«الويل لمن يسقط»

«الويل لمن يسقط»

«الويل لمن يسقط»

 العرب اليوم -

«الويل لمن يسقط»

بقلم: د. محمود خليل

جملة عميقة الدلالة قالها الجد «محتشمى زايد» لنفسه فى رواية «يوم قتل الزعيم» لنجيب محفوظ: «الويل لمن يسقط». شيخ طاعن فى السن يعيش مع ولده وزوجته وحفيده، لا متعة له فى الحياة سوى العبادة والطعام.

يسير وفوق ظهره ثمانون عاماً، عاشها بحلوها ومرها، خيرها وشرها، ويحلم بأن يحين أجله وهو مرتكز على قدميه، فالويل ثم الويل له إذا سقط مريضاً، فليس ثمة من يرعاه، الابن يعمل فى وظيفتين حتى يستطيع الوفاء باحتياجات بيته، وزوجته تعمل كذلك، وحفيده موظف فى مقتبل حياته، أما الجد الأكبر فله معاشه، كل الجنيهات التى تتجمع من هذه المصادر المتعددة باتت لا تكفى فى زمن الانفتاح الذى تشتبك الرواية مع التحولات التى أحدثها فى المجتمع المصرى أواخر السبعينات.

رأى الشيخ الثمانينى الويل كل الويل فى السقوط مريضاً، فانشغال كل من فى البيت فى اللهاث وراء لقمة العيش وخلف أحلام الاستهلاك التى ولّدها الانفتاح، لا يتيح الفرصة لأحد للتفرغ لرعايته إذا مرض، والاستعانة بممرضة أو الرقاد فى مستشفى من المستشفيات الاستثمارية الجديدة أمر مكلف يصعب على أسرة مثل أسرته تحمله.

عندما يصاب المجموع بسعار الاستهلاك، وتوزن فيه القيم بالمال، من الطبيعى جداً أن يشعر الإنسان بأنه يقف فوق أرض مهتزة، تميد به يميناً وشمالاً، والويل لمن لا يستطيع الحفاظ على توازنه فيسقط.

نجل «محتشمى زايد» كان يعمل مع زوجته فى إحدى شركات القطاع الخاص يربحان منها ما يقيمهما، ولكن أكثر ما يؤرق الشيخ هو ما يسمعه من أحاديث تدور بين الزوجين حول ما يتردد فى الشركة من أن القائمين عليها يفكرون فى الاستغناء عن بعض العاملين بها، توفيراً للمصاريف.

إحساس قاتل، يكتوى به أى شخص مسئول عن أسرة، حين يسمع «حديث الاستغناء»، يعيش مؤرقاً به ليالى طوالاً، وإذا وقعت الواقعة وحدث المحظور فإنه يدخل إلى أسرته حاملاً عاره فوق رأسه، يدارى وجهه من أفرادها، وكأنه مذنب وليس ضحية.

كان محتشمى زايد يخشى أن تمتد الأيام المتبقية من عمره إلى هذه اللحظة فيشهد نجله «فواز» وهو يدخل عليه مجللاً بعار الاستغناء.. كيف سينظر الحفيد إلى أبيه، وكيف تتعامل الزوجة مع الموقف، وماذا يمكن أن يقول لابنه وقتها؟.. هل يمكن أن يواسيه.. أم أن وعيه بمآلات الأمور عندئذ سوف يعقد لسانه ويشله عن الطبطبة على ولده ولو بكلمة مواساة؟ «الويل لمن يسقط» مثلت العبارة المفتاحية التى يمكن أن تفهم شخصية «محتشمى زايد» بها فى رواية «يوم قتل الزعيم».

إنها جملة تحكى قصة قديمة متجددة يصبح العلاج فيها ترفاً لا يقدر عليه المريض، ويكون أمامه إحدى بوابتين: بوابة التحمل والتصبر بالدعاء إلى الله تعالى بالشفاء، وهو على كل شىء قدير، أو انتظار أمر الله، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الويل لمن يسقط» «الويل لمن يسقط»



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 07:43 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

اكتشاف السبب الكامن وراء الصداع النصفي
 العرب اليوم - اكتشاف السبب الكامن وراء الصداع النصفي

GMT 14:50 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

إياد نصار يكشف سبب حبه للشخصيات «التوكسيك»
 العرب اليوم - إياد نصار يكشف سبب حبه للشخصيات «التوكسيك»

GMT 17:06 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

سوريا تعلن وفاة مستشارة الرئاسة لونا الشبل
 العرب اليوم - سوريا تعلن وفاة مستشارة الرئاسة لونا الشبل

GMT 08:55 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ارتفاع كبير في حالات حمى الضنك من حول العالم

GMT 07:43 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

اكتشاف السبب الكامن وراء الصداع النصفي

GMT 16:37 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

سوناك يقر بالهزيمة في انتخابات بريطانيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab