الحلم والحقيقة

الحلم والحقيقة

الحلم والحقيقة

 العرب اليوم -

الحلم والحقيقة

بقلم - محمود خليل

يذكر «ابن كثير» فى كتابه «البداية والنهاية» حديثاً عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يستطيع أن يلخص لك الأساس النفسى لتوظيف مقولة «الحور العين» فى ماضى وحاضر الأمة الإسلامية. يقول الحديث: «عن أنس أن رجلاً أتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أنا رجل أسود اللون، قبيح الوجه، لا مال لى، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل أدخل الجنة؟. قال: نعم. فتقدم فقاتل حتى قُتل، فأتى عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو مقتول، فقال: لقد حسن الله وجهك الطيب، وكثّر مالك، وقال: لقد رأيت زوجتيه من الحور العين يتنازعان جبته عليه يدخلان فيما بين جلده وجبته».

يقول هذا الحديث إننا أمام رجل لا يملك أياً من مقومات جذب النساء، فلا مال ولا حسن صورة، ولا شىء آخر، والواضح أن الرجل كان يعيش حالة من الألم النفسى نتيجة ذلك، وأنه كان يستمع إلى ما وعد الله «شهداء التوحيد» فى الجنة، فوجد فى ذلك فرصته لينال فيها ما حُرم فى الدنيا، فكان أن قاتل حتى قتل، وكانت أولى المكافآت التى تلقاها أشد ما كان يشتاق إليه فى الدنيا. فاستقبلته زوجتاه من الحور العين وتسللتا إلى ما تحت جبته وأخذتا تتنازعان عليه.

شوق الرجال الذين لم تعطهم الدنيا إلى الحور العين مثّل مرتكزاً أساسياً من مرتكزات الخطاب الوعظى الحكائى الذى أبدعه «وهب بن منبه»، ومن بعد سار على دربه بعض الدعاة والوعاظ، تجد ذلك حاضراً فى قصة يرويها وهب بن منبه، تبدأ بمشهد رجل مات، فجرّه قومه بسبب معصيته، وألقوا به فوق مزبلة، وتنتهى بمشهد مغفرة الله تعالى له، ومثوبته، وهو ما حيّر نبى الله موسى، فسأل الخالق العظيم: «فقال: يا رب إن بنى إسرائيل شهدوا أنه قد عصاك مائتى سنة، قال الله له: نعم هكذا كان، إلا أنه كان كلما نشر التوراة، ورأى اسم محمد، صلى الله عليه وسلم، قبّله وصلى عليه، فشكرت ذلك له فغفرت له ذنوبه وزوّجته سبعين حوراء». ويبدو الحديث عن الحور العين هنا مجرد مناسبة لهدف أساسى سعت إليه القصة، وهو إثبات نبوة محمد، صلى الله عليه وسلم، من التوراة، لكن الكثيرين يلتفتون أحياناً إلى ما هو فرعى أكثر مما هو أصلى، والهدف الأصلى هذا هو ما كان يدفع الرواة والقالة إلى الاهتمام بما يردّده «وهب بن منبه».

الحور العين يحاصرن الرجال حتى فى منامهم، ليقمن فى الدنيا بتنبيههم إلى طاعة الله، حتى يفوزوا بهن فى الآخرة. ها هى حوراء من جنان الخلد تأتى أحد العباد على سرير نومه حتى ينشط إلى عبادة الله. «عن وهب قال من يتعبّد يزدد قوة، ومن يتكسل يزدد فترة. إن رجلاً جاءته حوراء فى المنام فى ليلة باردة، فقالت له: قم إلى صلاتك، فهى خير لك من نومة توهن بدنك».

وقصص الحور العين كما وردت فى حكايات وهب بن منبه أحياناً ما تتلبس ثوب «المجاز». ففى الحكاية الأخيرة تبدو النفس الطيبة المؤمنة، والضمير اليقظ، الأساس فى تنبيه الرجل الطيب إلى صلاته. وفى قصة المؤمن المجاهد الذى وعده الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، تبرز فيها فكرة «الرضاء» أو «السلام النفسى» الذى سيفوز به الرجل بعد ما عاناه فى الحياة من أمل نفسى.. إنه الفارق بين أحلام الواقع المادى الصعب، وحقيقة السلام الذى تنعم به النفس المؤمنة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحلم والحقيقة الحلم والحقيقة



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:20 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تشن غارات جنوبي لبنان ومقتل 3 مواطنين في صيدا
 العرب اليوم - إسرائيل تشن غارات جنوبي لبنان ومقتل 3 مواطنين في صيدا

GMT 07:10 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر
 العرب اليوم - حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ

GMT 14:43 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود إلى الدراما بمسلسل ناقص ضلع فى رمضان 2025

GMT 20:13 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات الأحزمة الفاخرة لإضافة لمسة جمالية على مظهرك

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab