لحظات الألم والصمود

لحظات الألم والصمود

لحظات الألم والصمود

 العرب اليوم -

لحظات الألم والصمود

د. محمود خليل
بقلم - د. محمود خليل

فى رواية ميرامار للعالمى «نجيب محفوظ» يتوجه الصحفى الثمانينى المتقاعد «عامر وجدى» إلى «زهرة» الخادمة فى بنسيون «ميرامار» قائلاً: «أنا عجوز، بل عجوز جداً كما ترين، وقد تعثر تيار حياتى ثلاث أو أربع مرات، تمنيت عند كل مرة أن أقتل نفسى، وكنت أهتف من قلب مكلوم: لقد انتهى كل شىء، وها أنت تريننى على رأس عمر مديد لا يظفر به إلا الأقلون، ولم يبقَ من عثرات اليأس إلا ذكريات غامضة بلا طعم ولا رائحة ولا معنى، كأنما كانت من تجارب شخص آخر».

من أجمل الأشياء فى كتابات نجيب محفوظ تلك العبارات العبقرية التى يملك وحده براءة اختراعها، ويلخص من خلالها المعانى الساكنة فى رحم الأحداث الكبرى التى يواجهها الإنسان فى الحياة. وهو يسرد فى الفقرة السابقة القول الفصل فى المحن التى يمر بها الإنسان، ولا ينجو منها بشر. لا تخلو حياة أى إنسان من محن، ولا يفرغ طريقه من الأشواك. إنها محن وأشواك تلقيها الأقدار فى طريق الإنسان، ولا يملك الإنسان إلا أن يسير عليها، وينجو منها برحمة ربه. لو أنك طالعت الصفحة الأولى من رواية يوسف السباعى: «نحن لا نزرع الشوك» ستجده يقول: «نحن لا نزرع الشوك فى طريقنا.. ولكن يُنبته القدر كما يُنبت الزهر. ولا نملك كأحياء إلا أن نخوض الطريق.. ويُدمى الشوك أقدامنا.. وتنأى الزهور عن أيدينا.. وتظل لسعة الشوك حقيقة.. ونفحة الزهر وهماً كالسراب». يبدو يوسف السباعى شاعرياً إنشائياً وهو يعبّر عن المحن التى يعانيها الإنسان فى حياته وضعفه حيالها، على عكس المحتوى العميق الذى تحمله عبارة نجيب محفوظ، التى تستخلص معنى مهماً للغاية من المحن التى يعانيها الإنسان فى الحياة. «عامر وجدى» الرجل الطاعن فى العمر مر بالعديد من اللحظات التى تعثر فيها تيار حياته وانكفأ فيها على وجهه، وظن وهو يباشر ضغط الظروف عليه، وإصرارها على قهره، أنه لن يقوم من جديد، وسوف يخلد إلى التراب الذى انكفأ عليه، ولكن سرعان ما أمدته يد الله بالحل، وهى يد عادلة عدالة مطلقة، وفوق ذلك هى عدالة رحيمة تعلم ضعف الإنسان.

بلغ اليأس مبلغه بعامر وجدى إلى حد التفكير فى الانتحار، وهو تفكير يعبّر عن قمة الضعف والعجز الإنسانى أمام ابتلاءات الحياة، لكنه نجا من هذا التفكير بالمقاومة، فعاش أكثر من غيره، ومنحته فكرة «المقاومة» فى العثرات التالية التى واجهها عمراً أطول، والأهم عمراً أكثر قيمة، فحياة الإنسان تُحسب بلحظات صموده أمام آلام الحياة وأوجاعها. أراد «عامر وجدى» الشيخ الكبير أن يعلّم «زهرة» الشابة الطازجة الدرس، وكانت تعانى محنة موجعة، بعد أن خذلها مَن أجبته ثم مات صريع فساده وخيانته، أفهمها أن كل محنة إلى زوال، ومن العبث أن يصور الإنسان لنفسه أن العثرة التى يمر بها هى نهاية الحياة، فالحياة تنتهى بإرادة خارجة عن الإنسان، وهو فى كل الأحوال مطالب بالمقاومة الصابرة على المحنة، حتى يأذن الله تعالى بخروجه منها.

استوعبت «زهرة» الدرس فنجت كما نجا معلمها الشيخ الكبير «عامر وجدى».

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظات الألم والصمود لحظات الألم والصمود



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab