المجتمعات الخفيفة

المجتمعات الخفيفة

المجتمعات الخفيفة

 العرب اليوم -

المجتمعات الخفيفة

بقلم: د. محمود خليل

سؤال الجدوى دائماً ما يحسم قيمة التعليم فى نظر المتعلمين، بل وفى نظر المعلمين أيضاً.

زمان كان الحاصل على أى شهادة، بدءاً من الابتدائية وحتى الشهادة العليا (الجامعية)، يشعر بأنه يحمل ورقة مهمة فى يده، يستطيع أن يدخل بها إلى عالم الوظائف، ويمكنه من خلال الوظيفة أن يعيش حياة موزونة اقتصادياً وقادرة على الصمود فى وجه التقلبات.

الدخول بالشهادة إلى عالم الوظيفة فى مصر ما قبل الثورة كان ناتجاً عن حاجة دولاب الدولة إلى المزيد من الموظفين ليسهموا فى تدوير عجلة العمل داخل دواوين الحكومة.

كذلك تلقى المواطن أولى الرسائل التى وصلته عن التعليم فى عصر محمد على. فأنت تتعلم من أجل الحصول على فرصة عمل فى الدولة، وهى فرصة تضمن لك حياة متوسطة هادئة وآمنة، كانت تلك هى الإجابة عن سؤال الجدوى من التعليم.

بعد ثورة يوليو 1952، ظل سؤال الجدوى قائماً. توسّعت الدولة فى التعليم وجعلته حقاً مجانياً لكل مواطن، وحملت على عاتقها مهمة توظيف الخريجين، وتوفير فرص عمل لهم، وذلك أيام الرئيس جمال عبدالناصر، رحمه الله. فتح الباب أمام كل من يريد أن يتعلم فضيلة كبرى وتوجه يستحق الاحترام، بشرط أن تكون قادراً على تمويل وتقديم خدمة تعليمية حقيقية، وسعى الدولة إلى توفير فرصة عمل لكل خريج جهد جدير بالتبجيل، لكنه عكس نوعاً من المثالية أدت فى النهاية إلى مشكلة تعيين الخريجين فى غير تخصّصاتهم، وبطالة مقنعة، وتراجع فى المستوى المعيشى للموظفين، بسبب الغلاء، وعجز الحكومات عن زيادة الأجور.

بعد أن كان الحاصل على شهادة صغيرة أو كبيرة أو متوسطة يعيش فى بيت نظيف ومفروش بشكل جيد ولديه «شغالة» -كما يظهر فى أفلام الخمسينات والستينات- باتت الوظيفة بلا قيمة حقيقية، علاوة على كونها حلماً أصبح صعب المنال، وبدأ سؤال جدوى التعليم يطرح نفسه من جديد؟

من الصعوبة بمكان اليوم أن نتحدث عن التعليم كقيمة تسمو بأخلاقيات صاحبها، أو كمحرك أول لسلوكياته، فى مجتمع ارتضى منذ أن عرف المدارس والجامعات أن «الشهادة» هى الأصل، وأن التعليم يصبح بلا جدوى إذا فقدت الشهادة قيمتها فى إقامة حياة صاحبها عبر وظيفة حكومية. فالتعليم من أجل العلم ترف لا يملكه الكثيرون، بمن فى ذلك المعلمون والعلماء. بعض أصحاب العلم أنفسهم لا يرضون به كقيمة فى ذاته، بغض النظر عن عوائده المالية، فى مجتمع يتوحش معيشياً من سنة إلى أخرى، بل ومن شهر أو يوم إلى آخر.

المجتمعات صنفان: أولهما «المجتمعات الثقيلة» المرتكزة، التى تصنع ظروفها وتخطط لحياتها، وثانيهما «المجتمعات الخفيفة»، التى تصنعها ظروفها. لا تتحدث داخل المجتمعات الخفيفة المضغوطة بظروفها عن تأثير للعلم أو تفوق فى التعليم «معدوم الجدوى» على القيم والأخلاقيات، أو عن تأثير العلم «المهان» على مسارات الحياة، أو تأثير التديّن المصنوع على سلوك الفرد.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمعات الخفيفة المجتمعات الخفيفة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 07:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

لبلبة باكية في عزاء بشير الديك وتتحدث عن عادل إمام
 العرب اليوم - لبلبة باكية في عزاء بشير الديك وتتحدث عن عادل إمام

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab