسوط على ولده، والولد يهتف مطالباً بالاستقلال.

حكاية «جودة أخلاق الخواجات» واحدة من الحكايات القديمة المتجددة فى الوجدان المصرى. بعض كبار مفكرينا امتدحوا أخلاقيات المجتمعات الغربية، وقالوا إنهم يرون فيها إسلاماً بلا مسلمين، ويرون فى المجتمعات المسلمة مسلمين بلا إسلام. وحقيقة الأمر أن لكل مجتمع أخلاقياته، والأخلاق نتاج لمجموعة من العوامل المتداخلة، من بينها الدين والثقافة والتربية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك. وفى الأحوال العادية تأخذ الأخلاق منحى قد يختلف عن المنحى الذى تأخذه فى أوقات الأزمات. ولا يوجد فى الحياة خير محض ولا شر محض، وكل شخص أو مجتمع فيه الخير وفيه الشر.

علينا ألا ننسى أيضاً أن بعض من امتدحوا الاحتلال الإنجليزى قبل يوليو 1952، وربما بعدها، أغفلوا الحقيقة التى تقول إن أخلاق الخواجات محكومة بالنظرية النسبية، فهى عالية سامقة حين تتصل بالتعامل مع الغربيين أمثالهم، لكنها تختلف كل الاختلاف حين تتصل بالشرق وأبنائه، وأشهر نموذج على ذلك يتعلق بحقوق الإنسان والموقف الأخلاقى منها. فالإنسان فى نظر الغربيين هو الإنسان الغربى الذى يتوجب حماية حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية وخلافه، أما إنسان الشرق فله الله إن تم سحقه ليل نهار.

يبقى أن لكل إنسان عدسته الخاصة فى النظر إلى الأشخاص والأحداث، فهناك من ينظر بعدسة رائقة، ومن ينظر بعدسة مغبشة، وهناك من ينظر بعدسة مستوية، أو ينظر بعدسة مقعرة أو محدبة، وتأسيساً على ذلك تختلف الرؤى.

arabstoday

GMT 05:22 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

مغامرة وخسارة

GMT 05:20 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

العالم بين رمضاء بايدن ونار ترمب

GMT 05:19 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

كيف نستعد لانبعاث اليمين المتطرف؟!

GMT 05:17 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

على أبواب الجحيم!

GMT 05:15 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

لكي ننقذ أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير

GMT 05:13 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

صراع «البرتقال» و«التورتة»!

GMT 05:11 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

حصان طروادة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخلاق الخواجات أخلاق الخواجات



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:37 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

الجمبسوت الخيار الأول لهيفاء وهبي بلا منازع
 العرب اليوم - الجمبسوت الخيار الأول لهيفاء وهبي بلا منازع
 العرب اليوم - أفكار للكراسي المودرن الخاصة بالحديقة المنزلية

GMT 18:39 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

دواء للاكتئاب يقلل احتمالات زيادة الوزن
 العرب اليوم - دواء للاكتئاب يقلل احتمالات زيادة الوزن

GMT 19:56 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

العظماء السبعة ؟!

GMT 00:02 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

مقتل 5 وإصابة 63 في انفجار خزان غاز غربي تركيا

GMT 00:02 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

أحمد عز يعترف بالخطأ الأكبر في حياته

GMT 11:37 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

الجمبسوت الخيار الأول لهيفاء وهبي بلا منازع

GMT 00:01 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

محمد رمضان يكشف عن تقديم عمل درامي مغربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab