اللحظات العاصفة

اللحظات العاصفة

اللحظات العاصفة

 العرب اليوم -

اللحظات العاصفة

بقلم - د. محمود خليل

الخلاف بين الشخصيات فى حجم ونوع التحول الذى يحدث لها حين تواجه مواقف ضاغطة مفاجئة يتعلق بحجم الثبات الانفعالى الذى تتمتع به. فالشخصية التى تتمتع بمنسوب معقول منه تؤدى بموضوعية وتنجو بنفسها، أما الشخصية المضطربة فقد تصادف ما لا تحمد عقباه نتيجة اهتزازها الانفعالى أمام أى مستجد.

كان الرئيس الراحل أنور السادات -رحمه الله- يردد أن على العاقل ألا يبالغ فى أحلامه، لأنها إذا تحققت فقد لا يقوى على حمل تبعاتها ومسئولياتها، وقد يصيبه داء الاهتزاز الانفعالى، فيكون ضياعه فى حلمه.

«السادات» كان يردد هذا الكلام تعليقاً على أوضاع أعضاء حركة الضباط الأحرار، الذين أطاحوا بالملك فاروق، رحمه الله.تحقق الأحلام، أو ترجمة الحلم الذى يخايل الفرد إلى واقع لا يكون مفيداً إلا فى حالة النضج والاستيعاب، وإن لم يتمتع الفرد بذلك فالنتيجة شقلبة وتبدل أحواله، ليكون مهلكه فى حلمه.. كم من أفراد فازوا بفرص، وتصدروا مشاهد جعلتهم مثار حسد غيرهم، وكان سقوطهم فيما جنته أيديهم، ولو بعد حين.

ليس معنى ذلك بالطبع ألا يطمح الإنسان، على العكس تماماً الطموح فى الحياة مطلوب، بشرط أن يكون طموحاً موضوعياً، وأعنى به ذلك الطموح الذى تتعادل فيه الأحلام مع القدرات، أو بمعنى آخر الطموح الممكن، وليس الطموح المستحيل الذى يتناقض مع تركيبة الفرد ومعطياته.

زمان كنا ندرس فى كتب القراءة فى المرحلة الثانوية موضوعاً بعنوان «البنفسجة الطموح» كتبه الشاعر الشهير «جبران خليل جبران»، ويحكى قصة بنفسجة عاشت حياتها، مثل بنات جنسها، ملتصقة بسور إحدى الحدائق، محرومة من رؤية العالم. عاشت البنفسجة الصغيرة لحظات عديدة تنظر فيها إلى الورد، الذى يشمخ بعروقه فوق السور ليرى العالم من موقع أفضل، وتحسده على ذلك، وتحلم بلحظة تتحول فيها إلى وردة ذات عرق طويل، تتطاول به على صويحباتها، لترى ما لا يرينه.

فى حين كانت البنفسجة الطموح غارقة فى حلمها، نظرت إليها ملكة البنفسج، وحاولت إفهامها أن كل مخلوق فى هذه الدنيا ميسر لما خلق له، وأن العاقل من لا يعمل ضد طبيعته وقدراته، وما حبته الطبيعة من إمكانيات.

لم تكترث البنفسجة الصغيرة بقول الملكة، وسخرت من نصائحها، واتهمتها بانعدام الطموح، واتجهت إلى الطبيعة، تدعوها وترجوها بأن تمسها بعصاها السحرية، لتتحول إلى وردة. وفى النهاية استجابت الطبيعة للبنفسجة وحولتها إلى وردة.

عاشت الوردة (البنفسجة سابقاً) لحظات من البهجة المصنوعة رأت فيها العالم، وتجولت مثل الورود ببصرها فى أنحائه، واستمتعت بمشاهده، وإن هى إلا لحظات، حتى هبت عاصفة هوجاء، اقتلعت أول ما اقتلعت الورود من عروقها الطويلة، وأطاحت بها على الأرض، وكان من بينها بالطبع «البنفسجة الطموح».

ولم ينج من المعمعة سوى البنفسج الصغير الذى أنجاه الالتصاق بالحائط من الاقتلاع، خلال اللحظات العاصفة.نظرت ملكة البنفسج إلى البنفسجة الطموح وهى تلفظ أنفاسها، ونصحت صويحباتها بتعلم الدرس، وعدم الطموح لأشياء لا يمتلك صاحبها الإمكانيات الملائمة لها، وعدم العمل ضد الطبيعة، فردت البنفسجة وهى تحتضر أنها غير نادمة على ما فعلت، لأنها رأت فى لحظات ما لن تراه أية بنفسجة ولو عاشت السنين الطوال.. وجهة نظر!يقول الله تعالى: «لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ».

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللحظات العاصفة اللحظات العاصفة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab