إيران واستحقاقات الردع الأميركي الجديد

إيران واستحقاقات الردع الأميركي الجديد

إيران واستحقاقات الردع الأميركي الجديد

 العرب اليوم -

إيران واستحقاقات الردع الأميركي الجديد

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

ما الذي تخطط له الولايات المتحدة في قادم الأيام تجاه إيران وشرها المجاني سواء تجاهها أو لجهة بقية جيرانها في الخليج العربي والشرق الأوسط؟

من الواضح أن استراتيجية ردع جديدة تتبلور في الآفاق، وقد لمح إليها مايك بومبيو، وزير خارجية ترمب، حيث تشير كثير من الدلالات إلى أن الرجل يسعى للدخول إلى البيت الأبيض كرئيس عما قريب.

في اللقاء الذي جرى في جامعة ستانفورد العريقة نهار الاثنين الماضي وبالشراكة مع كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، أشار بومبيو إلى أن الرئيس ترمب وفريق الأمن القومي يعيدون إنشاء استراتيجية ردع حقيقية ضد الجمهورية الإيرانية.

تصريحات بومبيو تستوقف العارفين ببواطن المسارات والمساقات من واشنطن إلى طهران، فالأمر يعد تحولاً لافتاً، فبعد أن كان المسؤولون الأميركيون يؤكدون أن استهداف قاسم سليماني جاء بعد تهديد بهجمات وشيكة، ها هم يوسعون قُطر الدائرة، ويعدلون من سياسة المواجهة والردع، إلى مدار أقرب ما يكون من الحروب الاستباقية... هل يعني ذلك أن واشنطن في طريقها لتوجيه ضربات عسكرية جديدة للإيرانيين؟

من الواضح أن واشنطن اختارت استراتيجية «الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع»، لا سيما أنها في حالة سليماني كانت تدرك أن الرجل هو محور العمليات الإرهابية القائمة والقادمة الموجهة لها، وأنه وفقاً لمعلومات استخبارية فريدة كان يجوب أرجاء المنطقة لتنسيق مجموعة وشيكة من الهجمات التي تستهدف أهدافاً أميركية في العراق وسوريا ولبنان وغيرها من دول المنطقة.

الأسئلة التي طرحت على بومبيو في حوار معهد ستانفورد، تحمل قلقاً من أن مقتل سليماني والرد الإيراني المسرحي حتى الساعة ليسا نهاية الصراع الذي قد يحتدم بين عشية وضحاها، لا سيما أن تصفية سليماني لا تعني انقضاء صلاحية «فيلق القدس»، أو فقدان وكلاء إيران في المنطقة لقدراتهم على إلحاق الأضرار بالأميركيين أو بحلفاء واشنطن في المنطقة.

في هذا السياق عندما سئل بومبيو عن طريقة الرد الإيرانية في الأيام المقبلة قال بومبيو: لا أدري كيف سترد طهران، الأمر الذي يعني أن هناك صولات وجولات قادمة، وعليه فإن واشنطن تستبق التحركات الإيرانية بخطوة أو خطوتين وربما خطوات.

لا يبدو أن واشنطن وفي استراتيجية الردع الجديدة تحتاج إلى خطط عسكرية إضافية للتصدي لأي هجمات إيرانية على مصالحها، فلديها الكثير المعد والجاهز، وإن كان هناك قلق أميركي حقيقي من أن تقوم إيران بإيقاظ بعض من عملائها النائمين في الداخل الأميركي لشن هجمات في المدن الأميركية الكبرى، وهذا لن يحدث غالباً إلا إذا تعرض الداخل الإيراني لهجوم أميركي، والأميركيون لديهم بالفعل بعض العناصر الإرهابية المقبوض عليها في هذا السياق، والتي كانت تعد لاستهداف مصالح ومنشآت أميركية في مدينة نيويورك، وربما هناك أيضاً ما لم يعلن عنه.

ما تخطط له واشنطن الآن وضمن استراتيجيات الردع الجديدة هو إعادة لفصول التاريخ واستنساخ لتجربة أميركا وحلف الناتو مع أوروبا الشرقية في زمن الحرب الباردة.

في لقاء ستانفورد تحدث بومبيو بالقول إن «إيران أصبحت ضعيفة بفضل سياسة ترمب»، وقد يكون جزء من هذا الكلام صحيحاً وصريحاً، فخطة «الضغط الأقصى»، التي مارستها أميركا - ترمب على إيران منذ أكثر من عام قد أدت إلى إحداث ارتباك كبير في البنية التكتونية لهيكل الملالي، غير أن الضعف الحقيقي والعطب الأكبر الذي أصاب إيران ويصيبها في الحال، وسيبدل من أوضاعها في الاستقبال، مرده الرئيسي الشعب الإيراني الذي فقد الثقة واليقين بنظام توتاليتاري ثيؤولوجي تجاوزته الأزمنة وانتهت صلاحياته مع مرور الأجيال.

جاءت حادثة إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية وكذب الملالي البواح في بداية الأمر، لتقضي على ما تبقى من مصداقية في الشارع الإيراني تجاه الحكومة الإيرانية، وعلى رأسها المرشد الذي خرجت المظاهرات من جديد تطالب بعزله، والأسوأ على سماع الملالي ومن لف لفهم، أن الجماهير الإيرانية الغاضبة رفعت من عقيرتها، مؤكدة أن أميركا ليست عدو إيران، بل العدو الحقيقي للإيرانيين قائم وكامن في ثنايا وحنايا النظام الإيراني الحالي، والغضب اليوم يمضي من الجامعات الإيرانية إلى مراكز المدن الكبرى مثل أصفهان وبابولسار وساري.

مرة أخرى تتكرر احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) التي أطلقت شرارتها قرارات رفع أسعار المحروقات، ومرة متجددة يستعد الأمن الإيراني و«الحرس الثوري» لاستهداف الجماهير الغفيرة الرافضة لاستبداد الملالي، وقد يسقط الكثير من الضحايا من جديد، ويفوت المرشد والرئيس والطغمة الحاكمة أن الشعب الإيراني أسقط الشاه بجنرالاته، وبجهاز «السافاك» الذي يضرب قوة ورعباً في البلاد والعباد، والذي لم يقو إلا على أن يستقل طائرته ويهرب باحثاً عن ملاذ آمن افتقده كثيراً قبل أن تفتح مصر أبوابها له.

استراتيجية الردع الأميركية الجديدة حُكماً تعمل من الداخل ومع الداخل، وهي نفس فكرة التوجيه التي اتبعتها واشنطن مع الشعوب التي كانت واقعة تحت نير الاتحاد السوفياتي وسطوته وبطشه، ولهذا يلاحظ المرء أن بومبيو في حوار ستانفورد يؤكد أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب الشعب الإيراني في مطالبته بالحرية والعدالة، وفي غضبهم ضد المرشد، أما ترمب فقد سبقه بتغريدة حذر فيها من قتل الشعب الإيراني سيما أن العالم يراقب.

إنه الوقت الأميركي القيم للإعلام الموجه ولوسائط التواصل التي تعوض المتظاهرين قطع الإنترنت عليهم، إنها المرحلة الأولى من إزالة دولة الملالي، الحرب الإعلامية التي تفكك وتفخخ من الداخل، إلى حين أن تنضج الثمرة الإيرانية لتسقط من على عرش الطاووس، وتبدأ إيران مرحلة جديدة، مع الأخذ في عين الاعتبار تكاليف صرخة الطائر الإيراني الذبيح، وردود فعله غير المتوقعة، ولحديث استراتيجية الردع بقية.

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران واستحقاقات الردع الأميركي الجديد إيران واستحقاقات الردع الأميركي الجديد



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab