«يوسف» والحقيقة الكبرى

«يوسف».. والحقيقة الكبرى

«يوسف».. والحقيقة الكبرى

 العرب اليوم -

«يوسف» والحقيقة الكبرى

بقلم - د. محمود خليل

المتأمل في قصة نبي الله "يوسف" يجد أن مفتاحها الأساسي يدور حول فكرة أن إرادة الله ماضية، وأن أقداره تجري على البشر، مهما اجتهدوا في حبك المؤامرات التي يستهدفون بها النيل من غيرهم.. إنها الفكرة التي تلخصها الآية الكريمة من سورة يوسف التي تقول: "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

تعرض نبي الله يوسف لمؤامرة كبرى نسج خيوطها اخوته من أبيه "يعقوب"، حين وجدوا أباهم ميالاً إلى ولده الصغير، وأن "يوسف" في طريقه لوراثة عهد النبوة من دونهم. الغيرة والحسد أكثر آفتين يسوقان إلى "الأذية"، وقد سقط إخوة يوسف فريسة للآفتين، وكان ما كان مما تعلمه من كيد كادوه له، حين ألقوا به في بئر سحيق، تاركينه لمصيره.

الفخ الذي سقط فيه إخوة "يوسف" تمثل في ظنهم أن بإمكانهم رسم أقدار أخيهم، وصياغة أقدارهم الذاتية، وبناء صورة جديدة للعلاقة بينهم وبين أبيهم، يدفعون فيها الأب إلى منح حنانه واهتمامه وعهد نبوته لهم، دون أخيهم، ونسوا في غمرة استغراقهم في نسج المؤامرة أن يد الله تعمل، وأن ثمة لحظة قادمة سوف يثبت لهم فيها ذلك بالدليل القاطع والبرهان الساطع.

دخل نبي الله "يوسف" في محنة ابتلاء عظمى، تعددت صنوفها وأشكالها. فبعد الابتلاء بكيد الإخوة وتآمرهم ضده، سقط في ابتلاء الأسر، ثم ابتلاء غواية المرأة، ثم ابتلاء السجن، ثم ابتلاء المال، ثم ابتلاء الحكم. لقد ألقي به في نار الحياة المشتعلة، ولم يبتل مثل ابراهيم بنار التي صنعها لها قومه، وشاء الله أن يخرج منها نقياً صافياً رائقاً، لأن تلك كانت إرادته، وقضائه فيه.

مرت السنون والحزن يأكل قلب الأب "يعقوب"، والدموع تحرق عينيه، حزناً وأسفاً على "يوسف"، ولده الأثير الذي تاه في أرض الله، لكنه تذرع بالصبر الجميل: "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون".

كان يعقوب واثقاً في أن مصير ولده بيد الله، وأن مصائر البشر جميعاً تجري بأقدار الله، وأن قدر الله لا يعاند، فصبر صبراً جميلاً، أي صبر غير مصحوب بأي نوع من التململ أو التضجر، اكتفى فقط بأن يشكو بثه وحزنه إلى الله: "إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون".

كان نبي الله "يعقوب" الوحيد الذي يدرك الحقيقة: "وأعلم الله ما لا تعلمون"، ويدعو الله أن يهيىء له الأقدار التي يسترد فيها ولده الأثير، أما "يوسف" فقد أدرك الحقيقة بالتجربة الناتجة عن سلسلة الابتلاءات التي مر بها، وعلم أن الأمر كله لله: "إن الحكم إلا لله".

شاءت الأقدار أن يلتقي إخوة يوسف بعد سنوات طويلة بأخيهم الذي تآمروا ضده، سمعهم يسيئون إليه، ويتهمونه باللصوصية، وفي لقاء تال واجههم بالحقيقة: "قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون".

وأصل الجهل هنا يتحدد في عدم إدراك أنهم أعجز عن رسم أقدار غيرهم، وأن قدر الله لا يعاند، إنه الجهل بالحقيقة الكبرى التي تلخصها الآية الكريمة التي تقول: "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

arabstoday

GMT 08:12 2023 الأحد ,02 تموز / يوليو

هل المرأة أقوى من الرجل؟

GMT 03:43 2023 الأحد ,14 أيار / مايو

رسالة للمتحاورين صباح اليوم

GMT 00:11 2023 الخميس ,06 إبريل / نيسان

الرد المطلوب على الابتزاز والاستقواء!

GMT 00:09 2023 الخميس ,06 إبريل / نيسان

الدبلوماسية المصرية فى زمن مختلف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«يوسف» والحقيقة الكبرى «يوسف» والحقيقة الكبرى



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab