مناظرة حضارية وهدوء العاصفة الانتخابية

مناظرة حضارية... وهدوء العاصفة الانتخابية

مناظرة حضارية... وهدوء العاصفة الانتخابية

 العرب اليوم -

مناظرة حضارية وهدوء العاصفة الانتخابية

بقلم:إميل أمين

في مشهد خارج عن المألوف والمعروف في المناظرات الانتخابية الرئاسية، لا سيما خلال السنوات الثماني الماضية، جاءت مناظرة الثلاثاء الماضي بين تيم والز، وجي دي فانس، المرشحين لمنصب نائب الرئيس، كتغيير منعش في دورة انتخابات رئاسية تحولت فيها المنافسة السياسية إلى صدام شخصي، يكاد يشعل الداخل الأميركي عبر حالة من العنف السياسي غير المسبوق.

عبر شبكة «CBS» التي اُتهمت بأنها غير محايدة، تابع ملايين الأميركيين، وعبر ساعة ونصف الساعة، إحدى أكثر المناظرات التي يمكن وصفها بالتحضر والرقي، على مستوى الذاكرة الجمعية الأميركية، خصوصاً من خلال خلوها من أي إسفاف أو تهكم، ومن دون ابتذال إطلاق الأسماء أو الأوصاف المهينة من الواحد تجاه الآخر، وبدلاً من ذلك ركز فانس ووالز بشكل صارم على مناقشة أحوال السياسات الأميركية في الداخل والخارج، والتعبير عن نقاط الخلاف بين حملتيهما.

بدا واضحاً للعيان أن الاختلافات لم تقد كليهما إلى محاولة الحط من شأن الآخر وتقزيمه، فقد أظهر كل منهما احتراماً واضحاً للآخر، الأمر الذي يدعونا للتساؤل: «هل هذه المناظرة مقدمة لتهدئة روع الشارع الأميركي، ذاك الذي بات يتوجس من العنف الكبير والخطير المحتمل؟

غالب الظن أن الأمر يمضي على هذا النحو، وهو ما يظهر من تصريحات فانس خلال المناظرة بأنه على الرغم من ثقته في فوز الجمهوريين بمقعد الرئاسة، فإنه سيبارك وسيصلي لنجاح المرشح الديمقراطي والز، إذا اختاره الناخبون.

هل يعكس هذا الطرح أمراً ما؟

حكماً إنه يبشر بموقف أوّلي، قوامه أن الجمهوريين سيقبلون بنتائج الانتخابات، حتى لو فاز الديمقراطيون، وإن لم يقل ذلك بوضوح.

في صيغة الحديث رسالة لقواعد الحزب الجمهوري في الداخل، التي تعد قرابة السبعين مليوناً وأزيد، مفادها أن العنف لا فائدة منه ولا طائل من ورائه، وأن أميركا العظمى هي التي ستخسر في نهاية المطاف.

تصريحات فانس في حقيقة الأمر لا يمكننا أن نعزلها عن الموقف المماثل الذي ألمح إليه ترمب مؤخراً بقبوله نتائج الانتخابات، إذا فازت هاريس، تلميحاً لا تصريحاً.

لم يكن ليغيب عن أعين ملايين الأميركيين الذين تابعوا المناظرة، أن مقارنة جرت بين الشاب الجمهوري ذي الأربعين عاماً، الذي تلقى تعليماً راقياً في جامعة «ييل» العريقة، والجندي المرموق في ساحات القتال، غالب الظن صبت في مصلحته، في مواجهة المرشح الديمقراطي والز، الذي لا يبدو ثوبه ناصعاً بما يكفي، وهو في عامه الستين.

استطاع فانس، ليلة الثلاثاء، أن يبدد أي شكوك دارت حول قرار ترمب اختيار نائب له، فقد بدا مشرقاً ومعبراً عن الأجيال الأميركية الجديدة، الواعية بعقلانية وهدوء سياسي لأزمات الساعة، وصراعات الأزمنة الحاضرة.

تصدى فانس بسهولة للأسئلة الصعبة التي وجهت له، وفي مرحلة معينة من النقاش، تحدى المنسقين بشأن التحقق من صحة تصريحاته عن أوضاع المهاجرين في منطقة سبرينغفيلد.

على العكس من فانس، بدا والز متوتراً في بعض الأحيان، ومتعثراً في الإجابة عن أكثر من سؤال يعبر عن التحدي الأعظم للولايات المتحدة وقطبيتها القادمة، أي الصين.

أخفق والز في إقناع المشاهد الأميركي بحكمته أو حنكته السياسية، لا سيما أنه وصف بعض تصرفاته الشخصية بالحمقاء، ومنها زيارته لهونغ كونغ عام 1989، في حين كانت تظاهرات المطالبة بالديمقراطية في ميدان السلام السماوي، تلقى قمعاً صينياً رسمياً، راح ضحيته مئات عدة وأكثر، كما فشل في توجيه أي ضربات قاضية إلى فانس، الذي أشاد كثير من المعلقين بأدائه.

نجح فانس على جانب آخر في إظهار حضور ذهني عالٍ، وقدرة على إيجاد بدائل رحبة لمعضلات رئيسية مثل قضية الإجهاض، فقد رفع عن كاهل الجمهوريين بصورة أو بأخرى، عبء الاتهامات التقليدية بأنهم يقفون ضد حرية النساء، مؤكداً بدهاء واضح أنه يريد أن يكون الحزب الجمهوري مؤيداً للأسرة بالمعنى الكامل للكلمة، ومضيفاً أنه يريد من الحزب دعم أشياء مثل جعل الأمر أكثر يسراً بالنسبة إلى النساء لإنجاب الأطفال ودعم علاجات الخصوبة.

الوجه الحضاري في مناظرة والز وفانس، تجلى في تكرارهما أنهما يعتقدان أن كلاً منهما يريد إصلاح القضايا التي تواجه أميركا، وإن اختلفا بشدة في آلية الإصلاح.

في النهاية عبر والز عما أسماه «استمتاعي بالمناقشة الليلة»، فيما فانس قدم عزاء حاراً صادقاً لوالز في ابنه الذي راح ضحية حادثة إطلاق نار.

هل هي بداية النهاية لأميركا المستقطبة، وعودة للعقلانية الانتخابية المرجوة لتجاوز خطوط الصدع والنجاة من بحور الدماء؟

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مناظرة حضارية وهدوء العاصفة الانتخابية مناظرة حضارية وهدوء العاصفة الانتخابية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab