التراث بين الاجترار والاستمرار 3

التراث بين الاجترار والاستمرار 3

التراث بين الاجترار والاستمرار 3

 العرب اليوم -

التراث بين الاجترار والاستمرار 3

بقلم:خالد منتصر

ذكرنا فى المقال السابق رأى د. فؤاد زكريا فى التعامل مع التراث، ومن لغة الفلسفة إلى لغة الطب مرة أخرى لتبسيط وتأكيد المعنى، هم تعاملوا مع التراث على طريقة الإنقاذ بزرع الأعضاء وإنعاش العضو بالتجديد أو الإحلال أو الإضافة أو الحذف، لكننا تعاملنا مع التراث على طريقة ضخ الأوكسجين للميت إكلينيكياً، التراث عندنا جذع مخه ميت ونحن نعيش على أمل أن تعيد المحاليل والأسطوانات الحياة إلى جسد الماضى البارد، للأسف ونحن فى عصر يضيق فيه المكان وتتجاور المسافات ليصبح العالم قرية صغيرة، ويتسع الزمان وتتعمق فجوته ليصبح الجيل مغترباً عن جيل يكبره بسنوات قليلة، فى هذا العصر ما زلنا ندمن ونخزن قات الماضى فى زاوية الفم المرتعش، نجتر منها حلول الحاضر والمستقبل، هل نمتلك شجاعة الانسلاخ أم نظل فى مرض الاستنساخ؟ سؤال طرحه الباحث العراقى همام طه فى جريدة العرب عدد 28 أغسطس 2017، رفع فيه سقف المواجهة مع التراث إلى المناداة بالقطيعة المعرفية معه، وقد وضح الباحث لماذا القطيعة وما هو معناها؟ فهو بالطبع لا يقصد أن نرمى كتب التراث فى سلة القمامة، ولكن بمعنى «التحرر من النفوذ الفكرى والقيمى الذى يتمتع به التطرف والأصولية فى مجتمعاتنا، وإنهاء «الإمبريالية الثقافية» للتراث وهيمنته على العقول والضمائر، فهو متغلغل فى خرائطنا المعرفية ونسيجنا الثقافى، إذ يستعمر الماضى الحاضر ثقافياً، ويتسبب فى تشويهه وتجريفه اجتماعياً وسياسياً، أى أن التاريخ يمارس غزواً واحتلالاً مستمرين للحاضر والمستقبل»، ويفسر سعيه لتلك القطيعة بأننا «عندما نضفى هالة القداسة على التراث الدينى فإننا نسمح له بقمع الحاضر ثقافياً، وما قوانين ازدراء الأديان وما يحصل لكل من يفكر خارج الصندوق التراثى من إهانة واستباحة إلا نتيجة لهذا الاستعمار الثقافى الماضوى للمجتمعات العربية»، يرى البعض هذا موقفاً راديكالياً متشدداً، لكن كم الدماء النازفة والتخلف المتراكم مع وطأة الشلل المزمن وحجم الأطلال والأشلاء تفرض على المفكر هذا الموقف الراديكالى، ويفسر همام طه تلك الراديكالية بقوله «وليس فى الدعوة للقطيعة المعرفية مع المقاربة الأصولية للتراث إقصاء لما فيه من قيم نبيلة وصور للتسامح، ولكنها محاولة لمَوْضَعة هذه القيم فى سياق رأس المال الأخلاقى الإنسانى الموجود على امتداد التاريخ والجغرافيا، وهو ليس حكراً على التراث الدينى الإسلامى وحده، ما يستوجب إعادة إدماج الوعى الإسلامى ضمن الوعى الإنسانى وتفنيد فكرة احتكار المسلمين للخيرية زماناً ومكاناً وإنساناً؛ فلماذا نفترض أن الخير فى الماضى فقط وليس فى الحاضر أو المستقبل، ولماذا تكون الفضيلة فى بقعة دون أخرى من هذا الكون، ولماذا يعتقد المسلم أنه أرقى من غيره بحكم الدين والهوّية؟».

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التراث بين الاجترار والاستمرار 3 التراث بين الاجترار والاستمرار 3



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab