رغم النكبة سنقرع أجراس العودة

رغم النكبة.. سنقرع أجراس العودة

رغم النكبة.. سنقرع أجراس العودة

 العرب اليوم -

رغم النكبة سنقرع أجراس العودة

بقلم - د. محمود خليل

كأننا نعيش وقائع نفس يوم النكبة على مدار ستة وسبعين عاماً.. ظلمة ليل حالكة السواد، لا يطلع لها نهار، ولا تنجلى عن صبح به بصيص ضوء، هى كما الدهر طويلة بلا نهاية، عمرها كل تلك السنوات التى تأبى أن تتوقف أو تتغير. كان الشاعر المصرى أحمد محرم فى اعتقاد الكثيرين من أوائل من أطلق اسم النكبة على مأساة فلسطين، حين نشر فى جريدة البلاغ المصرية فى عام 1933، أى قبل حدوث نكبة فلسطين بخمسة عشر عاماً، قصيدة طويلة بعنوان «نكبة فلسطين»، وهى أول قصيدة شعرية تحمل المصطلح، وبكائية لم تجد من مستجيب.

مجتمع كامل له من التاريخ ما لا يحتمل الإنكار يتحول إلى مجموعات من المهجرين فى كل بقاع الأرض، حتى صار أحدهم رئيساً لدولة السلفادور فى أمريكا اللاتينية قبل أن تصير فلسطين دولة، «نجيب بوكيلة» مثل إضافة كارثية لسلسلة النكبات الفلسطينية، فهو صديق إسرائيل وزار حائط المبكى فى تجسيد صارخ للمعنى الحقيقى لذلك التعبير العبقرى «نكبتنا فى نخبتنا».

فى سنوات ما قبل النكبة لم تتوقف رحلات التجارة بين سيناء وفلسطين، ولم تطبق حواجز الحدود التى رسمت فى العام 1906، ولد الكثير من المصريين هناك بمن فيهم أمى «مواليد يافا»، واختار عدد لا بأس به من الفلسطينيين العيش على الأراضى المصرية، وحملوا جنسيتها وتشابكت الأنساب واتسعت الروابط حتى صارت العائلات تضم من الجنسيتين الكثير.. الأخوة فى نفس الدار بعضهم يحمل بطاقة هوية مصرية والآخرون لديهم وثيقة سفر فلسطينية.

كان لمدينتى «العريش» نصيب لا بأس به من اللاجئين الفلسطينيين، إلى جوار الدار عاشت عشرات الأسر من كل القرى، بعضهم وفد إليها زمن النكبة وآخرون بعد نكسة 67.. اللد والرملة.. جباليا وقرى ومدن أخرى لم أعد أتذكرها ولكننى لا أنسى تلك الوجوه والأزياء التى حافظوا عليها طوال سنوات الاحتلال الإسرائيلى لسيناء.. أثواب مطرزة بألوان حقول فلسطين الزاهرة وسراويل الرجال الواسعة والكوفية التى صارت تراثاً مشتركاً.. أحزمة الوسط التى صارت بلا خناجر.. مفاتيح الدور المعلقة فى رقاب العجائز.. طنجرة المقلوبة.. أبو جلال وأم موسى وأبوالعبد.. غيض من فيض أسماء أشخاص جاورتهم سنوات، لم يخالطهم شعور الغربة، أهل الديار وأصحابها.. كلانا كان يعانى احتلال أرضه ونزوح أهله.. شراكة لم تنفض ولن تنتهى. هنا فقط كان وقع النكبة خافتاً بعض الشىء، على بعد كيلومترات قليلة من قطاع غزة يحدوهم الأمل فى انتظار أجراس العودة أن تقرع وإن طال الزمان فتكون العودة أسرع، جمعنا الخوف كثيراً والفرح أحياناً، جميعنا خرج محتفلاً فى شوارع المدينة فى السادس من أكتوبر73، سهرنا حتى الصباح ليلة عبور قناة السويس واجتياح خط بارليف، وطوال ليالى الحرب فى انتظار طلائع الجيش المنتصر.. تبادلنا تلاوة أبيات الشعر ورقصنا الدبكة.. غنينا النشيد الوطنى المصرى فى جماعة، لم يعرف اليأس لنا طريقاً عندما توقفت الحرب، ازددنا يقيناً فى نصر الجولة القادمة.

غادر الجمع شارعنا عائدين إلى قطاع غزة مع تطبيق اتفاق السلام وتسليم المدينة ضمن خطة الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى المصرية، حاملين مفاتيح الدور وحلم العودة فى مشهد وداع يهز القلوب.. نزوح جديد هذه المرة فى الاتجاه الصحيح.. اختلطت المشاعر ما بين الحزن على فراقهم والأمل فى لقاء قريب على أرض فلسطين المحررة.. ها هم يعودون إلى بلادهم وتعود لنا بلادنا. على بعد عقود من تلك الأيام غادر بعضهم إلى بلاد أوروبية وحمل جنسيتها ومات فيها غريباً، فيما بقى الغالبية العظمى فى قطاع غزة.. مات بعض العجائز وكبر الصغار ولم نتقدم خطوة واحدة تحسب على طريق استعادة الحقوق.. استشهد مئات الآلاف فى معارك التحرير التى لم ولن تتوقف.. تقطعت الصلات ولم نعد نعرف أخبار الكثيرين.. فقد بعضنا الأمل وأصاب اليأس البعض الآخر فمد يده وصافح صناع النكبة، صار المشهد عبثياً إلى أقصى درجة، قصف المحتلون البيوت وقتلوا الأصدقاء وغيروا معالم الأرض، احترقت الحقول وأدميت القلوب.. شىء وحيد لم يتغير.. اليقين بأننا سنعبر النكبة وسنقرع أجراس العودة.

arabstoday

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 09:19 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:16 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

تحديات السودان مع مطلع 2025

GMT 09:15 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

«لا حل إلا بالدولة»!

GMT 09:14 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

لعنة الفراعنة

GMT 09:08 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الأسرى... والثمن الباهظ

GMT 09:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رغم النكبة سنقرع أجراس العودة رغم النكبة سنقرع أجراس العودة



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
 العرب اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب
 العرب اليوم - طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 15:04 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن أعداد السوريين العائدين منذ سقوط نظام الأسد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صبحي يواجه أزمتين قبل نهاية العام ويكشف تفاصيلهما

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 06:53 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تكشف نتائج تحقيق جديد حول مقتل 6 رهائن قبل تحريرهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab