حين غنينا لـ«القهوة»

حين غنينا لـ«القهوة»

حين غنينا لـ«القهوة»

 العرب اليوم -

حين غنينا لـ«القهوة»

بقلم - د. محمود خليل

مقام "الكيف" في حياة المصريين كبير، وقديم، ومتجذر في تاريخهم. يقول المستشرق الفرنسي "بريس دافين" أو "إدريس أفندي"، كما سماه أولاد البلد، في مذكراته حول عصر محمد علي: "للشرقيين كلمة تستعصي على الترجمة، يعبرون بها عن ذلك النعيم الذي لا يوصف، ذلك المزاج من راحة الجسم وطمأنينة النفس، تلك السعادة الأليفة، إنها كلمة الكيف".

أهم وأقدم مصادر الكيف في حياة المصريين -ونحن هنا نتحدث عن الكيوف المقبولة بالطبع- هما القهوة والدخان. صعود مقام فنجان القهوة والسيجارة في حياة المصريين ارتبط تاريخياً بالبطالة من ناحية، والحياة بدون مشاغل ولا رغبات أسفل سحابات تيجان الدخان البيضاء من ناحية أخرى. كذا يذهب "إدريس أفندي". وحتى في غياب البطالة واشتداد المشاغل، فإن العامل أو المشغول، يحن، من وقت إلى آخر، إلى هذه اللحظة التي يجلس فيها هادئاً مسترخيا يحتسي فنجان القهوة ويسحب الأنفاس من سيجارته، وهناك من يترك القهوة إلى الشاي، على أن تكون السيجارة حاضرة في الحالتين. هل سمعت أغنية "أه يا مين يقول لي قهوة".. أو أغنية "فنجان شاي مع سيجارتين.. ما بين العصر والمغرب"؟ إنهما أشبه بالوثيقتين المؤرختين لهذه الحالة المزاجية المفضلة لدى الكثير من المصريين.

تكاد تكون "القهوة" أو البن من أقدم أنواع الكيوف التي عرفها المصريون. وكان ذلك أوائل العقد الثاني من القرن السادس عشر (أيام السلطان قنصوة الغوري). وارتبطت هذه المعرفة بواقعة طريفة، كما يقرر "محمد الأرناؤوط" في كتابه: "من التاريخ الثقافي للقهوة والمقاهي"، حين ضبط "خاير بك" -نائب السلطان الغوري على قافلة الحج- أحد الحجيج وهو يشرب القهوة إلى جوار الحرم، فألقي القبض عليه، وأشيع الأمر بين الناس، وبدأت مسألة شرب القهوة تدخل مربع الفتوى الدينية فصدرت فتوى بتحريمها، بسبب ميل الناس إلى شربها في جماعات، تشبه الجماعات التي تنعقد لتعاطى الخمر.

تم حسم أمر مشروعية "القهوة" من الناحية الدينية، حين أصر عدد من محبي هذا المشروب على مراجعة شيخ الإسلام بمكة "زكريا الأنصاري"، الذي يأخذ عنه فقهاء الأقطار الإسلامية المختلفة، بما فيهم الفقيه الأكبر في مصر "شهاب الدين الرملي"، أمام هذا الضغط قرر "الأنصاري" أن يقوم بتجربة عملية يختبر من خلالها تأثير هذا المشروب على عقل المسلم وبدنه، فعزم جماعة من أصحابه وطبخ لهم القهوة وسقاهم المشروب، ثم انخرط معهم في الحديث، وهو يلاحظ –بمنتهى الدقة- أي تغير حصل على طريقتهم في الكلام، أو وعيهم بالحديث الذي يدور.. بعدها خرج "الأنصاري" إلى الناس قاطعاً برأيه في القهوة وأعلن أنها حلال.. حلال.. حلال.

بعد صدور فتوى تحليلها تحولت القهوة إلى طقس أساسي من طقوس الحياة اليومية للمصريين، ويحكي "مواريه" في كتابه "مذكرات ضابط في الحملة الفرنسية على مصر"، أنه لم يكن في مصر قبل قدوم الفرنسيين أية حانات، ولم يكن ثمة مرطبات سوى القهوة السادة كعادة المصريين في تناولها، وكانوا لا يدخرون في هذا وسعاً، حتى أنهم كانوا يحتسون ما يقرب من 20 فنجاناً في اليوم، وكان هذا يمثل غذاءهم الرئيسي.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين غنينا لـ«القهوة» حين غنينا لـ«القهوة»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab