صراعات أممية في المنطقة القطبية

صراعات أممية في المنطقة القطبية

صراعات أممية في المنطقة القطبية

 العرب اليوم -

صراعات أممية في المنطقة القطبية

بقلم - إميل أمين

هل العالم على موعد مع صراع عالمي جديد في منطقة القطب الشمالي، صراع يُكمِل ويُحفِّز الموجودات المتناقضة في الوقت الحاضر، ما يدفع إلى حرب عالمية تبدو وكأنها تقترب الهُوَيْنا من بشريّتنا المصابة بالنسيان والتي لم تتعلم من حربين عالميتَيْن سابقتَيْن مهلكتَيْن للزرع والضرع؟

يبدو أن ذلك كذلك، لاسيما بعد تحركات حلف الناتو الأخيرة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في منطقة القطب الشمالي، وبهدف مواجهة التمدد الروسي – الصيني، الذي لا ينفكّ يُعَزِّز وجوده العسكري بصورة مثيرة، بل مخيفة للدول التي تُشَكِّل مجلس القطب الشمالي.

قبل أيّام معدودات، كان موقع "سترايد إنتلجنس" ذو الطبيعة الاستخبارية المعروفة يشير إلى استعدادات أميركية تجري على قدم وساق بهدف إنشاء قوات عسكرية خاصة، يمكنها القتال في الأجواء الباردة، وقد سبق الأمر مناورات من جانب ثمانية آلاف جندي من الفرقة الحادية عشرة الأميركية، أجروا تدريبات قتالية مُوسَّعة لمدة أسبوعين في منطقة ألاسكا بمشاركة حلفاء الولايات المتحدة والشركاء الدوليين.

ما الذي يجري في منطقة القطب الشمالي؟ ولماذا هذا التكالب عليها من جانب الأميركيين والروس؟ ومؤخرًا ظهر الصينيون على سطح الأحداث، ناهيك عن بقية الدول الإسكندنافية القريبة بحكم الجغرافيا والقائمة على حدود المنطقة الثلجية التي مَرَّتْ عليها عشرات آلاف السنين وهي تعرف الهدوء والدعة والسكينة، ومن غير خلافات لوجستية مزعجة؟
المؤكد وباختصار القول، إن الولايات المتحدة انشغلت في ملفات دولية متعددة خلال العقدين الأخيرين، لا سيما أفغانستان والعراق والشرق الأوسط، كما أنها أنهِكَتْ في حربها المزعومة ضد الإرهاب، وغالب الأمر لم تدرك نجاحات خارقة للعادة، والآن تبدو في صراعات مؤكَّدة في قارّات جديدة كما الحال في إفريقيا، ناهيك عن فخ ثيوسيديديس الذي ينتظرها في طريقها للمواجهة مع الصين.

في هذه الأوقات كانت روسيا تدرك أهمية القطب الشمالي، وتتقدم بنحو عشر سنوات أو أكثر في مجال تطويره والاستفادة منه على أكثر من صعيد.

ربّما ما يهمّ روسيا أول الأمر، فَتْح طريق عبر ممرّات بحرية في بحر الشمال يصل القطب الشماليّ، الأمر الذي يُقَلِّص المسافة بين روسيا وأوروبا من 21 ألف كيلومتر من خلال قناة السويس أو أكثر من ذلك عبر طريق رأس الرجاء الصالح إلى 12 ألف كيلو.

بدأت روسيا بالفعل في تجربة هذه الطريق، وقد وصلت سفن من موانئ صينية إلى نظيرتها الروسية عبر هذا الدرب والذي تراهن موسكو على أنه سيضحي فتحًا جديدًا لها في وقت تُفْرَض عليها عزلةٌ اقتصادية بعد العملية العسكرية في أوكرانيا منذ عامَيْن.

هل روسيا قادرة على إنشاء هذا الممرّ البحري وبصورة اقتصادية توفر نوعًا من الرخاء المؤكًّد لأحفاد القياصرة؟
مؤكَّد أن الروس لديهم قدرات خاصة في هذا المجال، تتمثّل في كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية، ويبلغ عددها الآن نحو خمس كاسحات، تشرف عليها شركة "روس آتوم"، وينتظَر أن يزيد العدد قبل نهاية العقد الجاري إلى تسع كاسحات.
هل الاهتمام الروسي سببه فقط الممرّ البحري؟

بالقطع هناك رغبة روسية في الاستفادة القصوى من الثروات الهائلة الراقدة في الجليد القطبي المستقرّ هناك عبر أكثر من خمسين ألف سنة.

عام 2000 صدر أول تقرير عن دائرة المسح الجيولوجي الاميركية والذي رَجَّحَ أن يحتوي قاع القطب الشمالي على نحو 25% من الاحتياطات العالمية غير المكتشَفة من النفط والغاز.

على سبيل المثال، هناك تقديرات بوجود نحو 90 مليار برميل من النفط، تكفي لتغطية الطلب الأميركي لمدة 12 عاما.
يوجد كذلك قرابة 50 تريليون متر مكعب من الغاز، عطفًا على احتياطيّات هائلة من معادن ثمينة، مثل الماس والبلاتين والقصدير، والمنجنيز، والنيكل، والرصاص. وتُقَدَّر القيمة الإجمالية للموارد المعدنية في الأراضي القطبية شمال روسيا فقط بمبالغ تتجاوز 22.4 تريليون دولار.

هل عرفت روسيا كيف تستغلّ التغيرات المناخية حول العالم لتحولها إلى ميزات هائلة لصالح مستقبل اقتصادها؟
مؤكد أن الاحتباس الحراري الذي أصاب عالمنا المعاصر، قد يَسَّرَ من ذوبان الثلوج المتراكمة هناك، الأمر الذي يَسَّرَ للروس فكرة فتح مَمَرّ بحري في الشمال ينافس قناة السويس المصرية بنوع خاص، وهو تَوَجُّه يمكن أن تتصاعد حظوظه في قادم الأيام، لا سيما في ظل حالة الغليان التي تشهدها الكرة الأرضية، والعهدة هنا على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

قبل نحو شهرين، طفت على سطح الأحداث إشكالية جديدة تزيد من تأزُّم المشهد الدولي بين واشنطن وموسكو، ذلك أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ألمَحَ من طرف غير مباشر إلى أن صفقة بيع ولاية ألاسكا والتي كانت ملكًا لروسيا القيصرية، للجانب الأميركي، صفقة تشوبها عيوب وقصور، ما يعني أنه من الجائز الحديث عن استرجاعها مرة أخرى.

لكن كيف للقيصر أن يفعل ذلك، وهو يدرك تمام الإدراك أن الجانب الأميركي لن يفعل، فهل الحل هو عسكري؟
بعيدًا عن هذا الطرح الذي يبدو خياليًّا وبعيدًا عن الواقع، فإن استخبارات الناتو، باتت ترصد تحرّكات وزير الدفاع الروسيّ سيرغي شويغو من جديد في المناطق القطبية الشمالية، والاهتمام بإعادة بناء مدرّجات الطائرات الحربية، عطفًا على حضور وحدات رادار جديدة يمكنها أن ترصد انطلاق طائرات الشبح الأميركية من مطاراتها.

ولعل ما يزعج الناتو برُمَّته هو محاولة موسكو تهئية الأجواء لإجراء تجارب نووية جديدة في مناطق القطب الشمالي، وهو ما كان الاتحاد السوفيتي قد دَرَجَ على فعله قبل نصف قرن أو يزيد.

هل الصين التي باتت في رباط ولو برافماتيًّا إلى حين مع روسيا، ستظلّ عاقدة الأذرع على الصدور وهي ترى منطقة جيواستراتيجية تتقاسم النفوذ فيها واشنطن وموسكو؟

المعروف أنه في عام 2018 أعلنت الصين نفسها دولة قريبة من القطب الشمالي رغم أنها تبعد أكثر من 1450 كم من المنطقة الثلجية، فيما الهدف الأهمّ هو الوصول إلى الطريق البحري للشحن العالمي، ناهيك عن مشاركتها للكنوز الطبيعية في تلك الرقعة الجغرافية، بجانب توسيع نفوذها العسكري والاستراتيجي هناك.
على أن التساؤل الأهم هل ما يخيف العالم هو الصراع المُسلَّح هناك أم الثورة الإيكولوجية التي يمكن أن تتسبَّب فيها الطبيعة ضد بني البشر؟

باختصار غير مخلّ، المزيد من الأنشطة العسكريّة في تلك المنطقة، يعني زيادة ملحوظة في درجات الحرارة، ما يساعد في ذوبان الثلوج بشكل أسرع فيما تقول الدراسات العلمية كما الصادرة عن علماء من جامعة كولوراد الأميركية، في فرنسا أنه من المنتظر أن يختفي القطب الشمالي خلال عشر سنوات، ما يعني زيادة منسوب مياه البحار والمحيطات وغرق المزيد من اليابس.

أما الهول الأعظم فيتمثل في إعادة إحياء مواد عضوية متجمدة في طبقات الأرض السفلى، والعهدة على دراسة لجامعة "إيكس مرسليا"، ما يمكن أن يخرج للعالم شرورًا مثل عودة "الزومبي"، من جديد.
من يعيد الرشد لعالم فقد صوابه في الحال وتنتظره القارعة في الاستقبال؟

 

arabstoday

GMT 08:25 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:23 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:17 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 08:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانون السوريون وفخ المزايدات

GMT 08:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الباشا محسود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراعات أممية في المنطقة القطبية صراعات أممية في المنطقة القطبية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab