متى يظهر غودو في البيت الأبيض

متى يظهر غودو في البيت الأبيض؟

متى يظهر غودو في البيت الأبيض؟

 العرب اليوم -

متى يظهر غودو في البيت الأبيض

بقلم:إميل أمين

هل يجد الأميركيون حقاً مشقة في اختيار الرئيس القادم، للجمهورية، التي معها العالم يئن، ومن دونها يتألم؟

قطعاً ألقت محاولة اغتيال الرئيس السابق ترمب، المرشح الأوفر عن الحزب الجمهوري، الكثير من الضوء على مقام الرئاسة، بعد أن كاد مصيره يشابه أقدار رؤساء أميركيين سابقين مثل لينكولن، وغارفيلد، وماكينلي، وحديثاً جون كيندي.

تبدو الولايات المتحدة اليوم حائرة وقلقة، تشعر بخواء رئاسي، لا سيما في ظل مرشحين، ديمقراطي وجمهوري، لا يتقيدان بمقومات الرئاسة الحقيقية، وأهم ما فيها الاستقامة والحرص على عدم الخطأ، والتفاهم وحب الناس، عطفاً على القدرة على رفع المعنويات وتوحيد الصفوف.

يخبرنا المؤرخ الأميركي الكبير، هوارد زن، صاحب موسوعة «التاريخ الشعبي للولايات المتحدة»، كيف أن تواريخ أميركا بأجمعها تركَّزت دوماً حول الآباء المؤسسين، والرؤساء المنقذين، المخلصين، القادرين في أوقات المحن والشدائد، على استنقاذ أميركا أرضاً وشعباً، مما ينتظرهم من فخاخ منصوبة، وبعضها قد تسبب ذات مرة في حرب أهلية أولى، فيما يقول الراوي إن الثانية تكاد تكون على مرمى البصر ودون منظار.

أي رئيس يعوز أميركا في حاضرات أيامنا؟

في فترة التأسيس، كان هناك الجنرال جورج واشنطن، الرجل الممتلئ حكمة، والذي خلّص بلاده من حكم الإنجليز، وحصل على الاستقلال، ورغم ذلك اكتفى برئاستين فقط، ولو أراد لبقي رئيساً مدى الحياة، لكنه فضل تسليم الراية لخلفه، جون آدامز.

عرفت أميركا رئيساً مقداماً، إنساناً في مظهره ومخبره، أبراهام لنكولن، محرر الرقيق، وبطل الحرب الأهلية الذي منع الانقسام الشرس، حتى وإن كلفه الأمر حياته.

رؤساء أميركيون كثر، يمكن للقارئ أن يتوقف معهم وأمامهم في هذه الأوقات العصيبة في الداخل الأميركي، ليس آخرهم روزفلت في زمن الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وكارتر في خضم مأساة فيتنام وفضيحة ووترغيت، هؤلاء جميعهم استطاعوا أن يوحدوا الأميركيين وراءهم، ليتجاوزوا هوة الخلافات السحيقة.

لم تقتصر فكرة المنقذ على مجال السياسة الأميركية الداخلية فحسب، بل ترسخت في بناء الثقافة الأميركية كله، وقد تعلّم الأميركيون كيف ينظرون إلى النجوم والقادة الخبراء في كل مجال متنازلين عن قوتهم ومقللين من قدرتهم ومتناسين أنفسهم، طالما وجدوا من حولهم الفارس المغوار، ذلك القائد القادر على عبور نهر الروبيكون بأقل قدر من الخسائر، متجنباً تصدع البنية الهيكلية للنظام الفيدرالي.

غير أن صفحات التاريخ الأميركي حافلة كذلك بأوقات يرفض فيها الأميركيون هذه الفكرة، فكرة انتظار غودو، ويثورون ضدها.

تاريخياً، تم احتواء كل حركات التمرد التي قامت في الداخل الأميركي، منذ قمع لنكولن تمرد جنرالات الجنوب، فالنظام الأميركي من أكثر النظم في تاريخ العالم قدرة على التحكم، فهي دولة غنية بمواردها الطبيعية ومهاراتها التقنية وقوتها العاملة، وتستطيع أن توزع قليلاً من ثرواتها على مواطنيها، بحيث ترضي غالبيتهم، ما يجعل السخط مقصوراً على أقلية مزعجة.

هل يمكن للصراع الأهلي الذي يتخلق في الرحم الأميركية، هذه الأيام، والذي أفرز لنا ماثيو كروكس، حامل البندقية الآلية AR - 15، أن يدخل أميركا في دوامة عنف أشد هولاً من زمن صراع الشمال والجنوب، وبخاصة في زمن التسلح النووي، وصرعات الذكاء الاصطناعي، ما يعني أنها ستكون نهاية الفيدرالية وبداية الكونفدرالية في أفضل الأحوال؟ أم أنه سيكون يقظة للملمة الأميركيين وتصحيح المسار الدموي؟

أميركا اليوم في انتظار رئيس بمواصفات مغايرة عما هو عليه الحال، سيما أن كليهما حجر عثرة، لا زاوية يمكن البناء عليها، ما يعني أن الفوضى والعنف يمكن أن يستتبعا مسيرتيهما في الأشهر القليلة المقبلة، وقبل موعد الانتخابات الرئاسية.

لا أحد يرتضي العنف السياسي المسلح، والجميع يدين إزهاق الأرواح، فهذه لغة عصابات المافيا، لا الأحزاب السياسية المؤدلجة المتنافسة بشرف في أزمنة عزَّ فيها الشرف.

نرفض محاولة اغتيال ترمب، لكننا نتوقف طويلاً أمام محاولات شيطنته من جانب الديمقراطيين، وتحميله بكل أوزار العالم، وليس أميركا فحسب.

ترمب ليس مرشحاً نموذجياً، ولن تكون رئاسته لو فاز بها، برداً وسلاماً على أميركا والأميركيين، سيما في ظل روح الانتقام التي كانت تتملكه قبل محاولة الاغتيال، فما بالنا بعدها، ومن يقرأ بتؤدة 1000 صفحة، هي «مشروع 2025»، يدرك قدر الانقلاب المقبل، والصراع الدموي المتوقع مع الدولة العميقة.

بايدن بدوره وحين يقطع بأن وصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يحدث إلا على جثته، يظهر نموذج آل كابوني، لا توماس جيفرسون. ماذا لو طال تأخر ظهور غودو في البيت الأبيض؟

غالب الظن لن تتأخر ثورة حراس النظام الأميركي وربما سجنائه.

arabstoday

GMT 05:18 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

أمة الرواد والمشردين

GMT 05:16 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات

GMT 05:15 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

المسلمون والإسلاميون في الغرب

GMT 05:13 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

في مدح الكرم

GMT 05:12 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

إنها أزمة مصطلحات!

GMT 05:10 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

أميركا واختبار «الديمقراطية الجندرية»

GMT 04:33 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

لبنان بين حربي 2006 و2024

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى يظهر غودو في البيت الأبيض متى يظهر غودو في البيت الأبيض



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:07 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

غارة إسرائيلية على أطراف بلدة مركبا فى لبنان

GMT 16:01 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

ارتفاع التضخم في أمريكا خلال يونيو الماضي

GMT 13:19 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

محمد ممدوح يكشف عن مهنته قبل التمثيل

GMT 13:16 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

عمرو سعد يكشف تفاصيل عودته الى السينما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab