أميركا  تحدّيات في طريق الرئيس القادم

أميركا .. تحدّيات في طريق الرئيس القادم

أميركا .. تحدّيات في طريق الرئيس القادم

 العرب اليوم -

أميركا  تحدّيات في طريق الرئيس القادم

بقلم:إميل أمين

وسط معركة الانتخابات الرئاسيّة، وفي الطريق إلى البيت الأبيض، يكاد دخان النيران أن يحجب العقبات الكؤود التي تنتظر القيادة الأميركية القادمة، والتي لن تتغيّر حالَ وصول مرشَّح جمهوريّ أو ديمقراطيّ إلى البيت الأبيض.
حتّى الساعة، تبقى الولايات المتّحدة الأميركيّة الكتلة الوازنة عالميًّا، ومهما قيل عن عالم تعدديّة قطبيّة، فإنّ الحقيقة التي لا مِراء فيها هي أن الزمن الحاضر يمكن تعريفه بوقت ما بعد الغرب، لكن ما قبل التعدديّة القطبية في كل الأحوال، ولهذا ستظل واشنطن وساكن البيت الأبيض مَحَطَّ أنظار العالم برمته.
تتقاطع غالبيّة الملفات الأمميّة الساخنة مع أميركا، ولهذا يبدو جليًّا أن الرئيس/ الرئيسة القادمة، ينبغي أن يهيّئ نفسه لصراعات خارجيّة، وقبلها داخلية، وكأنَّ المطلوب منه أن يكون صنوًا للإله جانوس، إله الرومان بوجهه المزدوج.
لعلَّ أول تحَدٍّ، وهذا يحتاج إلى قراءة قائمة بذاتها، هو الداخل الأميركيّ، حيث الخوف والرهبة يُخَيِّمان على الجميع، من جَرّاء العواقب المنتظرة لرئاسة لا تجري برسم تنافس انتخابي تقليدي، بل يأخذ بعضها منطلقات دوجمائية، تعود بنا إلى أزمنة التباس ما هو سياسي بذاك الذي هو ديني، وهو ما ترسخ لدى الملايين من الأميركيين الذين اعتبروا نجاة المرشَّح ترمب من الاغتيال، إشارة إلهية، وربما تكليف سماوي بمهام معيّنة، ما يعني أنّ الصدام، ولا شكّ، قادم مع التيارات اليسارية والليبرالية، وتحول البلاد إلى مستنقع من العنف السياسيّ.
ولعلّه من المعروف أنّ أول ما يهمّ المواطن الأميركي في برنامج أي مرشح رئاسي، هو أوضاعه الاقتصادية الداخلية، وما جرت به المقادير الاقتصاديّة، لا سيّما بعد تفشّي جائحة كوفيد 19، وما تبعها من اضطرابات اقتصادية، أمر كَلَّفَ ملايين الأميركيين وظائفهم، وفرص نموّهم وترقيتهم، ناهيك عن حال الديون الأميركية، والذي تجاوز 33 تريليون دولار في 2023، ما يطرح تساؤلاً عن تحميل الأجيال التي لم تولدْ بعدُ بعبءٍ كبير وقاصم للظهر، ما يعني أن زمن الأفول الإمبراطوري الأميركي، قد يكون قريبًا في المدى الزمني المنظور.
من أين لنا أن نبدأ الحديث عن التحديات الخارجية التي ستواجه ترمب، أو كمالا هاريس المتصاعدة حظوظها للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطيّ لها؟
الملفات الساخنة عديدة وعريضة، وربما ملفّ الصراع الحادث في أوكرانيا والذي تجاوز عامين، من غير ملامح نهاية واضحة، أحد أهمّ نقاط الاشتعال عالميًّا، والذي يخشى معه الكثيرون تُحَوِّل الأمر إلى حرب عالمية.
سيكون على سَيّد البيت الأبيض الجديد، أن يعطي رؤية حاسمة وحازمة، وما إذا كان يتطلّع لإنهاء هذه الحرب، وبأي طريق، أم إشعال أوارها من جديد، لتأكل ربما المزيد من الأراضي الأوروبية، ودول البلقان في المقدمة منها.
أسئلة أوكرانيا واسعة وشاسعة، وبعد عامين ونصف تقريبًا، يبدو الحلّ العسكري عاجزًا عن وضع نهاية، فيما المخاوف تقف وراء الأبواب في انتظار العمّ سام وموقفه، وبخاصة بعد أن تحول الرئيس بايدن من بطة عرجاء إلى بطة ميتة.
من بين أهمّ الأسئلة، ذاك المتعلّق بمستقبل حلف الأطلسي "الناتو"، وهل أميركا ستظلّ راغبة وقادرة على قيادة الكتلة الغربية لعقود قادمة؟
ليس سرًّا أن تطورات المشهد الأمميّ بعد عملية بوتين العسكرية في أوكرانيا، قد نفخ في الناتو نسمة حياة جديدة، لكن الأوربيين قلقون من المستقبل، سيّما إذا قُدِّر لترمب العودة إلى البيت الأبيض من جديد، فالرجل يفكر بعقلية صانع الصفقات، ومنطق الربح والخسارة، بأكثر من مفاهيم ودلالات السياسات الأممية.
ترمب يكاد يؤمن بأن أميركا لم تعُدْ شرطيّ العالم أو دركه، والرجل يتحرك بين ثلاثة مستويات، اجعلوا أميركا عظيمة ثانية، واجعلوها غنيّة من جديد، بجانب دعوا أميركا تصلي مرة أخرى، ما يعني أن التركيز على أميركا هو المبتدأ وهو الخبر في جملته القادمة، إن قُدِّر له بالفعل الفوز في نوفمبر المقبل.
هنا سيكون السؤال عن النظرة الأميركية في ارتباطها بالجانب الآخر من الأطلسي، غاية في الأهمية، وبخاصة في المساحات التي تتداخل فيها شؤون وشجون الأمن القومي الأميركي.
في العمق من التساؤلات المفتوحة في أجندة الرئيس الأميركي القادم، البحث عن مآلات العلاقات بين واشنطن وبكين، وهل ستمضي عبر أي طريق: الاحتواء أم الردع؟
ليس من المؤكد وجود عقلية سياسية أميركية اليوم، في وزن وثقل مهندس الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، جورج كينان، الرجل الذي صاغ فكرة احتواء السوفيت، عوضًا عن مواجهتهم، وقد جاء غياب كيسنجر ليعمق الحاجة إلى خبراء أميركيين قادرين على فهم ما الذي يريده الصينيون وكيف يمكن لأميركا فصلهم عن الروس كما فعل في أوائل سبعينات القرن الماضي، من خلال ما عُرِف قبل خمسة عقود بـ "دبلوماسية البينغ بونغ".
هنا قد يكون مجيء ترمب إشارة سيئة للصين، فالرجل يواري أو يداري كون الصينيّين العقبة الحقيقية أمام مستقبل أميركا العظمى، والتي يزخمها اليمين الأميركي الجديد، وبأفكار تتجاوزما قدمه ويليام كريستول وروبرت كاغان، ومن لف لفهما، في تسعينات القرن الماضي .
لم تعد الصين مجرد ملف اقتصادي، معاكس أو مشاكس للرئيس الأميركي القادم، إذ هناك الأكثر ازعاجًا والمتمثّل في الصين النووية، حيث تدرك بكين أن الردع النقدي الماضية في طريقه، لا يكتسي قوّته وحضوره من غير قوة نووية تحميه، ولهذا فإنها تضع 2023، موعدًا لإعلان قدرتها النوويّة بقنابل وصواريخ تتراوح ما بين خمسمائة وألف رأس نوويّة، يتم نشرها برًّا وبحرًا وجوًّا حول العالم، كدليل وبرهان على أنّ قطبيّتها قادمة ولو بتؤدة كما اعتاد الصينيون عبر خمسة آلاف عام من تاريخهم الطويل.
ولعل منطقة شديدة الأهمية للولايات المتحدة الأميركية، مثل منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن تغيب عن ناظري الرئيس القادم، حيث تركة مُثقَلة بالدماء والموت، بالدمار ومشاعر الكراهية حاضرة منذ عقود، ورغم محاولات السلام المختلفة، إلا أنّ عشرة أشهر تقريبًا من الصراع في غزّة، عطل مسيرة حلم الجميع بأنها ستُزْهِر وتُنْهي أزمنة الآلام.
كيف لساكن البيت الأبيض الجديد أن يدير أزمة غزة، لا سيّما في ظلّ وجود بنيامين نتانياهو، البارع في العزف على المتناقضات، عطفًا على تضييع كافّة فرص السلام.
ملفّات جيران الشرق الأوسط ليس أقلّ خطورة، وعلى رأسها الملفّ الإيرانيّ، ولعل طهران الأكثر سعادةً اليوم من جَرَّاء رؤية واشنطن غارقة في مستنقع من القضايا الإشكاليّة داخليًّا وخارجيًّا، ما يعطيها فرصة للمُضِيّ قُدُمًا وبسرعة خارقة للوصول إلى وضع نوويّ، يكون الحلُّ العسكريّ معه شبهَ مستحيل.
ماذا سيفعل الرئيس القادم في شأن الملفّ الإيرانيّ، ناهيك عن الرغبة الإيرانيّة التي لا توارى أو تدارى في التوسّع اللوجيستيّ في منطقة الخليج أول الأمر والشرق الأوسط تاليًا، وربما الامتداد عقديًّا إلى حدود القارتَيْن الإفريقيَّة والآسيويّة؟
حكمًا يكاد أيُّ مراقب محقّق ومدقّق للشأن الأميركيّ أن يشفق على حامل أختام البيت الأبيض القادم، وما يتربّص به من فخاخ داخلية وخارجية، ولهذا يعتقد الكثيرون أنه إن لم تَعْبُرْ أميركا هذا الاختبار الصعب، فإنّ مستقبلها الإمبراطوريّ سيكون قولاً وفعلاً، عدلاً وعقلاً على المَحَكّ، فانظرْ ماذا ترى.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا  تحدّيات في طريق الرئيس القادم أميركا  تحدّيات في طريق الرئيس القادم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab