السيوف العمياء

السيوف العمياء

السيوف العمياء

 العرب اليوم -

السيوف العمياء

بقلم - د. محمود خليل

نظر "آدم الحفيد" إلى جده.. وقال: "أشعر بظمأ شديد.. حلقي يكاد يتشقق من الجفاف".. من لي بكوب ماء مثلج.. ألا يوجد ثلاجة هنا يا جدي؟.. كثيراً ما تنصحني أمي بحمل زجاجة ماء معدني معي.. لماذا نسيت هذه المرة؟.

شىء غريب.. شىء لا يقل غرابة عن جدك "الترجمان" يا جدي.. هل يعقل أن يترك عاقل عملاً مربحاً كان يقبض منه بالعملة الأجنبية لمجرد أنه شعر بالتعاطف مع إنسان هو في الأصل قاتل؟.- الشاب: كوب ماء يا جدي.. ألا تسمعني؟- الشيخ: "إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى".

- الشاب: ذلك في الجنة يا جدي.. الحياة أكل وشرب ولبس ونوم.. زوجة جدي الترجمان كان عندها حق.. المهم كم يقبض.. عموماً الحمد لله إن تجربته انتهت في "تل العقارب".- الشيخ: لقد كانت البداية في تل العقارب.ترك حسن الترجمان عمله مع الفرنسيين.. وحتى بعد خروجهم من مصر وصدور فرمان تعيين محمد علي الكبير والياً على البر واستقرار الحال لم يفكر في العودة إلى عمله كترجمان.

فقد آلمه كثيراً الصراعات التي شهدها بر مصر على الحكم بعد خروج الفرنسيين، وعاين كيف يدفع الأهالي ثمن تمويلها بما يسلبه منهم المماليك والترك وغيرهما من مال، وكيف كانوا ضحايا لسيوفها العمياء عندما تتحول إلى معارك.. لم يكن لديه استعداد لمواصلة العمل بوجدان ميت.

شرع "الترجمان" يبحث عن رزقه في التجارة.. فكر في "تجارة التوابل"، وحلم بأن يحقق نجاحاً يشابه ما حققته عائلات مغربية أخرى هاجرت إلى مصر عبر التجارة في التوابل، مثل عائلات غراب والرويعي وفحيمة، لكن لم يكن معه من المال ما يكفي، فقنع باستغلال موهبته في علم الحساب.

وكان من يفهمون في هذا العلم في ذلك الزمان قلة.. والتجار في حاجة ماسة إليهم.. فقدم "الترجمان" خدماته لهم.. وربح من عمله الجديد ما حقق له الستر في الحياة.- الشاب (ساخراً): واضح أن جدك كان يعرف كيف يصطاد الشغلانات المقرشة.- الشيخ: الرزق ينادي صاحبه.. المهم أن يكون صاحبه مستعداً لتلبية النداء.. فإذا كان يتقن المطلوب ربح.. وإلا فالخسارة قدره الذي اختاره بيديه.

وصاحب القلب الطيب والضمير اليقظ يفهم في الحساب أكثر من غيره.- الشاب (ساخراً): يبقى مؤكد أنني صاحب قلب أبيض لأني علمي رياضة.- الشيخ: قلب الترجمان كان مع أولاد البلد لأنه كان يعرف معنى الحساب.. تفسد الدنيا إذا نسي أهلها أن يوم الحساب آت.- الشاب: أكيد ربح من هذه الشغلانة كثيراً.

استأجر حسن بيتا جديداً وترك زوجته الأولى وتزوج إحدى بنات تاجر متواضع الحال.. أحبها حسن ووجد فيها الونس.. كان يبحث عن دفء الأسرة الذي لم يجده مع زوجته الأولى.. سنين طويلة قضاها وهو يشعر بالوحدة.. لا يربطه بأرض المحروسة إلا عظام أبيه الراقد تحت ترابها.

اختار "الترجمان" زوجته وفي خيالاته أخلاق أبيها النبيلة.. لكنه لم يكن يعرف أن الابنة من عجينة أخرى، وأنها ليست كأبيها تكتفي بالقليل وتحمد المنعم عليه.. وقد وافقت على الزواج من "الغريب" كما كانت تصفه لما علمت الأرباح الكثيرة التي يجنيها من عمله مع التجار.

وكان أكثر ما يثير غضبها على "الترجمان" الجملة التي تتردد على لسانه باستمرار: "لا أريد أن أكسب الدنيا وأخسر نفسي".

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيوف العمياء السيوف العمياء



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab