السعدني والاسماعيلي

السعدني والاسماعيلي

السعدني والاسماعيلي

 العرب اليوم -

السعدني والاسماعيلي

بقلم - خالد منتصر

وأنا أشاهد الخيبات والهزائم التي يتلقاها نادي الاسماعيلي واحتلاله منطقة القاع في جدول الدوري، أتخيل لو كان الصحفي الكبير محمود السعدني حياً معنا اليوم ، ماذا كان سيكتب ؟أعتقد أنه كان سيلعن الجميع في النادي ويجلدهم بكلماته اللاذعة، محمود السعدنى موطنه الجيزة وجنسيته إسماعيلاوى، كتابته بطعم المانجو الإسماعيلاوى، ينتمى إلى الإسماعيلية بالنسب، الذى انتقلت جيناته إلى ابنه أكرم فاختار رفيقة الحياة من المدينة الجميلة نفسها، كان رئيس التحرير الوحيد الذى يشجع نادى الإسماعيلى ويدعم مسيرته معنوياً، كانت مجلة «صباح الخير» تحت رئاسته تكتب عن رضا وشحته والعربى وأبوجريشة وتمجد فى فن السامبا الإسماعيلاوية على أنغام السمسمية، ولذلك أرجو من محافظ الإسماعيلية إطلاق اسم محمود السعدنى على أحد شوارع الإسماعيلية.

فن السخرية أصعب فنون الكتابة، والسعدنى هو الناظر والألفا فى هذه المدرسة، خيط رفيع ما بين السخرية والردح، وفرق كبير ما بين الكاتب الساخر والمهرج الأراجوز!، أدرك السعدنى هذا الفرق، فقدم لنا السخرية التى تعكس عمقاً ورؤية وتخفى وراءها فلسفة وحكمة، سخرية معجونة أحياناً بالشجن، سخرية لا تنتمى إلى فن نكتة المونولوجيست ولكنها تنتمى إلى فن سخرية النديم، علمنا أن عين الكاتب الساخر تلتقط بأكثر العدسات حدة، وتنطبع على أكثر الأفلام حساسية، دائماً زاوية اللقطة الصحفية لديه جديدة، وتناوله لها طازج وبكر، كتابة مكثفة، أسلوب رشيق، فكرة لامعة وبراقة، كل هذا ملفوف فى ورقة سيلوفان جميلة معطرة بياسمين الرقى والتميز.

جلبابه المصرى وطاقيته الفلاحى، التى تحتل ذاكرتى أكثر من صورته بالبدلة والكرافت، هى بصمة مصرية خالصة، صنع فى مصر، وبالرغم من أنه اعتقل أيضاً فى مصر وطورد فى مصر وتم فصله فى مصر ونفيه من مصر، فإن مصر كانت عشقه الخالد وهمه المزمن وحلمه الدائم وسكنه الذى يمنحه السكينة، كتب عن تاريخها ما لم يكتبه مؤرخ محترف، صور بأشعة قلمه المقطعية أمعاء مصر من الداخل، لم يعتمد على الأرشيف الروتينى الأكاديمى البارد المعلب، بل غمس قلمه فى تعليقات الصعاليك وقصاصات الشوارع وجلسات سمر الغلابة، قدم لنا التاريخ كجسد حى نابض وليس كجثة هامدة.

نظرة محمود السعدنى النقدية الثاقبة تظهر فى كتاب لا يعرفه الكثيرون عن مضحكى مصر، كتب عن جيل الستينيات من مضحكى مصر، الذين كانوا فى سن الشباب حينذاك، والمدهش أن كل ما كتبه عنهم قد تحقق وكأنه زرقاء اليمامة، كان يملك مثلها حدة البصر النقدية، التى تجعله يغوص بهدوء فى أعماق الفنان فيكشف عنها وكأنه يراها بميكروسكوب.

برحيل السعدنى مات آخر الحكائين المصريين العظام، رحل عنا أعظم «مكلمة» مصرية، يصمت الجميع أمامها من فرط حرج المقارنة، وفضولاً لسماع المزيد، ورغبة فى تعلم هذه الموهبة الفريدة فى القص والحكى بالدخول إلى مغارة كنز حكاياته الرائعة والمدهشة والجذابة، بموت الولد الشقى ضاع طعم المانجو والشمام الإسماعيلاوى ليحتل مكانه فى حلوقنا طعم كنتالوب الصوب الهجين الذى يشبه الخيار.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعدني والاسماعيلي السعدني والاسماعيلي



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:01 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

كويكب مخيف... وكوكب خائف

GMT 18:35 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

حماس تعلق على مستقبل تبادل الأسرى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab