الوجوه الصامتة

الوجوه الصامتة

الوجوه الصامتة

 العرب اليوم -

الوجوه الصامتة

بقلم - د. محمود خليل

تظل الوجوه صامتة حتى تقرأها أو تفك شفرتها فتفهم ماذا يقبع وراءها، قراءة الوجوه ليست مثل قراءة الكف، فقرّاء الكف يزعمون أن مستقبل الإنسان خطوط مرسومة على كف يده، يمكن فى حالة التتبع المبصر لها أن تخمن ببعض الأمور المنتظرة لصاحبها.

القاعدة تقول: «كذب المنجمون ولو صدقوا»، والغيب علمه عند الله، لكن ذلك لا يمنعنا من الاعتراف بفكرة التوقع القائم على تأويل الواقع، كما حدث مع نبى الله يوسف، حين فسر حلم عزيز مصر من خلال قراءة واقع الحياة فيها، وهو واقع ارتكز بالأساس على ماء النيل، الذى ارتبطت به حياة المصريين، ازدهاراً حين يفيض، وضنكاً حين يشح.

قراءة الوجوه أيسر، فما يكسو الوجه من ملامح سرور، أو غضب، أو سرحان، أو توهان، أو حيرة، أو غير ذلك، يعكس الحالة النفسية لصاحبه، ومدى اعتدال مزاجه أو اعتلاله، اهتم واحد من علماء الحملة الفرنسية، واسمه «دى شابرول»، بقراءة وجوه المصريين، ووقف أول ما وقف أمام حالة الصمت التى تميزها.

وذكر وهو بصدد الحديث عن عادات وتقاليد المصريين: «لا يمكنك أن تكتشف ما يعتمل فى نفس المصريين عن طريق ملامحهم، فصورة الوجه ليست مرآة لأفكارهم، فشكلهم الخارجى فى كل ظروف حياتهم يكاد يكون هو نفسه، أى يحتفظون فى ملامحهم بنفس الحيدة وعدم التأثر، سواء حين تأكلهم الهموم، أو يعضهم الندم، أو كانوا فى نشوة أو سعادة عارمة».

ويعزى «شابرول» ذلك إلى الطبيعة القدرية للإنسان المصرى.خلص «دى شابرول» إلى أن الوجه المصرى صامت، وليس من السهولة بمكان أن تستشف الملامح النفسية لأصحابه، أو أن تنضح وجوههم بما يعتمل داخل نفوسهم، وحقيقة الأمر أن المسألة ليست كذلك، والتخريجة التى خلص إليها العالم الفرنسى قد تصدق فى أحوال، لكنها ليست كذلك طول الوقت.

فما أكثر ما تنطق وجوه المصريين بالمخبوء داخلهم، وتعكس الملامح التى تنحت صفحة وجوههم، من انقباض أو انبساط، ما يتفاعل داخل نفوسهم، لكن ثمة حالة وحيدة يتصلب فيها هذا الوجه ويجمد، بحيث يظن من ينظر إليه أنه صمت، مع أن التصلب والجمود يمكن أن يشف عن شىء عميق يسكن الداخل.

يصاب الوجه المصرى بالجمود والتصلب فى حالة محددة، هى حالة الهزيمة، ما لم يدركه «دى شابرول» أن المصريين تمكّن منهم شعور عميق بالهزيمة أمام الغزو الفرنسى لبلادهم عام 1798، وكان ذلك سر وجوههم الصامتة، وليس الطبيعة القدرية، كما ذهب «دى شابرول»، تكررت هذه الحالة بعد احتلال الإنجليز لمصر عام 1882.

وفى التاريخ المعاصر تجمد الوجه المصرى ورسم الصمت ملامحه بعد نكسة يونيو 1967، تجسدت هذه الفكرة فناً عبر فيلم «أبناء الصمت»، الذى كتبه «مجيد طوبيا»، وأخرجه محمد راضى، ولا يخفى عليك ما يحمله اسمه من دلالة على مضمونه، فهو يعالج محاولة المصريين كسر حالة الصمت التى رانت على وجوههم بعد نكسة 1967، ومعارك الاستنزاف التى خاضوها على هذا الطريق، حتى تمكنوا من النصر فى أكتوبر عام 1973.الوجوه الصامتة أحياناً ما تكون منذرة أكثر من الضاحكة المستبشرة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجوه الصامتة الوجوه الصامتة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab