علمانية أمريكا وعلمانية أوروبا

علمانية أمريكا وعلمانية أوروبا

علمانية أمريكا وعلمانية أوروبا

 العرب اليوم -

علمانية أمريكا وعلمانية أوروبا

يقلم - خالد منتصر

لم أندهش من مشهد الرئيس ترامب وهو يرفع الإنجيل فى الشارع أمام المظاهرات، فأنا من المؤمنين بأن علمانية أمريكا ليست كعلمانية أوروبا خاصة العلمانية الفرنسية، وأن الأصولية فى أمريكا ما زالت هى الأصل، وما زالت ترقد على صدر العلمانية محاولة خنق أنفاسها، بداية من إقحام اسم الله على ظهر الدولار، حتى مشهد ترامب بالكتاب المقدس، مروراً بمظاهر كثيرة سنتحدث عنها فيما بعد، منها موقف كثير من الولايات الأمريكية ضد نظرية التطور التى صارت بديهية لدى كل مجتمع علماء البيولوجيا المتخصصين مثلها مثل نظرية الجاذبية، ومنها انتشار المدارس الأصولية المسيحية فى أمريكا، وانتشار البرامج والقنوات الدينية الكثيرة.. إلخ، وهذا انعكس على تغول وتوغل أصوليات دينية أخرى، مثل الأصولية اليهودية، ومنها ما نراه من ثقل وزن الإخوان المسلمين فى مؤسسات أمريكية كثيرة كان من بينها مؤسسة الرئاسة نفسها فى زمن أوباما التى زحفت عليها الجماعة حتى ظننا أن المرشد سيجلس يوماً ما على المكتب البيضاوى!، لكن السؤال لماذا علمانية أمريكا «فرز ثانى» أو تايوانى أو بالبلدى «مضروبة» نوعاً ما وتحتاج إلى بعض السمكرة الفكرية، وعلمانية أوروبا معظمها أصلى أو صنع فى أوروبا أو فرز أول فاخر؟!، طبعاً المسألة نسبية وليست مطلقة، فهناك فى أمريكا تيار يحاول بعث الروح فى العلمانية، وهناك أيضاً فى أوروبا على العكس من يسعى لزرع أشجار الكافور الأصولية الضخمة فى التربة الأوروبية، وهناك بالطبع تأثير الهجرات إلى أوروبا الذى غيرها ديموغرافياً بحيث أثر نوعاً ما على الروح العلمانية هناك، لكننا نتحدث عن التيار الأغلب الأعم، وأعتقد أن الأصل والنشأة والتكوين هى سبب الاختلاف، العلمانية فى أوروبا ولدت ولادة طبيعية، احتضنها رحم مؤهل ومجهز عبر مخاض طويل وانقباضات قوية صحية، أما العلمانية الأمريكية فقد ولدت ولادة مبتسرة، احتضنتها حضانة صناعية فولدت بعيوب خلقية وأصيبت بالصفراء، وكان مخاضها مفتعلاً مزيفاً من خلال حقن «الطلق الصناعى»!، فأوروبا خاضت حروباً طويلة من أجل العلمانية ضد سيطرة الكنيسة، لكن أمريكا معظم حروبها الداخلية أثناء النشأة سياسية واقتصادية وليست حروباً فكرية من أجل التخلص من تسلط الكهنوت، لم تكن حرب سلطة زمنية ضد سلطة دينية، أوروبا دفعت ثمن العلمانية دماء وشهداء، أمريكا لم تدفع، فقد وجدت الأرض البراح والثروة المتوافرة والهنود الحمر البدائيين بأسلحتهم الفقيرة، لم يحتاجوا إلا إلى مغامرة الكاوبوى لكى ينتصروا، لم يعدم فى أمريكا عالم، لم يسجن هناك «جاليليو» ولم يحرق «برونو» ولم يطارد من يروج لأفكار «كوبرنيكوس» ولم يتم نفى «فيساليوس» عالم التشريح لأنه تجرأ على فهم الجسد البشرى.. إلخ، ما يأتى بسهولة من الممكن التفريط فيه بسهولة، وعلمانية أمريكا المكتوبة فى الدستور على الورق، ليست ذات مناعة قوية، ومن الممكن أن يتم التنازل عن بعض ثوابتها سريعاً وبسهولة، وكما كانت أمريكا من أوائل الدول التى غزاها الإيدز الجسدى، فقد كانت من أوائل الدول التى غزاها الإيدز الأصولى الذى يحطم مناعة الأوطان سريعاً، لذلك أتفهم أرتيكاريا أوروبا ضد مظاهر إعلان الهوية الدينية فى الشارع والمؤسسات والفضاء العام المشترك، مثلما فعلت فرنسا ضد الرموز الدينية فى المدارس الحكومية فوقفت ضد النقاب كما وقفت ضد القلنسوة، وأتفهم أيضاً طبطبة الأمريكان على السلفيين بجلبابهم ولثامهم، فلنبحث عن تاريخ نشأة العلمانية هنا وهناك لكى نفهم لماذا رفع كل من ترامب وأردوغان الكتاب المقدس والمصحف؟!.

arabstoday

GMT 02:32 2024 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

صدّام حسين: رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم!

GMT 00:43 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

الخسارة في السفارة وفي النظرية

GMT 01:41 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

«داعش» ليس أداة استخباراتية

GMT 01:44 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الدولة اجتماعية ولو بمقدار

GMT 01:23 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الاغترابُ: المفهومُ الفلسفي والواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علمانية أمريكا وعلمانية أوروبا علمانية أمريكا وعلمانية أوروبا



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab