كعبة وجمل وسفينة

كعبة وجمل وسفينة

كعبة وجمل وسفينة

 العرب اليوم -

كعبة وجمل وسفينة

بقلم - د. محمود خليل

رحلة الحج عبر الباخرة كان لها خط سير محدد، فقد كان الحجيج يسافرون أولاً إلى السويس، ومن هناك يركبون البحر من الميناء القديم، ليتهادى الركب فوق صفحة البحر حتى يصل إلى الأراضي المقدسة. وقد شاع الحج بالباخرة أواخر القرن التاسع عشر، وعلى وجه التقريب خلال فترة حكم الخديو توفيق. ولم يزل بعض المتشوقين إلى الحج أو العمرة يلجأون إلى هذه الوسيلة التي تقل تكلفتها عن الطائرة، ولم تخل هذه الوسيلة من مخاطر ترتبط بتقلبات البحر، بالإضافة إلى ما كان يلاقيه الحجيج من عنت وتعب، خصوصاً حين يصلون إلى الميناء الذي يستقبلهم على الضفة الأخرى من البحر الأحمر ليأخذوا طريقهم إلى مكة، لكن يبقى أن ركوب البحر كان أكثر أمناً من ركوب البر، خصوصاً في تجنيب الحجيج الهجمات التي لم تكن تتوقف من الأعراب وقطاع الطريق.

إنها رحلة تعب، لكن الجائزة التي يُمنّي الحاج بها نفسه في نهايتها بالصلاة في البيت الحرام، وزيارة قبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كانت تهون الصعاب، وكما حكى الآباء والأجداد فإن أغلب الحجيج كانوا يسترجعون كلما مر بهم ظرف صعب أو واجهوا المتاعب، ما عاناه النبي صلى الله عليه وسلم، حين قطع الطريق من مكة إلى الطائف (110 كيلو مترات على وجه التقريب) حتى يدعو أهلها إلى الإسلام بعد أن بات مطارداً في مكة، وقابله كبار "ثقيف" بما قابلوه به، وأيضاً حين قطع رحلة الهجرة من مكة إلى المدينة (حوالي 385 كيلو مترا)، وما كابده من مصاعب ومتاعب وهو يقطع الطريق في الصحراء وبين شعاب الجبال. كان قاصد البيت الله الحرام يتذكر كل هذا فتهون عليه المشاق والمصاعب ليكتمل البناء الإيماني للمسلم الذي يخوض هذه الرحلة.

رحلة العودة من الحج لم تكن تقل مشقة عن رحلة الذهاب، وكان يهوّن منها حفاوة الاستقبال والترحاب الذي يلقاه الحاج من أهله وأحبائه. فقبل عودة من فاز بأداء الفريضة كانت الأسر تستعد في الماضي استعداداً خاصاً، خصوصاً الأسر البسيطة، فالبيوت لابد أن تنظف بشكل خاص وتدهن حوائطها ومداخلها لتليق باستقبال العائد المعفر بتراب الأراضي المقدسة، والنقاشون والرسامون لا بد أن يظهروا فنهم في رسم الكعبة والجمل والسفينة على مدخل البيت في إشارة إلى الحدث الجليل، وما إن يطأ الحاج أرض الحي الذي يسكن فيه حتى يلتف حوله من يعرفه ومن لا يعرفه، يسلمون عليه ويباركون له، ويتمنى لهم ويتمنون لأنفسهم الفوز بما فاز به. والمقتدر من الحجاج كان يقيم ليلة لأهل الله يذبح فيها، ويوزع الصدقات على الفقراء، ويجلس في صدر صيوان كبير يرتدي جلباباً أبيض وطاقية بيضاء، ويتلقى التحايا والتهاني ممن يفد إليه، في حين يتعالى صوت المنشدين بمدح النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الغر الميامين.

arabstoday

GMT 07:31 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

جيمس قبل ترمب

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 07:26 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

أكاذيب

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:20 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

ساعات عصيبة على لبنان... وربَّما على المنطقة

GMT 07:07 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

الانفتاح الأميركي على روسيا ومآلاته

GMT 07:00 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حسابات الزعيم البريطاني ستارمر تبدو ضعيفة

GMT 06:57 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

مستر «إكس»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كعبة وجمل وسفينة كعبة وجمل وسفينة



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:01 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

كويكب مخيف... وكوكب خائف

GMT 18:35 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

حماس تعلق على مستقبل تبادل الأسرى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab