الدين والغناء و«الإنسان»

الدين والغناء و«الإنسان»

الدين والغناء و«الإنسان»

 العرب اليوم -

الدين والغناء و«الإنسان»

بقلم: د. محمود خليل

هل ثمة علاقة بين محتوى الأغانى الدينية التى أنتجت خلال الحقب السابقة وثنائية العقل النقدى أو التسليمى؟

ثمة روائع غنائية دينية يحتشد بها تراثنا الموسيقى الممتد على مدار العقود الماضية. بعض هذه الأغانى مثّل تطويراً لفنون الذكر والتواشيح الدينية التى أبدع فيها رواد لا تخفى أسماؤهم، مثل: محمود صبح وعلى محمود وأحمد ندا وغيرهم، ويقع محتواها فى الأغلب فى سياق المدح النبوى أو الدعاء لله والاستغاثة به جل وعلا.

أبدع أمير الشعراء أحمد شوقى أيضاً فيما قدمه من محتوى اشتملت عليه قصائده الدينية المغناة، وهى فى أغلبها تقدم تعبيراً صادقاً وأميناً عن شخصية النبى صلى الله عليه وسلم، وبعض مفاهيم الإسلام، طبقاً لما وعاه الشاعر الكبير.

أغلب المحتوى الغنائى الدينى أخذ من التراث الشعرى العربى القديم، وعبر أيضاً عما يسكن كتب التراث من معانٍ، وقليلاً ما اهتم بتتبع خط الصلة بين الإنسان ومعطيات الوجود الذى يعيش فيه، أو خط التواصل بين أشجان روح الإنسان الضعيف الساكن على الأرض ومالك الملك والملكوت.

تأمل على سبيل المثال الأدعية الدينية التى أبدعتها قريحة عبدالفتاح مصطفى وما تتوقف أمامه من مشاهد دنيوية تحرض الإنسان على التفكير فى إبداع الخالق العظيم، راجع ما يحمله دعاء «ع التوتة والساقية» أو «ورق الشجر صفحات» أو «نفضت عينيه المنام» أو «أنا من تراب»، وستجد فيها الإبداع الرائع المحرض للعقل على التفكير وليس مجرد التسليم الإيمانى الآلى.

لست أدرى هل تتفق أو تختلف معى فى أن أروع قصيدتين دينيتين تجاوزتا فكرة تلقين القيم الإيمانية إلى تحريض العقل على التفكير هما قصيدتان مترجمتان عن شاعرين غير عرب، ولا يعرفان العربية فى الأصل، أولهما «عمر الخيام» الفارسى صاحب قصيدة «الرباعيات»، وثانيهما الباكستانى «محمد إقبال» صاحب قصيدة «حديث الروح».

موضوع القصيدتين هو الإنسان، فى «الرباعيات» تجد الإنسان بضعفه واندفاعه وراء نزواته، ولحظات الحكمة التى تجتاحه من حين إلى آخر، ورجوعه فى نهاية المطاف إلى خالقه، وثقته المؤمنة فى رحمته سبحانه وتعالى، فأين سيذهب الإنسان الذى يمثل مجرد ذرة من ذرات الملكوت من مالك الملك والملكوت «إن تفصل القطرة من بحرها ففى مداه منتهى أمرها».

وفى «حديث الروح» تجد روحاً سابحة فى فضاء الله تبث شكواها ونجواها إلى الكون المحيط بها، تستمع إلى همس النجوم الناعمة بالقرب من الملك والملكوت، روح امتلأت نغماتها بالشجن وانفجرت دموعها فيضاناً.. إنها قصة الأشجان.. أشجان الروح الواثقة فى أنه «إذا الإيمان إذا ضاع فلا أمان».

فارق كبير بين المعانى المكررة المحفوظة التى تعيد وتزيد فى المعانى الموروثة، والأخرى المبتكرة التى تعكس عمقاً فلسفياً مدهشاً، حين جعلت من الإيمان «إنساناً» يذوب فى ملذات الأرض فى أحيان، ويعانق السماء فى أخرى، يعرف الفرحة والبهجة كما يعرف الشجن والأمل، يتأمل فى صور الحياة ويندمج فيها، آملاً فى ربه الرحيم الغنى عن عذابه.

السؤال: لماذا غابت روح التحريض على التفكير عن بعض الأغانى التى كتبها شعراء يجيدون العربية وحضرت بقوة وعمق لدى «الخيام» فى فارس.. و«إقبال» فى باكستان؟

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين والغناء و«الإنسان» الدين والغناء و«الإنسان»



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:44 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

قائمة تضم 14 فاكهة توفر أعلى وأقل كمية من السكر

GMT 05:52 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عاصفة شمسية ضخمة تتجه نحو الأرض خلال ساعات

GMT 03:15 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

السعودية تعرف طريقها المرسوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab