القوة النبيلة

القوة النبيلة

القوة النبيلة

 العرب اليوم -

القوة النبيلة

بقلم - محمود خليل

فكرة «القوة النبيلة» حاضرة بقوة فى رواية «الحرافيش» التى كتب نجيب محفوظ حكاياتها العشر، وهى وحدها القادرة على مواجهة «القوة الغشومة»، التى يمثلها الفتوة الظالم الذى يستذل الحرافيش، وتعمل لحساب رجال المال والتجار الذين تنتشر وكالاتهم فى الحارة.

شاء الله أن تتجسّد فكرة «القوة النبيلة» على يد رجل التقطه أحد مشايخ الطريق من فوق رصيف الخطايا، هو عاشور الناجى، تحقّقت فيه كل سمات الحلم الحرافيشى الشهير بالفتوة العادل.

حباه الله ببنية جسدية فولاذية، له ذراعان قادران على البطش، وساقان قادران على الدهس، وهو فوق ذلك يتمتع بخُلق كريم، يأبى أن يستخدم قوته إلا فى ما يُرضى الله كما علمه شيخه.

نظر المستضعفون من حرافيش الحارة إلى عاشور الناجى نظرة إعجاب واستغراب فى آن واحد، فقد أعجبتهم قوته الفائضة الممزوجة بالبعد عن أذية خلق الله، ولكنهم استغربوا من هذا العملاق العتى كيف لا يوظّف قوته الهائلة فى عالم الفتونة التى تضمن له مالاً وفيراً يغنيه عن حياة التشرّد التى يعيشها بين الحرافيش.

لا أستطيع أن أحدّد على وجه الدقة مدى تأثر نجيب محفوظ بمفهوم المستبد العادل الذى تبناه الإمام محمد عبده وغيره من مفكرى الحقبة الخديوية وهو يرسم صورة «القوة النبيلة» مجسّدة فى شخصية عاشور الناجى، لكن التأثر وارد. وأغلب من تبنوا هذا المفهوم كان يتراقص فى مخيلتهم صورة الوالى محمد على باشا، الذى تعامل المصريون معه فى بدايات ظهوره على مسرح الأحداث بقدر كبير من الإعجاب والاستغراب، كما تعامل حرافيش الحارة مع عاشور الناجى.

أعجبهم تعاطفه معهم ودفاعه عن حقوقهم ضد ظلم المماليك، واستغربوا فى الوقت نفسه من ارتمائه فى أحضانهم فى وقت كان يملك فيه أن يكون جزءاً من تركيبة المماليك والانكشارية الجباة الظالمين.

وقد أثبتت التجربة أن المسألة لم تكن أكثر من حيلة من جانب الألبانى الطموح.

«عاشور الناجى» مثّل ثنائية المستبد العادل. ففى اللحظة التى تربّع فيها على عرش الفتونة تجسّد أمام الناس مفهوم القوة النبيلة، من خلال الرجل الذى أقام فتونته على أصول لم تُعرف من قبل، عاد إلى عمله الأول على العربة الكارو، وكسب رزقه من كد يده، وألزم كل تابع له بعمل يتعيش منه، ولم يفرض إتاوة إلا على الأعيان والقادرين ليُنفقها على الفقراء والعاجزين. وكما يقول نجيب محفوظ: «فى ظل العدالة الحنون تطوى آلام كثيرة فى زوايا النسيان، تزدهر القلوب بالثقة وتمتلئ برحيق التوت. ويسعد بالألحان من لا يفقه لها معنى، ولكن هل يتوارى الضياء والسماء صافية؟».

عاش «الحرافيش» فى ظل الحلم عدة سنوات نعمت الحارة فيها بالعدل «العاشورى»، ثم اختفى «عاشور» فجأة، بحث الناس عنه كثيراً، دون أن يعثروا عليه، واستقروا فى الختام على العيش على حلم عودته، واجتهد ابنه وحفيده شمس الدين ثم سليمان الناجى فى إعادة سيرته وتمثل أخلاقياته فى حماية الحرافيش من ظلم الأعيان ومنح فرص الحياة لهم، لكن الرياح كانت تأتى أحياناً بما لا تشتهيه السفينة الحرفوشية، فيسيطر على الحارة فتوات من أصحاب نظرية «القوة الغشومة»، كان الحرافيش أحياناً ما يواجهونهم بالأساليب الفوضوية المعتادة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القوة النبيلة القوة النبيلة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab