تلقوا فيه العزاء وهو حي

تلقوا فيه العزاء وهو حي

تلقوا فيه العزاء وهو حي

 العرب اليوم -

تلقوا فيه العزاء وهو حي

بقلم: محمود خليل

كلام عجيب كتبه الراحل عبدالمنعم شميس عن الدكتور «أحمد ضيف». وهو أحد كبار النقاد الأدبيين فى مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، يقول فيه: «أحمد ضيف الأديب المبدع والأستاذ الفذ الذى ظل طه حسين يطارده أينما ذهب ويبعده حيثما ذهب».

المعنى واضح فيما كتبه «شميس» فهو يتحدث عن رجل كان منافساً لطه حسين، ويحكى أنه سبقه فى الحصول على الدكتوراه من السربون بفرنسا قبل أن يوفد طه حسين فى بعثة تالية، وكان «ضيف» أستاذاً للأدب العربى فى الجامعة المصرية (جامعة القاهرة) قبل طه حسين، أسبقية الرجل لعميد الأدب العربى كانت سر مأساته فى الحياة، وسبباً مباشراً فى حالة الغبن التى عاشها خلال مراحل عديدة من عمره.

ينقل عبدالمنعم شميس عن الدكتور أحمد ضيف أنه ألف -خلال بعثته فى باريس- رواية أطلق عليها عنوان «منصور» تحكى قصة شاب أزهرى كفيف، فأخذ طه حسين فكرته وبنى عليها سيرته الذاتية الشهيرة «الأيام». ليس من السهل قبول هذا الكلام، خصوصاً إذا علمنا أن قصص المكفوفين المكافحين فى الأزهر كانت شائعة، كما أن طه حسين تحدث فى الأيام عن تجربة ذاتية واقعية عاش أحداثها، وهى أبعد ما تكون عن خيال الأديب، لكنك قد تستغرب إذا علمت أن طنطنة «ضيف» بفكرة روايته التى اقتبسها طه حسين فى «الأيام» كانت سبباً مباشراً فى نقله من كلية الآداب إلى كلية دار العلوم، لتخلو الكلية الأولى تماماً للعميد.

لم يكن الدكتور أحمد ضيف -كما هو واضح من سيرته- من هواة المعارك، بل كان يؤثر العزلة التى تمنحه القدرة على البحث والدرس وتأمل الحياة الأدبية وما يتفاعل على ساحتها من إبداعات وأفكار، ورغم ذلك فإن الحياة لم تتركه فى حاله، فكانت المشكلات تطارده وتستنزفه أينما ذهب، منذ اللحظة التى حصل فيها على الدكتوراه قبل طه حسين.

أثناء عودته بالبحر من بعثته إلى فرنسا ضربت فرقاطة ألمانية السفينة التى تقله إلى مصر، فغرق كل من فيها، وشاءت العناية الإلهية أن يمسك الدكتور «ضيف» بلوح خشب عائم كان سبباً فى إنقاذه، وصل إلى الشاطئ وقد فقد ذاكرته من هول ما رأى، أخذ يلف ويدور فى شوارع الإسكندرية -مسقط رأسه- يسأل عن بيته، حتى هداه الله إليه أخيراً، فتحت له أمه، لم تصدق أن ابنها، الذى أخبروها أنه مات غريقاً وتقبلت عزاءه، يقف أمامها.

عاش الدكتور أحمد ضيف ناقداً ومؤرخاً أدبياً من الوزن الثقيل، وشارك فى تأليف الكتب المدرسية فى مصر ما قبل الثورة، وتولى عمادة كلية دار العلوم بعد نقله إليها، وتوفاه الله عام 1945.

بطبيعة الحال لا يستطيع أحد أن يقلل من عظمة طه حسين وموهبته الفذة والنقلة التى أحدثها فى الفكر العربى ومنهجية البحث الأدبى، لكننا لا نستطيع أن نغفل أن العميد بتركيبته كان شديد النرجسية، يمتعض بعض الشىء من ظهور أحد إلى جواره، واستخدم مهارته وعلاقاته الوطيدة بكبار رجال عصره -وقد كان واحداً منهم- فى استبعاد أى منافس له، مثل الدكتور أحمد ضيف. وشهادة كاتب ومؤرخ بحجم عبدالمنعم شميس للرجل تجعلنا نلتفت بالفعل إلى سعى طه حسين الدؤوب فى تهميش منافسيه.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تلقوا فيه العزاء وهو حي تلقوا فيه العزاء وهو حي



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab