بقلم - خالد منتصر
وصلتنى رسالة من جراح العيون د. حاتم أيمن عن تحفة منسية من تحف مصر، أدعوكم لزيارته، يقول د. حاتم فى رسالته:
منذ عدة أيام كنت فى رحلة عمل إلى مدينة أسوان ووجدت نفسى فجأة الساعة الواحدة ظهراً بدون «شغلة ولا مشغلة» وميعاد العودة 9 مساء، وعبثاً حاولت تغيير ميعاد الطائرة ولكن هيهات فأسوان مكتظة بالسياح ولا يوجد موقع لقدم فى أى طائرة، وتذكرت فجأة نصيحة صديقى النحات المصرى الفذ ناثان دوس بأن هناك متحفاً مفتوحاً للنحت فى مكان ما فى أسوان وسألت القائمين على العمل بالمستشفى عن عنوان المتحف وأنكر الجميع تماماً وجود مثل هذا المكان فى أسوان! وتبرع بعضهم بالاتصال ببعض سائقى التاكسى الذين يعملون فى مجال السياحة وأنكروا جميعاً وجود مثل هذا المكان، بل وصل الأمر أن سخر منى أحد الأصدقاء فى المستشفى واتهمنى بأننى صائم وأخرف، واضطررت للاستعانة بخرائط العم جوجل وتبين أن هناك متحفاً مفتوحاً للنحت فى أسوان فعلاً وأنه يبعد عن المستشفى 8 دقائق فقط! واستشعر الجميع الحرج وطلبوا لى تاكسى، وعرج بنا العم جوجل إلى طريق مجهول وهنا أوقف السائق السيارة فجأة وقال لى هناك خطأ ما.. هذا طريق المحاجر ومصانع الرخام... متحف إيه اللى هيبقى هنا يا دكتور؟ ولكنى طلبت منه الاستمرار فالعم جوجل نادراً ما يخذلنا، وبعدها بلحظات وجدنا أنفسنا أمام المتحف السرى.. وتذكرت وأنا أقف على عتبات هذا المشهد الفنى البديع مقولة فناننا العبقرى يوسف وهبى: يا للهول.. كل هذا الإبهار ولا يعلم به أحد؟
المتحف مفتوح فعلاً ومساحته مهولة كأنه ثقب أسود بلا نهاية كلما توغلت فى داخل الجبل تجد أعمالاً جديدة فى الأفق والمتحف به ما لا يقل عن مائتى عمل وربما أكثر والأعمال متنوعة من حيث درجة الإبهار والحجم (بعض القطع يتجاوز طولها الثلاثة أمتار).. وجميع مدارس الفن التشكيلى الحديث ممثلة فى المتحف الذى يحتاج إلى يوم كامل على الأقل لزيارته والخامة الأساسية المستخدمة هى خامة الجرانيت، والأعمال الموجودة بالمتحف هى خلاصة إبداعات سيمبوزيوم أسوان للنحت الذى بدأ سنة 1996 نتيجة رؤية الفنان العالمى الراحل آدم حنين لإحياء فن النحت على الجرانيت، ولكن عبثاً حاولت الاستعانة بالعم جوجل لتحديد تاريخ إنشاء المتحف نفسه لكن جوجل خذلنى هذه المرة.
لكن ما أحزننى ليس فقط أن المتحف لا يلقى الاهتمام الإعلامى الكافى ولكن المكان نفسه يستحق عناية أكثر، وأبسط مثال أنه يجب وضع لافتة بجانب كل عمل يكتب فيها اسم الفنان واسم العمل وتاريخه.
لا يضم المتحف أعمال النحاتين المصريين فقط بل الكثير من النحاتين العالميين أيضاً، ولذلك فهذا المتحف المذهل لا يستحق أن يوضع على خريطة أسوان السياحية فقط ولا حتى خارطة مصر السياحية فقط بل خارطة العالم أجمع، فهو شاهد على ذاكرة العالم الثقافية فى القرن العشرين.