تكنولوجيا الرداءة

تكنولوجيا الرداءة

تكنولوجيا الرداءة

 العرب اليوم -

تكنولوجيا الرداءة

بقلم - محمود خليل

بعض الوظائف مهمة حتى بما يحكمها من روتين، إذ تؤدى إلى صلب المؤسسات على عودها، وتدوير الجانب الهيكلى الذى يحكمها، لكن ثمة مهام أخرى عديدة يتسم الأداء فيها بالرداءة إذا خرجت من براح «الحرفة» إلى ضيق «الوظيفة». أغلب هذه المهام تتطلب من صاحبها الإبداع، والتفكير خارج الصندوق، والبراءة من روتينية الوظيفة، وما يحكمها من قواعد للترقى والانتقال من مرحلة إلى أخرى، أبسطها وأخطرها معاً قاعدة «الأقدمية».

كل المهام التى تعتمد على الإبداع الذهنى لا بد أن يحكمها مفهوم الاحتراف، بما يعنيه من هضم الخبرات، وقدرة على إبداع حلول جديدة للمشكلات، مثل وظائف التعليم والبحث العلمى، والوظائف الخدمية (صحة وهندسة ورقمنة وغير ذلك)، بالإضافة إلى الوظائف التى يناط بها التخطيط للمستقبل أو تنمية المقدّرات الحالية، وغير ذلك.

على سبيل المثال تجد أطباء الجراحة هم الأعلى مقاماً فى مجال الطب (فى حدود ما أعلم)، لا لشىء إلا لأنهم يعملون بأصابعهم، وكلما زادت احترافية الطبيب فى هذا المقام علا مقامه. وقبل ظهور وانتشار أجهزة التشخيص الحديثة كان طبيب العيادة أكثر احترافية ويمتلك مهارة أعلى فى اكتشاف الأمراض عبر تحسس مواطن الوجع لدى المريض، فقد أدت الآلة إلى تآكل الاحترافية، انطلاقاً من أنها تعطى قراءة أدق لأوضاع المريض.

ليس هناك خلاف على قيمة وأهمية الأدوات التكنولوجية، لكن الوجه السلبى يتوجب عدم إهماله. على سبيل المثال «تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى» تنذر بثورة فى كل المجالات، وقد بدأت رحلة دخول الأنظمة الخبيرة فى العديد من المجالات والأنشطة، وهى فى الأول والآخر تحل محل البشر، هؤلاء الذين يؤدون أعمالاً يمكن أتمتتها.

يندر اليوم على سبيل المثال أن تجد تلميذاً أو طالباً يتميز بخط جيد، لأن لعبة الورقة والقلم تكاد تختفى تماماً فى حياتنا التعليمية، زمان كانت وظيفة الخطاط ذات أهمية وقيمة فى حياة الناس. ولك أن تتخيل كم «النكد» فى حياة هؤلاء الذين ستتولى البرامج الخبيرة القيام بمهامهم وتدفعهم إلى الجلوس فى البيت. لقد أدت التكنولوجيا إلى انقراض وظائف ومجالات عمل بأكملها.

وجه سلبى آخر يظهر فى تعاطى المجتمعات الضعيفة مع التكنولوجيا الوافدة إليهم من مجتمعات تعرف كيف تفرق بين المحترف والموظف، يتمثل فى حالة الانبهار التى تحكم توظيف المستهلكين الضعفاء لها، حيث يستخدمونها بداع وبدون داع. وقد حدثتك ذات يوم عن تأثير التكنولوجيا على مستوى المنتج الدرامى العربى، وكيف تميز فى الماضى بالفكرة التى تلتصق بالواقع المحلى وتجد صدى جيداً لدى الجمهور، والتحول الذى حصل له بعد أن دخلت التكنولوجيا فتراجعت الفكرة لحساب الإمكانيات التكنولوجية التى تُوظَّف «عمال على بطال»، وسادها الاتجاه إلى الأكشن الذى يثير الرثاء حين تجد أفراده لا يتمتعون بالأوزان أو الرشاقة أو اللياقة المطلوبة للنط والقفز والشيل والحط.. وبدلاً من الاستفادة من التكنولوجيا اتجهنا إلى «تكنولوجيا الرداءة».

تحوُّل أوجه النشاط الإنسانى من الاحترافية إلى الوظيفة يؤدى بالضرورة إلى تراجع الأداء، وتفشى الرداءة فى بعض المجالات، والنتيجة المزيد من النكد.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكنولوجيا الرداءة تكنولوجيا الرداءة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab