يقول «آدم الصغير» لجده: متى يا جدى.. متى؟.. فيطمئنه جده قائلاً: قريباً قريباً جداً يا ولدى تكتمل الدائرة وتتم التجربة.. كل آت قريب.. فى لحظة اليأس يأتى الفرج.. ذلك ما حدث مع أبى حينما استجاب لرجائى بأن نسافر معاً إلى قرية أبوغالب لنبحث عن عظام «الترجمان».
اعتمد «مصطفى» الذى أصابه الكبر وأضعفه الزمن على ساعد ولده آدم وسار الاثنان داخل قرية أبوغالب يسألان عن أماكن المقابر، حتى اهتديا إليها.. ظل الاثنان يبحثان عن شاهد مكتوب عليه «هنا ترقد عظام الغريب الذى آواه النيل».
بحثا كثيراً ولم يصلا إلى شىء حتى أصابهما اليأس. وفى طريق الخروج من المقابر توقف مصطفى فجأة وقال لآدم:- مصطفى: خذنى يا ولدى إلى القبر المنزوى هناك.. قلبى يحدثنى أنه يرقد فيه.يتحرك الاثنان وتعقد الدهشة لسانهما حين يقرآن الكلمات المحفورة على الشاهد: «هنا ترقد عظام الغريب الذى آواه النيل».. يقول مصطفى لولده وعيناه تضيئان بدموع الفرح:
- مصطفى: احفر يا ولدى.. احفر.يبدأ آدم فى الحفر بساعده القوى.. وإن هى إلا دقائق حتى تكشفت العظام النخرة يرقد فوقها الخاتم وعليه النقش الشريف.. الآية التى تشهد على أن تلك هى عظام «الترجمان».. التقط «آدم» الخاتم وناوله لأبيه فقبله ووضعه فى أصبعه.. وتم ترتيب عملية نقل الرفات لتثوى عظام الترجمان أخيراً إلى جوار عظام أبيه.
- الشاب (بدهشة): شىء لا يصدق.
- الشيخ: كم من أشياء لا تصدق فى هذه الحياة لكنها تقع وتحدث.. روح الإنسان ثرية بالأعاجيب.
- الشاب: ستعود من جديد إلى أحاديثك عن الروح.
- الشيخ: ألفت عدة كتيبات حول موضوع الروح.. ليتك تقرأها.- الشاب (ساخراً): سأبحث عنها على النت.
- الشيخ: ستجد كتابات كثيرة ليس من بينها ما كتبت.. كل كتيباتى وضعتها فى صندوق ومعها الخاتم الذى ورثته عن أجدادى.. وهو موجود عند أبيك.- الشاب (ساخراً): أشعر أننى ركبت آلة الزمن وعادت بى عشرات السنين إلى الوراء.
- الشيخ: التاريخ يا ولدى هو علم الزمن.. جرب متعة قراءته.. البشر والحجر والشجر تاريخ.. السماوات والأرض تاريخ.. الحياة كلها تاريخ.. ومن يجهل تاريخ أجداده لا يعدو الهباء المنثور.. اقرأ وتتبع واستمتع بحكايات الأجداد فسوف تجد فيها السلوى والقيمة والمعنى.. ستمدك بأسرار يومك الذى تعيشه.. وغدك الذى ينتظرك.. ستساعدك فى اكتشاف الخبيئة التى تقبع داخل صندوق الجسد.. بداخل كل إنسان منا خبيئة لا بد أن يستخرجها.. إنها روحه الملهمة.. قم الآن يا آدم.
- الشاب (باستغراب): أقوم.. إلى أين؟
- الشيخ: لقد انتهت الرحلة.. واكتملت التجربة.يختفى الجد «آدم الكبير».. ينهض «آدم الحفيد» ويجلس ويسأل أين ذهب؟.. يسمع صوت أمه وهى تقول:
- الأم: قم يا آدم.. أنت نائم فى «بير»؟.ينهض «آدم» من رقاده ويفرك عينيه.. يأخذ فى النظر إلى ما حوله.. يسترد وعيه.. يدرك أنه فى غرفة المستشفى.. يبصر أمامه أمه وهى ترتدى كمامتين، إحداهما فوق الأخرى.. يبصر صاحبه زياد وهو ينظر إليه ضاحكاً ويقول: «لقد نمت نوماً عميقاً.. وحياة أبوك تقول لى نوع البرشام الذى أعطوه لك هنا.. مؤكد صنف عالى جداً.. عمل لك دماغ كويسة.. (وهو يقهقه) خرفت تخريف.. تقاطعه الأم قائلة:
- الأم: جينات.. جدك عاش أكثر من 90 سنة.. وأصيب فى ختام حياته بالخرف.. وأبوك يخرف من الخمسين.يسند «آدم» ظهره إلى السرير: ويقول لنفسه بصوت هامس «تخاريف؟».