«التاتش» وتقطيع الأوصال

«التاتش» وتقطيع الأوصال

«التاتش» وتقطيع الأوصال

 العرب اليوم -

«التاتش» وتقطيع الأوصال

بقلم - د. محمود خليل

لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الذي لعبته التكنولوجيا في إعادة هيكلة العلاقات ما بين البشر عموماً. للتكنولوجيا تأثيراتها الإيجابية ولا شك على حياة المجتمعات، لكن مؤكد أن لها تأثيرات سلبية تختلف، في حجمها ونوعها، من مجتمع إلى آخر.زمان كان الدراسات العلمية تتحدث عن أن من بين التأثيرات السلبية للتليفزيون تقليل منسوب الاتصال بين أفراد الأسرة، حين ينخرط الجميع في الانتباه إلى الشاشة، ولا يتحمل أي منهم أي كلمة ممن يجاوره، لأنه مركز مع المعروض، لكن من عاش فترة السبعينات يتذكر كيف كان التليفزيون أداة وصل بين الأسر داخل الأحياء الشعبية، إذ لم يكن يقتنيه في العادة إلا أسرة أو أسرتان داخل البيت الواحد، وكان جميع الجيران محل ترحيب من جانب الشقة التي يوجد بها تليفزيون، ليعيش الجميع طقس المشاهدة الجماعية، ينطلقون بعد ذلك في حوارات إنسانية دافئة.

الأمر اختلف بعد ذلك بعد انتشار التليفزيون، وتعدد أجهزته داخل الشقة الواحدة، لتعلق شاشاته في كل غرفة، تعددت وتنوعت القنوات المتاحة للمشاهدة بفعل تكنولوجيا الأقمار الصناعية وأطباق الاستقبال، وبالتوازي معها زحفت تكنولوجيا الإنترنت في كل اتجاه، وبات مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بالملايين داخل كل مجتمع، وكانت أيضاً ثورة الموبايلات التي أصبحت متاحة في كل يد.

كل الأدوات السابقة ينظر إليها على أنها جزء من تكنولوجيا أكبر هي «تكنولوجيا الاتصال»، لكن العجيب أن الاتهامات توجه إليها ليل نهار كمتهم مسئول عن تقطيع أوصال التواصل ما بين البشر، ونقصد هنا بالطبع التواصل الواقعي (الزيارات والتفاعل المباشر بين أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء العمل وغير ذلك)، لكنها في المقابل عمقت من قدرة الإنسان على التواصل الافتراضي، فجعلت البعيد قريباً ولو بصورة غير واقعية، وأتاحت المعلومات للجميع.

الدور الأخطر الذي لعبته هذه التكنولوجيا الجديدة يرتبط -في تقديري- بتقسيم الجمهور إلى مجموعات، والمجتمع إلى «كانتونات».

ولا يوجد مصطلح أكثر شيوعاً في دنيا التواصل الاجتماعي أكثر من مصطلح «جروب». كل مجموعة تبدو مغلقة على ذاتها، وتظهر وكأنها في حالة خصومة مع غيرها من المجموعات. هذه الظاهرة تجدها شائعة داخل المجتمع المصري، مثل غيره من المجتمعات، وقد ضربت ما سبق وكان المصريون يتيهون به على غيرهم من حرص على التواصل الواقعي الدافىء، وحب «اللمة»، والأكل من طبق واحد.

حتى العائلات التي ما زالت تحرص على هذا الطقس وتصر على «اللمة» تجد أفرادها حين يجتمعون لا يتفاعلون كثيراً، بسبب انشغال كل منهم بالتكتكة على الموبايل، لأن «التاتش» بات أهم من الاندماج العائلي.

وإذا كانت الأجيال القديمة من المصريين ما زالت تحتفظ ببقية من إيمان بفكرة «الطبق الواحد» فلست أظن أن الأجيال الجديدة كذلك.

وثمة مؤشرات عديدة من داخل المجتمع المصري وخارجه تدلل على أن أجيال الشباب الجديدة «زد وألفا» تمتلك رؤية مختلفة وبدأت تترجم فكرة الانتماء لمجموعة والمخاصمة لمجموعة أخرى إلى واقع عملي.. وما أحداث فرنسا منا ببعيد.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«التاتش» وتقطيع الأوصال «التاتش» وتقطيع الأوصال



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab